تهديدات عباس المتكررة للاحتلال.. طُبول جوفاء ودعاية سياسية مكشوفة

تهديدات عباس المتكررة للاحتلال.. طُبول جوفاء ودعاية سياسية مكشوفة

الضفة الغربية – الشاهد | تكررت تهديدات رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس خلال السنوات الأخيرة للاحتلال الإسرائيلي في كل مرة تمر فيها القضية الفلسطينية بمنعطفات خطيرة.

لكن هذه التهديدات التي يطلقها عباس وتتمثل باتخاذ إجراءات ضد الاحتلال ووقف التنسيق الأمني معه، توصف بأنها جوفاء لا رصيد لها وتفتقر لأوراق القوة والضغط سواء على الاحتلال أو على المجتمع الدولي.

وكانت آخر هذه التهديدات اليوم في كلمة متلفزة لعباس خلال مؤتمر "التحرر الذاتي للفلسطينيين.. إنتاج المعرفة المقاومة" بثها تلفزيون "فلسطين" قال فيها "إذا لم تتراجع إسرائيل عن ممارساتها ضد فلسطين سنتخذ قرارات حاسمة سنبحثها في اجتماع المجلس المركزي القادم الذي سينعقد مطلع العام المقبل".

وأضاف عباس أن "استمرار دولة الاحتلال بتقويض حل الدولتين وفرض واقع الأبرتهايد، سيجعلنا مضطرين للذهاب لخيارات أخرى، إذا لم يتراجع الاحتلال عن ممارساته، واتخاذ قرارات حاسمة سنبحثها في المجلس المركزي القادم".

وطالب المجتمع الدولي بالضغط على "حكومة الاحتلال للالتزام بالاتفاقات الموقعة، والسماح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية كما جرت في الانتخابات السابقة".

هذا التهديد شاهد على مفارقة كبيرة، حين يتحدث عباس عن اتخاذ قرارات حاسمة في اجتماع المجلس المركزي، الذي ضرب بقراراته عرض الحائط بوقف التنسيق الأمني والارتباط مع دولة الاحتلال.

القرار الذي اتخذه المجلس المركزي في اختتام دورته العادية الثلاثين في رام الله في الضفة الغربية شهر أكتوبر عام 2018 شمل تعليق الاعتراف بـ"إسرائيل" ووقف التعاون الأمني معها، وكلف منظمة التحرير الفلسطينية بمتابعة هذا القرار وتنفيذه.

كما شمل قرار المجلس المركزي "الانفكاك الاقتصادي على اعتبار أن المرحلة الانتقالية وبما فيها اتفاق باريس لم تعد قائمة".

ويعتبر المجلس المركزي الذي تأسس في العام 1973 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، السلطة التشريعية العليا في اتخاذ قرارات مصيرية هامة، وعلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تنفيذ ما يصدر عنه من قرارات.

وكان من المفترض أن يؤثر القرار على التعاون بين أجهزة السلطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية التي تعمل معا بشكل وثيق في الضفة الغربية في حال تطبيقه، وأي وقف لهذا التعاون قد يزيد المخاوف من تصاعد المقاومة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها المجلس قرارات مماثلة، فقد أقدم على نفس القرارات في اجتماعاته الأخيرة في كانون الثاني/يناير عام 2018 وعام 2015، لكن لم يتم تنفيذها من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس السلطة محمود عباس.

وتأتي هذه التهديدات بعد حوالي شهرين من تهديدات مشابهة أطلقها عباس خلال خطابه أمام الدورة الـ 76 للجمعية العامة في الأمم المتحدة.

اعتراض ومطالبات بالإصلاح

وفي ديسمبر عام 2020 أصدر عباس قرارا بإعادة العلاقات مع "إسرائيل" رغم أنها على أرض الواقع لم تطبقها واستمر التنسيق الأمني قائماً بين أجهزة السلطة والاحتلال.

واحتجاجاً على هذا القرار الذي اتخذ بشكل منفرد من عباس وحركة فتح التي تهيمن على أركان السلطة والمنظمة، قدّمت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي استقالتها من منصبها إلى عباس، في ظل تنامي مشاعر الانزعاج بين أعضاء اللجنة.

وقالت عشراوي إنها قدمت استقالتها لعباس على خلفية "اتخاذه قرار استئناف العلاقات مع إسرائيل في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) من دون الرجوع إلى اللجنة، وبسبب تفرده في اتخاذ القرارات المهمة".

وأضافت في بيان صحفي لإعلان الاستقالة: "لقد آن الأوان لإجراء الإصلاحات المطلوبة وتفعيل منظمة التحرير وإعادة الاعتبار لصلاحياتها ومهامها واحترام تفويض اللجنة التنفيذية التي تعاني من التهميش وعدم المشاركة في صنع القرار.

وأكدت عشراوي أنه لا بد من تداول السلطة ديمقراطيا عن طريق الانتخابات، فالنظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى تجديد مكوناته ومشاركة الشباب، نساءً ورجالاً، والكفاءات في مواقع صنع القرار، والأمانة تتطلب أن يتحمل كل شخص مسؤولياته/ها ويقوم بمهامه/ها بالكامل بكل إخلاص بما في ذلك إتاحة المجال للتغيير المنشود.

من جهته، استنكر عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير نبيل عمرو خطوات السلطة من إعادة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي والدول المطبعة معه، وإيقاف جهود المصالحة الوطنية.

وشدد عمرو على أن السلطة أهملت عمدًا خيارات عديدة، أهمها ترتيب البيت الفلسطيني وبث الروح بالحياة الديمقراطية، وهو ما كان يجب أن دون انتظار ما سيحدث على الصعيد الإقليمي والدولي.

وقال عمرو: "الجميع يعلم أن السبب الجوهري لعودة العلاقات مع إسرائيل هو المال المحتجز لدى إسرائيل، ودون حل هذه المشكلة فإن السلطة ستجد صعوبة في المضي قدما في كون تلك الأموال تمثل ثلثي المدخول المالي للسلطة".

وأضاف أنه "كان بالإمكان اخراج الموقف السياسي، بشكل أفضل من الصورة التي ظهر بها هذا الموضوع".

وعن التخبط في اتخاذ القرار قال عمرو: "لا يوجد لدينا مؤسسة تنتج قرار، والقرارات التي تتخذ يتم اتخاذها بطريقة سريعة وارتجالية وهي ردود فعل فورية".

كما أعلنت فصائل فلسطينية تنضوي تحت مظلة منظمة التحرير انسحابها من جلسات اللجنة التنفيذية اعتراضاً على تفرد عباس وحركة فتح بالقرارات، وتهميش القرارات التي اتخذت بإجماع المجلس المركزي.

تهديدات فارغة

ووصف سياسيون ومحللون هذه التهديدات بالمعتادة والمفرغة، والتي تفتقر لأوراق القوة والضغط على المجتمع الدولي الذي لا يفهم إلا لغة أوراق الضغط والقوة.

وبينوا أن تهديدات عباس للاحتلال جوفاء، وسبق أن تراجعت السلطة وانسحبت في كثير من الملفات كان من المفترض أن تكون أمام المحافل والمحاكم منذ زمن.

كما أشاروا للتهديدات بالتحلل من اتفاق أوسلو المشؤوم الذي لم يحدث والتنسيق الأمني مع الاحتلال مستمر رغم قرارات المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني بالخصوص.

كنز التنسيق

وكان وزير الحرب الإسرائيلي "بيني غانتس" أعلن أنه بذل جهوداً جبارة في سبيل استعادة التنسيق الأمني مع السلطة بعد قطيعة لأكثر من 6 أشهر، فيما وصف الجنرال عاموس جلعاد التنسيق بأنه "كنز".

وقال "غانتس" وفق ما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" حينها: إن "التنسيق الأمني مصلحة مشتركة وأنه سيتم العمل خلال الأيام القليلة القادمة على العودة إلى التنسيق المعتاد وترتيب الأوضاع من جديد".

وأعرب عن أمله بعودة السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات لصالح مستقبل الشرق الأوسط.

بدوره، وصف منسق أعمال حكومة الاحتلال الأسبق في الضفة الغربية "عاموس جلعاد" التنسيق الأمني بـ"الكنز".

وقال "جلعاد" في حديث نقلته القناة السابعة العبرية إن التنسيق الأمني ليس هو السبب الرئيسي للهدوء السائد في الضفة ولكن انعدام التنسيق يشكل عامل ازعاج للجيش كونه يحول طاقاته إلى قطع الطرق وتنسيق ملتف.

إغلاق