أبناء محمود عباس ثروة بالمليارات من دماء الشعب

أبناء محمود عباس ثروة بالمليارات من دماء الشعب

قبل عامين تقريبًا وفي إحدى اجتماعاته الداخلية مع صحفيي القطاع في لقاء نظمه بيت الصحافة، استعرض مسؤول قطري، طبيعة العلاقة التجارية بين شركاته وشركات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشيرا الى وجود ارتباط تجاري مهم.

المسؤول قال في ذلك الاجتماع ، إن إخوان الرئيس وابنائهم يمتلكون الجنسية القطرية، ويخدمون العلم القطري شأنهم شأن بقية القطريين، كما أن شركات أبناء الرئيس في الدوحة تعمل في مجالات مختلفة أحدها كانت مع شركاته.

وأضاف المسؤول في اللقاء، “عملت شركة الدوحة التابعة لأبناء الرئيس مع أحد شركاتي”.

حديث المسؤول الصريح في اللقاء اماط اللثام عن ثراء كبير يتمتع به أبناء الرئيس في الدوحة، وطرق الباب واسعًا امامنا لفتح الصندوق الأسود المتمثل بثروة أبناء الرئيس، لا سيما وأنهم ينشطون حاليا في مجالات أخرى غير اقتصادية، سواء كان في المجال السياسي كنجله الكبير ياسر أو الجانب الرياضي الذي ينشط به نجله الأخير طارق!

لعباس ثلاثة أبناء وهم مازن الذي توفي عام 2002 بنوبة قلبية، ثم ياسر فطارق، حيث بات الأول ينشط إعلاميا من خلال ظهوره في برامج غناء عربية يبدي فيها تضامنه مع فنانين فلسطينيين، كما نشط سياسيا عبر ظهوره المتكرر مع والده في زيارات لدول عديدة كان اخرها زيارة عباس للقاهرة.

اما طارق، فتوجه الى الجانب الرياضي، عبر ترأسه لنادي شباب الامعري بعد محاولات عديدة فشل في أولها، ثم آلت اليه بعد عديد الأموال التي ضخها هناك، قبل ان يتهم بقضايا فساد في ادارته المالية للنادي.

النشاط السياسي والرياضي كان بمثابة أقنعة يخفي أبناء عباس خلفها قضايا رأي عام تتعلق بثرواتهم المالية، خاصة بعد فصل رئيس السلطة محمود عباس لأكثر الشخصيات قربا منه وهو محمد دحلان، على خلفية اثارته لملف “أبناء الرئيس”!

عملية البحث والتقصي حول أموال الرئيس تبدو بالمهمة شبه المستحيلة، غير أن ما يرد من معلومات ومعطيات نشرت بعضها عبر وزارة المالية عن مصاريف الرئيس ومكتبه كافية لوضع تصور حول حقيقة الثراء التي تتمتع بها عائلته.

وتبيّن الأرقام أنّ سفريات الرئيس بلغت 1.2 مليون شيكل شهريا، واستنزفت ما قيمته 2.1% من الموازنة العامة.

واستنزف مكتب الرئيس لوحده 252 مليون شيكل سنويًا، إضافة لـ135 مليون شيكل لمكتب المقاطعة، “وهي تشمل تحركات الرئيس وموظفيه”.

تلك النتائج أيدها، المختص الاقتصادي نهاد نشوان والذي كشف أن حصة مكتب الرئيس توازي 13% من الموازنة في حين أن حصة غزة 14%، ما يعني أن مصروفات مكتب الرئيس محمود عباس توازي ما يصرف على قطاع غزة بكامله من موازنة السلطة، وذلك قبل أن يفرض المزيد من العقوبات والخصومات التي قلّصت كثيرا ما يصرفه على القطاع.

وبالانتقال إلى أبناء الرئيس وما اتصل بهم من شبهات احتكار لعديد السلع، واهمها شركة “فالكون للتبغ” التي تملك حصريا إنتاج السجائر الأميركية بالأراضي الفلسطينية.

ياسر، المولود عام 1962 في دولة قطر، يمتلك عدة شركات استثمارية وتجارية، بعضها له عقود احتكارية مع سلطة أبيه، وتقدر أوساط اقتصادية رأس مالها بمئات ملايين دولارات، دون أن يدري أحد كيف استطاع أن يحقق كل هذه الثروة الكبيرة.

وطبقا لما كشفته صحف أمريكية وبريطانية في فترات سابقة، فإن نجل عباس يدير شركات تدر مليارات الدولارات، من أهمها شركة «فيرست أوبشن» للمقاولات، التي أشرفت على تنفيذ مشاريع بنى تحتية وبناء مدارس وشق طرقات وإنشاء مستشفيات وأبنية للمؤسسات الحكومية.

كما أسس بعد ذلك في الأردن مجموعة فالكون القابضة التي تضم تحت لوائها عدداً من الشركات، هي: «فالكون للاستثمارات العامة» وتعمل في مجال الاتصالات وتحديداً الهواتف الثابتة، و«فالكون إلكترو ميكانيك كونتراكتينغ» ومقرها عمان وتعمل في مجال المحطات والمولدات الكهربائية، وأيضاً تضم المجموعة «فالكون غلوبل تلكوم» و«فالكون توباكو كومباني» المتخصصة باستيراد كافة أنواع السجائر البريطانية، و«فيرست فالكون» للهندسة المدنية والكهربائية والمقاولات والتجارة ومقرها قطر، وكذلك «femc» ومقرها في دبي.

كما يملك شركة مقاولات تسلمها بعد وفاة شقيقه الأكبر مازن عام 2002، وفي عام 2004 أسس شركة للإنجازات الميكانيكية، كما يترأس مجلس إدارة شركة «المشرق للتأمينات» وهي شركة تأمين فلسطينية ابتاعها ومجموعة من رجال الأعمال الأردنيين عام 1999، وتعتبر الشركة الثالثة في مجال التأمين في الأراضي الفلسطينية.

وسبق أن نشرت وكالة «رويترز» تقريراً يكشف عن فوز شركات يديرها أبناء عباس بعقود من الحكومة الأمريكية، لإصلاح طرق، وتحسين صورة الولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية.

وقالت الوكالة إنه ومن خلال مراجعة أجرتها لسجلات داخلية للحكومة الأمريكية بشأن برامج مساعدات في الضفة الغربية وقطاع غزة وجدت أن «شركات للإنشاءات والعلاقات العامة، يديرها طارق وياسر محمود عباس حصلت على عقود بلغت قيمتها مليوني دولار منذ عام 2005، عندما أصبح والدهما رئيساً للسلطة الفلسطينية.

وأضافت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن شركة «فالكون إلكترو ميكانيكال كونتراكتينج»، التي يرأسها ياسر عباس وشركة «سكاي للإعلان» التي يتولى شقيقه طارق منصب المدير العام فيها فازت بعقود من خلال تقديم مناقصات شاملة وعلنية.

وذكرت عشرات الوثائق الأخرى التي حصلت عليها «رويترز» بالتفصيل كيف مولت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مشروعات لدعم حكومة عباس دون أن تكشف عن دورها بذلك.

وكانت المجلة الامريكية “فورين بوليسي”، قد كشفت في تحقيق استقصائي، لها أنّ ياسر يترأس مجموعة “فالكون” الخاصة بالهندسة المدنية والإلكترونيات والهواتف المحمولة، ولديه مكاتب في عدد من المناطق العربية، وفي الضفة الغربية.

وكان ياسر، قد قال في مقابلة نشرت على قناة العربية، إنّه يدفع 25% من إيرادات اعماله لدعم السلطة، دون أن يحصل منها على مقابل، مشيراً إلى أن إحداها وهي شركة «فالكون توباكو» كانت تبيع ما قيمته 35 مليون دولار سنوياً، وزعم أن ما لا يقل عن 90% من هذا المبلغ كان يذهب لخزينة السلطة، والباقي يذهب للموزعين الفرعيين، وأن حكومة رام الله تتقاضى سبعة أو ثمانية أضعاف أسعار التبغ كضريبة وجمارك لخزينتها.

أما طارق عباس فهو صاحب شركة الإعلانات الأكبر في الأراضي الفلسطينية المسماة (سكاي) التي لا تجد صعوبة بزيادة عدد زبائنها، حيث نشرت صحيفة عبرية تقريرا أن الشركة وصلت أرباحها قبل سبعة سنوات لـ5.7 ملايين دولار، وقد منحته الإدارة الأميركية مليون دولار في إطار مشروع لتحسين صورة الولايات المتحدة لدى المجتمع الفلسطيني”، بحسب صحيفة “مكور ريشون” العبرية.

وقدر مراسل صحيفة مكور ريشون (الإسرائيلية) العقارات التي تملكها عائلة عباس بعشرين مليون دولار موزعة على عدد من المناطق العربية، كما أشار إلى أن وثائق ويكيليكس أوردت اسم ياسر عباس فيما كشفته من وثائق مسربة حيث يحوز الابن الأكبر للرئيس عددا من الشقق السكنية الفارهة في رام الله، وفق ما نقل غيبور.

ورغم عديد التساؤلات المطروحة حول ثروة أبناء عباس ومدى استفادتهم من حصانة والدهم، إلّا أن هيئة مكافحة الفساد في رام الله المناط بها مسائلة ومحاسبة المسؤولين والكشف عن ابراء ذممهم المالية، هي واحدة من تلك المؤسسات التي تم السيطرة عليها فعليا من طرف الفريق الحاكم، دون أن تتمكن من المبادرة تلقاء نفسها.

ويشير مستشار مجلس الادارة لمكافحة الفساد “أمان” عزمي الشعيبي، أن القانون يخول الهيئة لمساءلة أي شخصية قيادية في الدولة “من أين لك هذا؟”، لكنها لا تبادر لفعل ذلك وهذه احدى المآخذ عليها.

وقال الشعيبي: “لا يستطيع المواطن أن يسأل المسؤول لكنّ تستطيع الهيئة، ولكنها لا تبادر لفعل ذلك، وتنتظر ان يأتيها بلاغا عن الفساد كي تتحرك”.

ومع ذلك، فإن هناك بطؤ شديد في إجراءاتها بالتحقيق مع القضايا التي ترفع لها، “فمن ألفي شكوى على سبيل المثال لا يحال منها سوى 15 حالة للنائب العام، وهذا يشير الى ضعف شديد بالنسبة لعدد الشكاوى المحالة، وبطء شديد في المعاملات.

وأضاف أن الهيئة تستطيع ان تطلب من القضاء فتح الذمم المالية لأي شخصية يشوبها شائبة مالية، وأن تطلب منه فتح المعلومات المالية، وفتح كشف الحساب السري عن حسابه الخاص.

أمّا القانوني والحقوقي منتصر أبو سلطان، ذكر أنّ لجوء محمود عباس الى حل المجلس التشريعي، كان من أجل توفير حصانة قانونية تمنع مسائلته من المجلس بصفته الهيئة الوحيدة التي يتيح لها القانون مسائلة الرئيس.

وذكر أبو سلطان أنّ مسائلة الرئيس تقع على عاتق التشريعي، لكنّه عطله، وعمليا هو اجراء غير قانوني، وبالتالي يمكن الطعن فيه.

وأشار  إلى أن عباس تلاعب بعديد القوانين عندما فرض حالة الطوارئ، التي تضمن توفير شبكة حماية لفريقه وابنائه.

إغلاق