نادية حبش.. نقابية تواجه تفرد السلطة وفساد نقابة المهندسين

نادية حبش.. نقابية تواجه تفرد السلطة وفساد نقابة المهندسين

الضفة الغربية – الشاهد| أيام قليلة تفصلنا عن إجراء انتخابات نقابة المهندسين بالضفة، والتي تشهد دعايتها الانتخابية حالة من الصراع بين الكتل الانتخابية، لا سيما في ظل حالة عدم الرضى التي يبديها المنتسبين للنقابة من أداء مجلسها الحالي والذي يعد الأضعف في الأداء وفي الدفاع عنهم وعن حقوقهم.

وأثارت الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الفلسطينية وتحديداً ما تقوم به أجهزة السلطة من قمع مستمر للمواطنين والمتظاهرين في الميادين العامة بالضفة، التساؤلات حول دور النقابات التي تسيطر على غالبيتها حركة فتح في الدفاع عن منتسبيها الذين يتعرضون لقمع أجهزة السلطة أثناء تعبيرهم عن رأيهم أو مشاركتهم في فعالية وطنية، ناهيك عن الفساد الذي ينخر جسد النقابات.

إذ شهدت الميادين العامة في رام الله خلال الأسابيع الأخيرة اعتداءات متكررة على العديد من النقابيين وفي مقدمتهم المهندسين، فقد اعتدت واعتقلت أجهزة السلطة لعدد منهم أثناء مشاركتهم في الوقفات الاحتجاجية على اغتيال الناشط نزار بنات.

وكان من بين من تم الاعتداء عليهم المهندسة نادية حبش، التي انتقدت سلوك النقابة تجاه ما تعرضت له من قمع وبعض زملائها خلال مشاركة في إحدى الوقفات الاحتجاجية منتصف يوليو الماضي، وأكدت أن مجلس النقابة جبن عن استنكار وشجب الممارسات القمعية.

صندوق الانتخابات

حبش المستمرة في النضال لتحقيق حقوقها وحقوق زملائها في النقابة، اتخذت خطوة مهمة في الترشح لرئاسة مجلس النقابة والتي من المقرر أن تجري انتخاباتها الخميس المقبل.

وقالت حبش في تصريحات صحفية صباح اليوم الأحد: "نحن بحاجة لالتفات كل المهندسات والمهندسين حول نقابتهم وأن يشعروا بأن النقابة هي التي تمثلهم وتدافع عن حقوقهم بعيداً عن العزوف الذي نشهده لأسباب ندركها جميعاً، لكن لكل هؤلاء أؤكد أن صوتهم هو أساس التغيير وعليهم ممارسة هذا الحق النقابي في التصويت".

عملت حبش كمحاضرة جامعية في كلية الهندسة بجامعة بيرزيت، وتم اختيارها كأحد أكثر 50 مهندساً معمارياً مؤثراً في الشرق الأوسط عام 2018، وذلك بعد تميزها في العمل على ترميم الأماكن التراثية في فلسطين، كما ومنعت من السفر بقرار من قوات الاحتلال منذ عام 1988 حتى عام 2017.

كما وحصلت على جائزة حسيب صباغ وسعيد خوري للهندسة 2017، وقادت مشروع ترميم قصور عرابة لمدة 3 سنوات، وأعادت الحياة إلى تلك القصور بعدما كانت مهجورة

وضعت بصماتها في حفظ التراث الفلسطيني القديم، فقامت بترميم سوق الخضار في بيت لحم بين عامي 2013 و2018، بما يتماشى مع روح البناء المعماري القديم للسوق، كما وشاركت في ترميم العديد من الأماكن الأثرية الفلسطينية وفي مقدمتها فسيفساء قصر هشام والحدائق التابعة للقصر.

انتسبت حبش التي تبلغ من العمر 60 عاماً لنقابة المهندسين عام 1982، وكانت أول امرأة في فلسطين والأردن تفوز برئاسة لجنة فرع لنقابة المهندسين مركز القدس.

ضعف المجلس الحالي

الصمت الذي تبديه النقابة منذ فترة طويلة وتقاعسها في الدفاع عن منتسبيها أعاد مجدداً إلى السطح، حالة الفساد الذي ينخر تلك النقابة، ناهيك عن أداء مجلس النقابة التي أجمع منتسبيها على أن أداء المجلس الحالي هو الأضعف منذ أن تم تأسيس النقابة.

ووصل الأمر بالمجلس الحالي هو أول مجلس يرفع قضايا أمام المحاكم على المهندسين على خلفية حرية التعبير، وكان آخر تلك القضايا قيام رئيس النقابة جلال الدبيك برفع دعوى ضد المهندس أحمد اشتية من نابلس بسبب آرائه وكتاباته على منصات التواصل الاجتماعي، وتم إقرار لائحة تأديبية بحق المهندس اشتية.

ويتهم العديد من المهندسين المجلس الحالي بأنه أكثر مجلس تحكمت به حكومات فتح منذ تأسيس النقابة، ناهيك عن أنه لم ينفذ وعوده تجاه المهندس الموظف، بل قام بالتضييق على بعضهم وتحديداً من يخالفون المجلس في الرأي وينتقدون سياساته أو سياسات الحكومات المتعاقبة.

ملفات فساد المجلس الحالي

ملفات الفساد التي تورط بها المجلس الحالي أكثر من أن تحصى، وسنكتفي في السطور التالية بذكر بعض تلك القضايا، والتي كان أهمها قضية المشروع الاستثماري الخاص بمهندسي النقابة (فرع نابلس)، إذ صرفت النقابة مبلغ 550 ألف دينار أردني لتغطية نفقات الجزء المستجد من المشروع، دون الرجوع للهيئة العامة أو المؤتمر العام كما جرت العادة.

وفي تفاصيل القضية، فإن مشروع إسكان شقق رفيديا الذي انطلق منذ 8 سنوات، وتضمن في البداية إنشاء 6 عمارات لحوالي 80 من المنتسبين للنقابة، وكانت التكلفة التقديرية للمشروع مقرة حسب الأصول، إلا أنه وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى استجدت أعمال طرق داخلية وجدار ساندة عالية ومسلحة وحجرية للمشروع.

وأشارت مصادر خاصة في النقابة أن التكاليف الجديدة للمشروع حملت النقابة دين بقيمة 550 ألف ديناراً، موضحةً أن التكاليف الجديدة كان يجب أن تدفع من قبل المنتسبين ولكن مجلس النقابة لم يقم بطلبها، علماً أن بعض المنتسبين لم يقوموا بتسديد ما عليهم من مستحقات مالية، ناهيك عن أن بعضهم قدم شيكات بلا رصيد، وهو الأمر الذي يعكس حجم الفساد في النقابة.

أما قضية الفساد الأخرى فتتمثل في إحالة عطاء مكتب النقابة فرع طوباس إلى أحد المكاتب الهندسية، والتي سبق أن تبرعت بتصميم المشروع، وعند طرح العطاء وتقديم المشروع من أجل التعديلات عليه، تم إحالة العطاء لذات المكتب الذي قدم التصميم بشكل مجاني، وهو ما أثار العديد من الشكوك حول المشروع برمته.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل في اختيار الشخصيات التي تشكلت منها لجنة تعديل النظام الخاصة بمهنة الهندسة، وأشارت تعليقات بعض المهندسين أن مجلس النقابة وضع أحد المهندسين الذي لم يتجاوز خبرته الهندسية الـ 5 سنوات، وليس مصنفاً ضمن الدرجات المهنية العليا، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول معايير اختيار الشخصيات العاملة في لجان النقابة.

مرشحون فاسدون جدد

العديد من القوائم تقدمت للمنافسة في الانتخابات على رئاسة وعضوية مجلس النقابة وفي مقدمتهم قائمة حركة فتح التي يترأسها سامي حجاوي، والذي كان يترأس فرع لجنة نابلس في النقابة، والذي يعد من أوجه الفساد التي ينخر النقابة.

حجاوي حمل سيف الدفاع عن الفساد والفاسدين في المؤسسة وانتقد كل منتسب للنقابة انتقد الفساد بداخلها، والتي كان من ضمنها شتمه على وسائل التواصل الاجتماعي لأحد المنتسبين الذي صور إحدى الاجتماعات الخاصة بالنقابة فرع نابلس واتهمه بالخيانة، ناهيك عن مسؤوليته المباشرة في قضية ملاحقة المهندس أحمد اشتية وتجهيز ملف بانتقاداته للنقابة وتقديمها لمجلس النقابة لإصدار مذكرة تأديبية بحقه.

تشير الاحصائيات الرسمية إلى أن عدد المهندسين الذين يحق لهم الانتخاب لنقابة المهندسين لعام 2021، بلغ قرابة الـ ٢٢ ألفاً، 5 آلاف منهم في محافظة نابلس وحدها.

إغلاق