واشنطن بوست: الفلسطينيون نفذ صبرهم تجاه سلطة هرمة

واشنطن بوست: الفلسطينيون نفذ صبرهم تجاه سلطة هرمة

الضفة الغربية – الشاهد| نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً لها سلطت فيه الضوء على الاحتجاجات التي تشهدها مدن الضفة الغربية منذ أسابيع ضد سلطة محمود عباس، وأجهزته الأمنية التي اغتالت الناشط نزار بنات وقمعت وتحرشت بالمتظاهرين والمتظاهرات.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي نشرته صباح اليوم الأربعاء: "تواصلت الاحتجاجات على مدار الأسبوعين الماضيين في الضفة الغربية ضد السلطة الفلسطينية فقد احتشد المئات من المتظاهرين الفلسطينيين في رام الله، مُجدِّدين الدعوات ضد رحيل السلطة وزعيمها محمود عباس".

وأضافت: في مسيرة يوم السبت الماضي، لم يواجه المتظاهرون تلك الأشكال من التحرشات والعنف التي قابلتهم بها قوات أجهزة السلطة في الأسابيع الماضية، لكن في الأيام التالية اعتقل عدد كبير من النشطاء والمحامين والأكاديميين من أجهزة السلطة والقوات الإسرائيلية، اللتين لطالما عملا معاً بتنسيق أمني وثيق.

وذكرت الصحيفة أن الاضطرابات اشتعلت على خلفية القتل الجليّ للناشط الفلسطيني البارز نزار بنات، ووفقاً لشهود، احتجز بنات واعتدي عليه بالضرب العنيف بواسطة أجهزة السلطة في مداهمة قبيل فجر يوم 24 يونيو الماضي، وبعد ساعات قليلة علمت عائلته أنه توفي في مكان احتجازه.

أشعلت ظروف وفاته الغضب الشعبي، ما دفع الآلاف إلى النزول إلى شوارع الضفة الغربية، قوبِل غضبهم بالقمع المفرط بشكل كبير من جانب السلطة الفلسطينية، مع استهداف أجهزة السلطة الأمنية الصحفيين والمتظاهرين، واعتقالهم تعسفياً.

تشير الصحيفة في تقريرها أن اغتيال بنات كان بمثابة صب للبنزين على نار الغضب واسع النطاق إزاء السلطة الفلسطينية وعباس، الذي يعتلي السلطة منذ 16 عاماً.

وتقول الصحيفة: "تعكس الاحتجاجات، إلى جانب الدعوات المتنامية لإضراب عام، الإحباط المتزايد من الفساد المستشري وانعدام الكفاءة لدى قيادة السلطة".

وأضافت: "يأتي ذلك بعد الإلغاء المفاجئ للانتخابات الفلسطينية -الأولى منذ 15 عاماً- التي كان من المقرر عقدها في ربيع وصيف العام الجاري، في وقت تظهِر فيه استطلاعات الرأي أن عباس ومؤيِديه يفقدون التأييد".

وتوضح الصحيفة أن عباس يترأس سلطة آخذة في الاستبداد، وقد أشعل قراره بإلغاء الانتخابات، المؤجلة في الأصل، سخط نشطاء مثل بنات، وأبرز فقدان الشرعية السياسية للحاكم الذي يستمر في منصبه منذ زمن طويل، تلك الشرعية التي يقول عنها النقَاد إنها تقوم بدور المتواطئ مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وتنقل الصحيفة عن نضال بيطار وحازم يونس أن السلطة "تحولَت إلى شركة خاصة غارقة في الفساد المالي والإداري". وأضافا: "لقد تكيفت مع الاحتلال، إذ تعمل مع السلطات الأمنية الإسرائيلية بصورة وثيقة، وتلعب دوراً وظيفياً من أجلها".

أدان مسؤولو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة اغتيال بنات، وحثوا السلطة الفلسطينية على إجراء تحقيق شفاف، لكن محلِلين يشكون في أن الأطراف الدولية سوف تسعى إلى أيِ تحول كبير في سياسات عباس.

وتنقل الصحيفة عن عمر عبدالرحمن، من مركز الدوحة التابع لمعهد بروكينغز: "حتى مع انهيار اتفاقية أوسلو، وأنها لم تعد تخدم غرض تسهيل عقد اتفاقية سلام، فإن التنسيق الأمني للسلطة مع الجيش الإسرائيلي يستمر كشرط للدعم المتواصل الموجه إلى الضفة الغربية". وأضاف: "خلق هذا نوعاً من الحصانة للسلطة الفلسطينية في التعامل مع مواطنيها".

ترى الصحيفة أن الموجة الأخيرة من الاحتجاجات جلبت مقارناتٍ مع الانتفاضات ضد الأنظمة العربية، وقال جهاد حرب، المحلل السياسي في رام الله: "إن الظروف الاقتصادية السيئة، وتفشي البطالة، وغياب الأفق أمام الشباب، كلها مكونات لانفجار محتمل". وأضاف: "هذه اللحظة شبيهةٌ للغاية بنقطة الغليان التي انفجر عندها الربيع العربي في 2011".

هذه الظروف السياسية تتفاقم مع واقع الاحتلال الإسرائيلي، الذي يضع الفلسطينيين تحت نير القوات الإسرائيلية، بينما يحرمهم من الحقوق المدنية والسياسية نفسها التي يتمتع بها جيرانهم، في مناطق الضفة الغربية والقدس الشرقية، يجد النشطاء الفلسطينيون أنفسهم باستمرارٍ في مواجهة دولةٍ إسرائيلية وحركة استيطان يهودية عازمة على مصادرة أراضيهم ومنازلهم.

تقول الصحيفة الأمريكية إن المحتجين الفلسطينيين يواجهون ليس فقط معركتهم من أجل النجاة، بل يحملون معهم أيضاً نفاد صبرهم إزاء سلطة هرِمة تزعم تمثيلها للقضية الفلسطينية.

يبحث جيل أصغر من الفلسطينيين عن إجابات جديدة، كان ضجرهم واضحاً في شهر مايو، حين انخرط الفلسطينيون في إضراب عام نادراً ما ينظَم في كل من الأراضي المحتلة والمدن داخل حدود 1967.

قال سالم براهمة، وهو عضو بجماعة "جيل التجديد الديمقراطي"، وهي جماعة شبابية نشطة: "كان الفلسطينيون، بالأخص الشباب منهم، يتوقون بالفعل إلى التمثيل والديمقراطية. نريد أن نبني نظاماً يكون فيه لكل فلسطيني صوت وقدرة على تشكيل المستقبل".

رداً على الاحتجاجات، قد يحاول عباس وحلفاؤه إجراء بعض الإصلاحات السياسية العابرة، بما في ذلك تغيير وزاري وتعيين رئيس وزراء فلسطيني جديد، لكن محلِلين يشيرون إلى الحاجة إلى انتخابات جديدة بعد فجوة زمنية تتجاوز الخمسة عشر عاماً، من أجل تشكيل استيعاب سياسي فلسطيني جديد.

تقول مريم البرغوثي، الكاتبة والناشطة الفلسطينية في رام الله: "مثل إسرائيل، تخاف السلطة الفلسطينية من الوحدة، مثل إسرائيل، تخاف السلطة من حقيقة أن معظم الفلسطينيين الذين يحتجون في الشوارع ليسوا منضوين تحت لواء فصيل سياسي".

وأضافت البرغوثي: "تدعي السلطة أن خوفها يكمن في "حماس"، مرددة خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والخطاب الإسرائيلي الاستعماري. يبدو وكأن الفلسطينيين أصبحوا بيادق على لوحة شطرنج".

إغلاق