بسبب الفساد وتغول السلطة.. نزوح جماعي واستقالات للقضاة

بسبب الفساد وتغول السلطة.. نزوح جماعي واستقالات للقضاة

رام الله – الشاهد| مع استمرار الفساد المتفشي في المنظومة القضائية، لم يجد القضاة أمامهم سوى تقديم استقالاتهم والانسحاب منها، بعد أن أيقنوا باستحالة إصلاحها في ظل الظروف الحالية وذوبانها في منطق المصالح الذي ربط بين مسئوليها ومسئولي السلطة.

 

ويبدو أن هذه الاستقالات سيكون لها ما بعدها، من ناحية تفجير شرارة الاحتجاج داخل الجسم القضائي بكل مستوياته وتفاصيله، إذ أن ما يحدث يؤكد أن انهيار المنظومة هي مسألة وقت لا أكثر.

 

وقدم 4 قضاة استقالاتهم خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2021، بحسب ما وثقته جريدة الوقائع الفلسطينية في أعدادها المنشورة، بينما أصدر رئيس السلطة محمود عباس قرارات بقبول الاستقالة وصادق عليها.

 

وأرجع القاضي السابق والمحامي أحمد الأشقر، أن السلطة القضائية تعرضت للهدم من خلال استئثار رئيس السلطة محمود عباس بلطة تعيين المجلس الأعلى الانتقالي، على المقا الذي يريد، مما أفقد القضاء كمؤسسة استقلاله وأفقد القضاة كأفراد استقلالهم.

 

وقال إن الاستقالات جاءت على خلفية تفشي أساليب التضييق على عمل القضاة، فضلا عن مستوى مخيف من الانحدار في استقلال الفرد والمؤسسي للقاضي، مضيفا أن هذا الأمر أدى لعدم شعور القضاة بالأمن الوظيفي، وكذلك تراجع حصاناتهم في ظل التعديلات التي أجريت على قانون السلطة القضائية.

 

وأشار بحسب ما نقلته عنه شبكة قدس، الى أن هذه التعديلات أعطت المجلس صلاحيات كبيرة جدًا في عقاب القضاة دون مساءلة، ما أدى إلى تنامي الرغبة لدى شريحة من القضاة للاستقالة، وأيضًا إلى عزوف المحامين عن التقدم في المسابقات القضائية، ولا سيّما المحامين المزاولين للمحاماة لفترات طويلة.

 

ورأى أن التعديلات التي طرأت على عمل السلطة القضائية عبر القرارات بقانون لم تكن إلا لزيادة السيطرة على القضاة، ولم تجنح إلى زيادة رواتب القضاة، بل إلى زيادة الراتب التقاعدي لرئيس مجلس القضاء الذي يتجاوز عمره الـ85 عامًا.

 

وفي شهر نوفمبر 2019، أحال مجلس القضاء الأعلى الانتقالي المحامي الأشقر، وكان قاضيًا، إلى المجلس التأديبي على خلفية مقالٍ كتبه حول انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة ولاية حكومة رئيس الوزراء حينها رامي الحمد الله، وفي عام 2021، أصدر الرئيس محمود عباس قرار رقم (5) أحال فيه 6 قضاة إلى التقاعد المبكر منهم أحمد الأشقر ورائد عصفور.

 

فساد القضاء

وكان عضو نقابة المحامين السابق ورئيس المجموعة الدولية للمحاماة بالخليل، سهيل عاشور، أكد أن تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء قد أفسد ثقة القضاة بنظامهم القضائي، فضلا عن غياب ثقة المواطنين بالنظام المعتل.

 

واعتبر أن استمرار تغييب المجلس التشريعي يؤثر سلبيًّا في عمل القضاء لكونه المختص بسن التشريعات ومراقبة عمل السلطات التنفيذية والقضائية، منبّهاً إلى أن القانون أصبح لعبة في أيدي أشخاص متنفذين.

 

وأشار إلى أن مسؤولية فساد النظام القضائي تعود إلى مجلس القضاء الأعلى، مؤكدا أنه صاحب السلطة والنفوذ لحل الإشكالات، لكنه لا يفعل ما يتوجب بل يشهد تراجعاً ملحوظاً مع مرور الوقت.

 

وذكر أن الجهاز القضائي يعاني بطئًا في إنجاز الفصل في القضايا، وهو ما ينعكس على المواطنين ويشعرهم بالظلم وعدم الرضا عن جهاز القضاء النظامي.

 

وأوضح أن قلّة القضاة من أصحاب الخبرة ينعكس على أدائهم، ومن ثم إطالة أمد المحاكمات الخاصة بالمواطنين، وهو ما دفعهم إلى التوجه للقضاء العشائري لسرعة التنفيذ وفصل القضايا.

 

ونوَّه الى أن تردي القضاء النظامي يعود إلى سوء الإدارة المالية والإدارية، الذي يتمثل في قلة عدد القضاة وعدم توفر الأماكن المناسبة للمحاكم، إضافة إلى حاجة القضاة الجدد لمزيد من التدريب ومزاولة المهنة، كي يتمكنوا من إنجاز المحاكمات.

 

وأكد أن كثرة القوانين الصادرة عن السلطة التنفيذية ثم إلغاؤها بعد مدة زمنية قصيرة، تُعيق عمل القضاء، ما ينعكس سلبيًّا على المحامي والمواطن في آنٍ واحد.

إغلاق