​إلى أين قاد عباس السلطة الفلسطينية بعد رحيل عرفات؟

​إلى أين قاد عباس السلطة الفلسطينية بعد رحيل عرفات؟

عام 1996 وتحديدًا في 12 فبراير/ شباط أدى الرئيس الراحل ياسر عرفات يمين القسم رئيسا للسلطة الفلسطينية، قبل أن ينتهي بها المطاف إلى محمود عباس رئيسها الحالي الذي انتهت ولايته القانونية في 2009، لكنه باق في منصبه.

وعباس (84 عاماً) يوصف بأنه مهندس اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي سنة 1993، بعدما أدار مفاوضات سرية متجاوزاً الفريق المفاوض برئاسة حيدر عبد الشافي.

وكان عباس قبِل في عهد عرفات منصب رئيس الوزراء الذي يُعتقد على نطاق واسع أن أمريكا فرضته على عرفات أثناء الحصار، وعُيِّن في حكومة استمرت أربعة أشهر من نهاية أبريل/ نيسان حتى بداية سبتمبر/ أيلول 2003.

وورد في خطاب استقالة عباس، بحسب وثيقة نشرتها وسائل الإعلام: “ما دمتم مقتنعين بأنني كرزاي فلسطين وأنني خنت الأمانة ولم أكن على قدر المسؤولية فإنني أردها لكم لتتصرفوا بها”.

وبعد رحيل عرفات في 2004، أصبح عباس رئيسا لمنظمة التحرير وحركة فتح، وتولى لاحقا منصب رئاسة السلطة.

ويقول المحلل السياسي عمر عساف: إن عباس قاد السلطة نحو مزيد من التفرد وإقصاء الآخرين الذين ينبغي أن يكونوا شركاء في الوطن، مضيفا أن الرجل الثمانيني عمق “ديكتاتورية فردية” في الحالة الفلسطينية وعطل المؤسسات الوطنية وحتى الفتحاوية.

ويرى عساف أن عباس وضع منظمة التحرير “على الرف” وبات يستخدمها وقت حاجته، كما أنه عطّل التشريع تقريبا منذ حدوث الانقسام في 2007، قبل أن يعلن حل المجلس التشريعي المنتخب في 2006 الذي تكتسح فيه حركة المقاومة الإسلامية حماس الأغلبية.

ويشير إلى أن رئيس السلطة لا يكرس الديمقراطية الفلسطينية التي يتطلع الفلسطينيون إليها، بل يعزز فرديته.

ويتابع: صحيح أن عرفات مكث في السلطة حتى 2004 لكن عباس مضى على توليه رئاستها 14 سنة ولا يبدو أن هناك أفقا لإجراء انتخابات لرئاسة السلطة أو للمجلس الوطني، منبها في الوقت نفسه إلى أن عباس فشل في استعادة الوحدة الوطنية.

ويقول المحلل السياسي: “عباس هو مهندس أوسلو وهناك مزيد من التنازلات قدمت خلال مسار المفاوضات دون الوصول إلى أي حلول تلبي حتى الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، في ظل تصاعد الاستيطان في عهد عباس الذي أوصل الحالة الفلسطينية إلى طريق مسدود”.

كما أن إجمالي الحالة الفلسطينية تراجعت بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية، بحسب عساف.

من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي خالد صادق: “عباس لم يضف شيئا بعد رحيل عرفات”.

ويضيف صادق: “عباس يتبع سياسة خاصة به لا تتوافق مع المجموع الوطني ولا مع مصالح الشعب الفلسطيني، وهو يؤمن بما يسميه السلام خيارا استراتيجيا مع الاحتلال الإسرائيلي”، مبينا أن هذا المسار لم يحدث أي اختراق جدي لتلبية طموحات شعبنا.

ويوضح أن ذلك أدى إلى تراجع كبير وتدن في مستويات المطالب الفلسطينية التي وصلت لحد خطير على يد عباس.

ويفسر بأن هناك ما يصفه بـ”مساومات” على حق العودة والقدس المحتلة وثوابت الشعب الفلسطيني، قائلا: أصبحنا نسمع عن شرقي القدس وغربيها وعن “الالتفاف” على حق العودة.

وكان عباس صرح مؤخرًا أنه لن يعمل على أن إغراق (إسرائيل) باللاجئين. وفي 2012 تنازل عن حقه في العيش بمدينته صفد.

ويشير صادق إلى أن هذه سياسات ليست موجودة في أجندة أي فصيل وطني على الساحة الفلسطينية، لكن عباس يحاول فرضها على المجموع الوطني من خلال مواقف فردية لا تستند إلى مواثيق أو أعراف أو مطالب فصائلية.

ويأسف صادق على تراجع القضية الفلسطينية “كثيرا” في عهد عباس، مبينا أنه لم يعد هناك ما يستند إليه الأخير، فحتى (إسرائيل) تعد أن “أوسلو” بات خلف ظهرها وتؤكد أنها لن تعيد للفلسطينيين أي حق.

ويدعو المحلل السياسي الفصائل الفلسطينية إلى ألا تبقى “رهينة” لسياسات عباس، وأن تبحث عن حلول.

ويتساءل: لماذا لا تدعو فصائل منظمة التحرير التي لا تقبل سياسات عباس كالجبهتين الشعبية والديمقراطية إلى اتخاذ خطوات إجرائية ضد رئيس السلطة وإلى اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الذي يضم الأمناء العامين للفصائل وإعادة ترتيب وضع المنظمة وفق الآلية المتفق عليها في اتفاق 2005؟

ويؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات “عملية” تتيح فرض أجندة سياسية على عباس حتى لو أدى ذلك إلى “إقصائه” عن السلطة، مشيرا إلى تباين المواقف إلى حد كبير واتساع الفجوة بين معظم الفصائل والسلطة الفلسطينية.

ورد عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على تفاهمات بيروت في يناير/ كانون الثاني 2017 حول المجلس الوطني، بعقده منفرداً في رام الله نهاية أبريل/ نيسان 2018، بينما قابل اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة بأكتوبر/ تشرين الأول 2017، باستمرار فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة.

إغلاق