عن التخبط في وزارة الصحة

عن التخبط في وزارة الصحة

رام الله – الشاهد| كتب د. عقل أبو قرع : ما زال التخبط والقلق والخوف مما يخبأه فيروس كورونا يسود الوضع عندنا، سواء عند الجهات الرسمية وبالأخص وزارة الصحة ولجان الأوبئة، أو عند الناس، ومن الواضح أن عدد الاصابات اليومية ما زال بالآلاف.

 

ومن المتوقع أن يتواصل خلال الايام أو الاسابيع القليلة القادمة على الاقل، وهذا ينطبق على عدد الأسرة التي يتم اشغالها في المستشفيات وبالأخص الاصابات الخطيرة وفي غرف العناية المكثفة، وبالتالي سوف تزداد أعداد الوفيات، ويزداد الانتشار والخوف من هذا الفيروس الذي أرهق العالم ونحن منهم.

 

وفي خضم هذا الوضع الوبائي المتواصل، وبالنظر الى دول عديده في العالم تحركت من أجل محاصرة أو التعامل بقوه مع هذا الفيروس، ومنها من نجحت على الاقل حتى الوقت الحالي، في الحد من أثاره الوخيمة.

 

ومنها دول ذاقت الامرين وما زالت أعداد الاصابات والوفيات في تزايد فيها، وما زال التخبط في القرارات هو السائد عندها، في ظل ذلك وبناء على تجارب الاخرين، فما هو المطلوب منا، وما هي الاولويات التي من المفترض التركيز عليها.

 

الأولوية الاولى وبدون جدال هي التطعيم وبكثافه، أو الحصول على اللقاحات وعلى أكبر عدد ممكن منها، ومن مختلف المصادر، سواء أكانت من الشركات أو من الدول، وحتى لقاح أسترازينكا تم التأكيد عليه خلال الايام الماضية بأنه لقاح أمن وفعال ولا توجد علاقه ما بين تجلط الدم عند بعض الاشخاص وبين استعمال اللقاح، والحصول على اللقاحات يتطلب توفر الاموال والتواصل والتأثير.

 

ولنجاح برنامج التطعيم يتطلب كذلك وجود البنيه اللوجستية لإيصال اللقاح الى من يستحقه، أي وجود أدوات التخزين والنقل ومراكز التطعيم.

 

وكذلك وصول اللقاح الى من يستحقه في هذه الاثناء، أي الى كبار السن والمرضى والكوادر الصحية وغيرها من الاولويات، تلك التي اتبعتها دول وما زالت ونجحت في ذلك، ولا داعي للذكر أن إسرائيل قد حصلت على أكثر من 15 مليون لقاح ومن مصادر مختلفة وتم إعطاؤه حسب من يستحق في البداية وصولا الى حوالي نصف السكان الان.

 

وأن الولايات المتحدة قد أعطت حوالي 100 مليون جرعه من اللقاح حتى الان ولمن يستحق وبريطانيا الى أكثر من 20 مليون شخص، والجميع تم من خلال سلم اولويات معد مسبقا وبمنتهى الوضوح والشفافية وبعيدا عن المحسوبية والواسطة والمنصب.

 

والأولوية الاخرى، هي الانتباه وبشده الى أعداد المرضى في المستشفيات وبالتالي الى أعداد الأسرة المتوفرة فيها، والى الأجهزة المساعدة وبالأخص أجهزة الاكسجين أو التي تنتج الاكسجين،  لأن وصول القدرة الاستيعابية للمستشفيات الى أكثر من 100%  كما هو الحال الان عندنا، هو ليس مقلقا وبل أمرا مرعبا.

 

وهناك دول قريبه وبعيده منا انتبهت الى هذا الامر مبكرا وقامت بإنشاء المشافي الميدانية وبل بمضاعفة عدد الأسرة للمرضى، وهذا من المفترض أن يتم عندنا، وبالأخص أن مؤشر عدد المرضى الذين يرقدون في المستشفيات من أكثر المؤشرات تخوفا من انهيار القطاع الصحي.

 

ورغم أن المبادرات الحديثة من البلديات بإنشاء مستشفيات ميدانية بأعداد قليله هي مبادرات يتم الثناء عليها، الا أننا نحتاج الى المزيد، وبالأخص أن الاكتظاظ كان موجود وبالأخص في أقسام الطوارئ قبل هذه الجائحة.

 

ومن الاولويات الاخرى والاهم، وفي ظل شحة المصادر والامكانيات، كان وما زال هو التركيز على الوقاية والتوعية وبقوه من أجل الوقاية، وبالأخص من الناس وأصحاب المنشآت والمصالح.

وفي ظل غياب اتباع الاجراءات الوقائية البسيطة، وهي الكمامة والتباعد لمترين والابتعاد عن التجمعات، فلم ولن تجد الاغلاقات في الحد من الاصابات، بأنواعها، سواء إغلاقات شامله أو جزئيه أي ايام الجمعة والسبت، أو الاغلاقات الليلية، أو اغلاقات ذكية أو غير ذكية.

 

ومن شاهد مدينة رام الله يوم الخميس السابق مثلا، حيث فتحت القطاعات، ومن شاهد كثافة البشر، يعرف أن كل الاغلاقات لن تجدي في ظل عدم التزام الناس أو على الاقل عدم اقتناعهم بأهمية الالتزام بالوقاية.

 

ومن الواضح وفي ظل هذا التخبط والعجز، أن العالم وأمام هذا الواقع وامكانية ظهور فيروسات أو أوبئة قد تكون اشد فتكا من الفيروس الحالي، فأن هناك الحاجه الملحة الى الاستثمار في القطاع الصحي وبشكل استراتيجي.

 

ومن أولوياته في الميزانية ومن  كوادر بشريه ومن أسره وغرف عنايه وتبعاتها من أجهزه، ومن مختبرات ووسائل فعاله لإحضار العينات، ومن نظام معلوماتي متكامل محوسب، تستطيع من خلاله الحصول على المعلومة بفعالية، ومن أنظمه أداريه للمساءلة والتعلم والتقييم.

 

والاهم الاستثمار بعيد المدى في وسائل التوعية الصحية والوصول الى الناس لإيصال المعلومة بدقه، ومن أنظمة الرعاية الصحية الأولية، القائمة وبشكل أساسي على مبدأ الوقاية وبالأخص من فيروسات مستقبليه قد تصيب البشرية بالعجز.

إغلاق