التنسيق الأمني الذي لا يتوقف

التنسيق الأمني الذي لا يتوقف

نجح الاحتلال الصهيوني في غرس خنجر مسموم بنصل طويل في قلب المجتمع الفلسطيني لكنه مغلف بادعاءات كاذبة واختار له اسم يخفف حقيقته “التنسيق الأمني”.

وكلمة تنسيق تعني وجود علاقة بين جهتين متكافأتين تجريان بين بعضهم البعض تبادلا في مجال المعلومات الأمنية.

وفي أرض الواقع استخدم الاحتلال والسلطة الخدمات المدنية التي تفرض الاتفاقات الدولية على الاحتلال القيام بها لصالح الشعب المحتل، لتبرير استخدام مصطلح التنسيق الأمني، وإن كان الأمرين مختلفين تماما.

وبدلا من أن تكون الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية لخدمة المجتمع الفلسطيني وحفظ أمنه، نجح الاحتلال بالتعاون مع رئيس السلطة محمود عباس ومنذ قدومه عام 2005 بتحويل هذه الأجهزة لمليشيا مسلحة تعمل كوكيل محلي لقوات الاحتلال.

ولسنوات طويلة بذل عباس كل ما في وسعه لترسيخ الخيانة التي تمارسها مليشياته، مقابل تمكين حكمه، وهو الشخصية الفلسطينية الضعيفة او الأضعف او حتى الصوص منتوف الريش كما كان يصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون.

وكان شارون يتندر على عباس لانه لم يستخدم السلاح في يوم من الأيام، ويصفه بالصوص منتوف الريش !!.

وضغط الاحتلال على الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي ما ترك السلاح يوما ليعين عباس رئيسا للوزراء، حتى اذا ما تمكن عباس حينها وقدم استقالته كضغط على الرئيس المحاصر، كتب عليها أبو عمار “اذهب يا كرزاي غير مأسوف عليك”، وكان كرزاي قد أصبح اسما مرادفا للخيانة والعمالة للأجنبي، بعد أن عينته أمريكا رئيسا لأفغانستان بعد غزوها للبلاد عام 2002.

وكسنة من سنن الحياة، اقترب عباس من نهايته، السياسية، وأحس بدنو الأجل، وراح يكافح ليحافظ على ملك أبنائه من بعده، دون أن يعي أن ورقته قد انتهت، وأن مصيره إلى مزابل التاريخ، ولم يجد ما يضغط به ليقول أنا هنا سوى ورقته القديمة البالية، التي استخدمها 60 مرة لتثبت 60 مرة أنه كاذب مخادع خائن للوطن والقضية.

وأعلن عباس من جديد تعليق الاتفاقات مع الاحتلال الصهيوني بما فيها التنسيق الأمني، وهو ما فتأ سابقا أن يعلن انه أمر مقدس لا يمكن وقفه، وبالفعل لم يتوقف التنسيق الأمني دقيقة واحدة، لأنه بكل بساطة أصبح خارج سيطرته، ولا يمكنه فرض قراره على مليشيا التنسيق الأمني، التي تأتمر بأمر الاحتلال.

وفي آخر أوامر الاحتلال لهذه المليشيا في سياق ما يسمى “التنسيق الأمني”، قال الصحفي الاسرائيلي في موقع المنيتور الامريكي شلومو عن قصة الفتاة الفلسطينية آلاء بشير معلمة القرآن ابنة 23 عاما من قرية جينصافوط قرب قلقيلية التي تم اعتقالها على يد قوات الأمن الإسرائيلية بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية انتحارية في إسرائيل مع أنها اعتقلت قبل شهرين على يد أجهزة الأمن الفلسطينية بناء على معلومات أمنية أرسلتها إسرائيل للسلطة.

وفي أعقاب اعتقالها لدى “مليشيا الاحتلال المحلية” ثار المجتمع الفلسطيني المسلم الشرقي الذي لا يقبل اعتقال النساء.

وقال الصحفي الإسرائيلي إن أجهزة أمن السلطة اضطرت للإفراج عن آلاء بشير تحت الضغط الشعبي، حتى قرر الجيش الاسرائيلي القيام بذلك بصورة انفرادية حيث دخل قرية آلاء واعتقلها بعد يومين من خروجها من سجون السلطة.

كان هذا الاعتقال قبل أيام قليلة فقط من ضغط إسرائيلي كبير في مدينة القدس المحتلة، حيث أمر بنيامين نتنياهو قواته بهدم منازل الفلسطيني بطريقة استعراضية احتفالية تساعده في وقف نزيف الأصوات التي يتعرض لها في استطلاعات الراي قبيل الانتخابات المقررة.

وعلي إثر الاستعراض، وكون القدس خط أحمر حتى عباس لا يستطيع الوقوف امامه مكتوف الايدي، قرر الأخير استعمال كرته المحروق وإعلان وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

وكما هو متوقع، لم تكترث إسرائيل لجعجعات عباس واستمر التنسيق الأمني مع المليشيا الأمنية المحلية، بل ظهر التنسيق الأمني أكثر غرورا من السابق، وبدلا من افراج السلطة عن المعتقلين ليعتقلهم الاحتلال بعد أيام من منازلهم، قرر هذه المرة اعتقال أحدهم “محمود خاروف” وهو في طريق عودته لمنزله بعد 78 يوما من الاعتقال في سجون مليشيا التنسيق الأمني.

وبين اعتقال الفتاة آلاء بشير واعتقال محمود خاروف قبل وبعد قرار عباس تعليق العمل بالتنسيق الأمني، يتأكد للجميع أن السقوط في وحل الخيانة بمسمى “التنسيق الأمني” لم ولن يتوقف إلا بجهود فلسطينية جمعية تنبذ الخونة وتعيد للقضية طهارتها.

إغلاق