رواتب الموظفين.. الضحية المعتادة للفساد المالي داخل السلطة وخضوعها للاحتلال

رواتب الموظفين.. الضحية المعتادة للفساد المالي داخل السلطة وخضوعها للاحتلال

رام الله – الشاهد| يبدو أن رواتب الموظفين العموميين لهذا الشهر ستكون ضحية الازمة المالية التي تقول السلطة انها تعاني منها، حيث مر نحو ثمانية أيام من بداية الشهر الحالي ولا توجد أي معلومات او أفق للإعلان عن صرف تلك الرواتب.

 

ويأتي ذلك في ظل ازدياد الاعباء المعيشية على الموظفين في هذه الفترة، مع انقضاء موسم عيد الاضحى ودخول موسم المدارس، علاوة على تصاعد موجة غلاء الاسعار وخاصة تلك التي ترتبط بالاحتياجات اليومية للمواطنين.

 

وقالت صحيفة الحياة التابعة للسلطة إن سبب تأخر صرف رواتب موظفي السلطة يعود لاقتطاع الاحتلال مزيد من أموال الضرائب التي تجبيها من المواطنين الفلسطينيين لصالح السلطة.

 

وتفاعل المواطنون مع أزمة تأخر الرواتب، حيث اتهموا الحكومة بالتقاعس عن محاربة الفساد الذي ينخر عظم ادارتها للمال العام، متسائلين عن سبب غياب المعلومة الحقيقية والصادقة عن المواطنين وتركهم فريسة الظنون والتوقعات غير الصحيحة.

 

وكتبت المواطنة انعام حماد، متسائل عن سبب غياب وزير المالية ورئيس الحكومة عن طمأنة المواطنين، وعلقت بالقول: "مش عارفة ليش عنا حكومة ووزير مالية و متحدث باسم الحكومة وبالاخر ما بيحكو اشي و بتطلعلنا تسريبات من جرايد ما حدا بيقرأها ومن مواقع انترنت ما حدا بيعرف قرعة ابوها".

 

أما المواطن نضال ضميدي، فاعتبر ان تجاهل الحكومة لمعاناة المواطنين هو تعبير عن عدم تقديرها للمواطنين، وعلق قائلا: "لماذا لم يتكلم عن تاخير الرواتب أحد من المسؤولين كوزير المالية مثلا بشكل رسمي حتى لا يكون هناك مجال للاشاعات ام ان الموظف لا قيمة له في نظر المسؤول".

 

أما المواطن نور ابو كتيلة، فسخر من تصريح سابق لرئيس الحكومة محمد اشتية، حينما خيَّر المواطنين بين المال والوطن، ولم يحصل المواطنون على أي منها، وعلق قائلا: "بدكم وطن ولا مصاري هيك المسؤولين بحكو".

 

اما المواطن أسامه جرار، فأشار الى ان الخلل الحقيقي هو الفساد الكبير في ادارة المال العام، وعلق قائلا: "من أرباح الدخان ومشتقات البترول و الترخيص قادرين يدفعو الرواتب بس متعودين ينهبو الشعب و مش عارفين ينهبو و الشعب مسخمط مصدق انو البلد للفلسطينيين يا عمي البلد الهم".

 

عجز الرواتب

وكان مسئول فلسطيني رفيع المستوى، كشف عن تخوف حقيقي لدى السلطة الفلسطينية، من امكانية عجزها عن توفير رواتب موظفيها بسبب الأزمة المالية التي تمر بها حاليا.

 

ونقل موقع "العين" الإماراتي، عن المسئول في السلطة، قوله، إن السلطة واجهت صعوبات كبيرة في تأمين رواتب شهر يونيو/ حزيران الماضي.

وأضاف "نواجه صعوبات كبيرة الآن في تأمين رواتب الموظفين عن شهر يوليو/ تموز، وإذا تمكنا من تأمينها؛ لا ندري إذا ما كنا سنتمكن من تأمين رواتب الشهر الجاري".

 

 وأرجع المسؤول هذه الصعوبات إلى ثلاثة أسباب رئيسية، هي انخفاض الضرائب المحلية نتيجة أزمة جائحة كورونا، وانخفاض المساعدات الخارجية، وارتفاع القروض من البنوك المحلية.

 

وأوضح المسؤول أن الوضع المالي الصعب للسلطة الفلسطينية دفعها لعدم التصعيد مع حكومة الاحتلال في وقت سابق من الشهر الماضي، بعد قرارها اقتطاع 183 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية.

 

وذكر الموقع أن السلطة الفلسطينية تتوقع عجزًا بقيمة مليار دولار في نهاية العام الجاري؛ استنادًا إلى معطيات رسمية حصل عليها من وزارة المالية.

 

وقدرت حكومة القيادي في حركة فتح محمد اشتية إجمالي نفقاتها للعام 2021 بنحو 5.6 مليار دولار، مقابل إيرادات بنحو 4.6 مليار دولار.

 

ورغم أن السلطة توقعت أن تبلغ المساعدات الخارجية 210 ملايين دولار في النصف الأول من العام الجاري، إلا أنها تسلمت فعليًا 30 مليون دولار فقط.

 

وقال المسؤول: "في حين أننا بحاجة ماسة إلى المساعدات المالية من المانحين، فإننا نلاحظ أن هذه المساعدات في انخفاض، بل في انخفاض حاد".

 

 وأشار الموقع إلى أن "السلطة الفلسطينية تواجه صعوبات في إقناع البنوك المحلية بمنحها المزيد من القروض من أجل دفع رواتب موظفي السلطة الفلسطينية".

 

 وطبقا لمعطيات وزارة المالية فإن الدين التجاري المحلي بلغ 2.3 مليار دولار أمريكي، بينما اقترب حاجز الدين العام من نحو 8 مليارات دولار.

 

 وأضاف المسؤول "سيكون من الصعب جدًا إقناع البنوك بمنحنا المزيد من القروض دون وجود أي أفق لأي مساعدات خارجية قريبا".

 

 

فشل حكومي

وكان الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، إن ضعف الرقابة وعدم وجود خطة حكومية للترشيد والتقشف يفاقم العجز في الموازنة العامة، محذرا من انهيار صندوق التقاعد المالي للموظفين بسبب استدانة الحكومة لأكثر من ـ50% من موجوداته المالية.

 

جاء ذلك خلال جلسة نقاش عقدها، قبل أيام، حول تفاقم العجز المالي والمزمن في الموازنة العامة، والبالغ خلال النصف الأول من العام 470 مليون دولار، وذلك على ضوء استمرار التحديات المالية، واللجوء إلى الاقتراض من البنوك وتفاقم الدين العام.

وذكر الفريق الأهلي أن العجز المالي وصل لمستويات غير مسبوقة، إذ بلغ الدين العام 3.6 مليار دولار بواقع 2.3 دين محلي، و1.4 دين خارجي بسبب قرصنة الاحتلال لأموال المقاصة إضافة الى تراجع المنح والمساعدات لنحو 245 مليون شيكل، من أصل 2.2 مليار شيقل.

 

ولفت الى أنه بلغ إجمالي الالتزامات المالية المترتبة على حكومة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية حوالي 30 مليار شيقل، من بينها 18 مليار شيقل كمتأخرات.

 

وأكد الفريق الأهلي أن النفقات ما زالت مرتفعة، ولا زال هناك إشكالية في توزيع النفقات العامة على القطاعات المختلفة، إذ يستحوذ القطاع الأمني على النصيب الأكبر من النفقات؛ حيث بلغ الإنفاق على قطاع الأمن خلال العام 2020 (3.3) مليار شيقل أي ما نسبته 21%.

 

وأوضح ان هذه الازمة تأتي في ظل استمرار الترقيات والتعيينات الجديدة في القطاع الأمني في ظل التضخم الوظيفي، ووجود نفقات غير ضرورية وغير مبررة كالنثريات في قطاع الأمن والمكافآت السنوية في القطاع المدني، ما يدعو الى ضرورة إعداد خطة شاملة للترشيد في مجال النفقات.

 

 وطالب الفريق بضرورة تكييف النفقات وفق الإمكانيات المتاحة دون التعويل على المساعدات الخارجية التي اتضح انها في تضاؤل مستمر، وإعادة ترتيب أولويات الانفاق، والالتزام بما صدر في قانون الموازنة العامة 2021.

إغلاق