الأزمة المالية للسلطة.. تعدد الفساد والمتضرر واحد هو المواطن

الأزمة المالية للسلطة.. تعدد الفساد والمتضرر واحد هو المواطن

رام الله – الشاهد| مع حلول كل مناسبة عامة أو خاصة يتصدر فيه قادة السلطة، بات حديث الأزمة المالية متكررا بشكل لافت، لكن أخطر ما في الأمر أن هذا الحديث يرتبط تلقائيا بإعلان السلطة إجراءاتها للتغلب على هذ الأزمة على حساب الفئات الضعيفة في المجتمع كرواتب الموظفين ومخصصات الشئون وقطاعات مهمة كالتعليم والصحة والمقاولات وغيرها.

 

هذا التقليص الذي تمارسه السلطة هو أحد أسهل الحلول التي يمكن اللجوء لها، رغم أنه ليس حلا حقيقيا، إذ أن تقليص فاتورة الأجور والمخصصات الاجتماعية ومخصصات القطاعات الحيوية لن يحدث فرقا لصالح إنعاش الخزينة العامة للسلطة، فضلا عن كونه مساسا بحق المواطن في حياة كريمة له ولأسرته.

 

ويسوق قادة السلطة بعضا من موجبات هذه الازمة بقولهم إنها مرتبطة بإحجام المانحين عن دعم السلطة، متناسين أن البيانات المالية للسلطة والمنشورة على مواقعها الالكترونية، تفيد بأن نحو 80% من ايراداتها تأتي من جيوب المواطنين عبر الضرائب والرسوم الباهظة التي أرهقت كاهلهم في كل تفاصيل حياتهم اليومية.

 

كما أن قادة السلطة يقفزون عن حقيقة أن امتناع المانحين عن دفع الأموال لها يأتي على خلفية ضجر الغرب والشرق من الفساد المستشري في السلطة بشكل كبير جدا، فضلا عن عدم وجود آلية لمراقبة المال العام ومحاسبة ناهبيه وسارقيه.

 

ومن وجهة نظر المواطنين، فإنه يستحيل فهم وجود هذه الأزمة في ظل سباق محموم لتعيين وترقية كبار المسئولين وعائلاتهم والمقربين منهم، فلا يكاد يمر يوم دون الإعلان عن تعيين سفير هنا او هناك، او ترقية مسئول او أحد من اقاربه، كما حدث قبل أيام بتعيين ابنة مديرة انتصار أبو عمارة وهي مسئولة مكتب محمود عباس سفيرة للسلطة، تزامنا مع تعيين ابنة جمال محيسن سفيرة هي الأخرى.

 

وأكد الناشط في مكافحة الفساد عز الدين زعول، إن ما يتحدث به قادة السلطة عن الأزمة المالية  هو أمر يراد منه إذلال الشعب الفلسطيني وقهر الموظفين البسطاء، لافتا الى أن السلطة تزيد من هموم الموظفين بينما تتجاهل الحيتان الذين نهبوا المال العام.

 

وذكر أن السلطة تتعمد البكاء على الأزمة المالية من أجل جلب المزيد من الدعم العربي والأوروبي، مشيرا الى أن السلطة لديها أموال طائلة، لكنها تتعمد إشغال المواطنين بالبحث عن قوت يومهم، معتبراً ذلك "ضمن نهج الترويض للشعب الفلسطيني القائم منذ أكثر من 27 سنة.

 

وقال إن السلطة التي تتذرع بوجود أزمة مالية وتتبع سياسات تقشفية صعبة ضد الموظفين البسطاء، فإنها تواصل دفع رواتب للمناصب العليا ومصروفات ضخمة لمسئوليها بأكثر من مليار و200 مليون دولار سنويا.

 

بدوره، أكد الناشط ضد الفساد فايز السويطي، أن السلطة تستخدم ورقة توظيف عظام الرقبة لسرقة المال العام، ودفع رواتبهم لهم، مشيراً إلى أن 85 بالمائة من موازنة السلطة هي من جيوب الشعب الفلسطيني.

 

وأوضح السويطي أن ممارسات السلطة وتعيينات عظام الرقبة تندرج في سياق الفساد السياسي والإداري، منوهاً إلى أن السلطة غيبت المجلس التشريعي، من أجل التفرد بالقرارات والتعيينات كيفما تشاء.

 

وكشف أن نشطاء مكافحة الفساد طالبوا السلطة بإقرار ثلاثة قوانين لمحاربة هذه الظاهرة، والتي تتمثل بحق الحصول على المعلومات والسؤال "من أين لك هذا؟"، وتحديد معايير تعيينات الفئات العليا، لكن الأخيرة رفضت ذلك.

 

بكاء بسبب الأزمة المالية

الوظائف جاءت في الوقت الذي تستفيض فيه السلطة في الحديث عن أزمة مالية خانقة تمر بها في الوقت الحالي، يبدو أن سلوكها الإداري والمالي على أرض الواقع يخالف تماما ما تدعيه، إذ باتت الترقيات والتعيينات في المناصب العليا للمقربين وعظم الرقبة خبرا يوميا على الساحة الفلسطينية.

 

ومن شأن هذه الترقيات والتعيينات ان تزيد العبء المالي على السلطة بشكل كبير، إذ ان رواتب هذه الوظائف الرفيعة تتجاوز عشرات آلاف الشواكل، فضلا عن البدلات المالية والنثريات التي تدفعها السلطة لهؤلاء المسئولين.

 

تعيينات على المقاس

وكان الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان، أكد أن التعيينات والترقيات في السلطة يسيطر عليها الحزب الحاكم ويعين فيها موالين له، مؤكداً أن هناك تفرد من رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس بتعيين معظم رؤساء الهيئات الحكومية.

وشدد أمان في مؤتمره السنوي بعنوان "نزاهة الحكم ومكافحة الفساد السياسي" الذي عقده مطلع سبتمبر الماضي، على أن الخلفية الأمنية تبرز كمعيار أساسي في تعيين المحافظين وليس على مبدأ الكفاءة.

 

وكشف أن لديه ملاحظات عن إساءة استخدام السلطة في بعض التعيينات أو إنهاء خدمات بعض الأشخاص دون أسباب مهنية معلنة مثل إقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد ومحافظ سلطة النقد ورئيس المكتبة الوطنية.

 

وأوضح أمان أن شغل الوظائف العليا يستمر لبعض الأشخاص لسنوات طويلة مثل السفراء والمحافظين وبعض قادة أجهزة السلطة الأمنية ورؤساء بعض المؤسسات العامة غير الوزارية، وهذا من الممكن أن يخلق حتماً علاقة مباشرة وشخصية مع دوائر عملهم ما يوفر فرصاً لتضارب المصالح.

 

وبين أن هناك احتكار واضح للتأثير العالي من قبل فئة قليلة من المتنفذين المقربين من دائرة صنع القرار مع تغييب لأطراف مجتمعية مؤثرة يمكن أن تساهم في بلورة القرارات لتصب في المصلحة العامة وتعزز ثقة الأفراد بالحكم.

 

الائتلاف أشار إلى أن هناك قادة أجهزة أمنية تجاوزوا المدد القانونية المنصوص عليها لهم كمنصب رئيس جهاز الأمن الوقائي والمخابرات العامة، ومدير عام الشرطة له أكثر من 13 عاماً في المنصب وقائد الأمن الوطني حوالي 10 سنوات.

إغلاق