“دايتون حولها لأجهزة عميلة”.. باحث: أمن السلطة يتبع استراتيجية “صفر تسامح” مع المقاومة

“دايتون حولها لأجهزة عميلة”.. باحث: أمن السلطة يتبع استراتيجية “صفر تسامح” مع المقاومة

رام الله – الشاهد| قال الباحث السياسي محمود جرابعة إن اتفاقيات أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير وحكومة الاحتلال الإسرائيلي عام 1993 شكلت نقطة تحول في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني.

وأوضح جرابعة في دراسة بعنوان “النضال الفلسطيني في الضفة الغربية وتحدي المأسسة الأمنية”، أن الرئيس الراحل ياسر عرفات اختار بعد حرب الخليج الثانية (1990-1991) وتراجع الدعم العربي وتراكم الضغط الدولي، اللجوء إلى “خيار السلام” مع “إسرائيل” كبديل عن الكفاح المسلح.

وأوضح أن اتفاقات أوسلو ألزمت السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الإسرائيليين في إطار “سلام أمني”، عبر المشاركة الاستخبارية المكثفة والتنسيق الأمني ومنع عمليات المقاومة ضد” إسرائيل”.

وأوضح أن السلطة حرصت على الالتزام بالتفاهمات الأمنية لكي “لا تشكِّل ذريعة” لإسرائيل للتملص من الاتفاقات السياسية، وقامت على إثر ذلك باعتقالات شملت بشكل خاص ناشطي حركة حماس وقادتها، بلغت ذروتها عام 1996 عندما اعتقلت السلطة حوالي 2000 من قادة ونشطاء الحركة في قطاع غزة والضفة الغربية.

وأكمل جرابعة: “مع فشل عملية السلام واستمرار إسرائيل في سياساتها التوسعية، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو ما يطلق عليها انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 بدعم من عرفات، وشاركت الأجهزة الأمنية في المقاومة المسلحة، ما دفع إسرائيل لاجتياح الضفة الغربية، وتدمير جميع مقرات الأجهزة الأمنية ومحاصرة عرفات حتى وفاته عام 2014”.

ومع وصول محمود عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية عام 2005، بدأت عملية لإعادة هيكلة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تحت إشراف الجنرال الأميركي كيث دايتون، بحيث تعمل على إحباط العمليات الفلسطينية على “إسرائيل”، وتفكيك البنية العسكرية ومصادرة سلاح المقاومة في الضفة وغزة.

ونبه جرابعة إلى أن محمود عباس يعتقد أن المقاومة المسلحة أو الانتفاضة الشعبية لن تؤديا إلا إلى المزيد من الدمار والآثار الكارثية على المجتمع والسياسة الفلسطينية، وبالتالي تمسك بإستراتيجيته القائمة على المفاوضات كطريق وحيد للوصول إلى إقامة دولة فلسطينية.

وأكد أنه منذ الانقسام عام 2007، اتبعت السلطة الفلسطينية إستراتيجية “صفر تسامح” مع كافة أشكال النضال في الضفة الغربية والتي لا تتفق مع رؤيتها، بهدف تجفيف المقاومة وقمعها قبل تشكلها أو تحولها إلى حركات جماهيرية واسعة يمكن أن تتحدى السلطة أو تؤدي إلى إسقاطها.

وبناء على التنسيق الأمني، تسهل السلطة الفلسطينية، كما يقول جرابعة، في كثير من الأحيان دخول الجيش الإسرائيلي إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها لتنفيذ عمليات اعتقال أو اغتيال للنشطاء الفلسطينيين، كما يتبع الطرفان ما يطلق عليها “سياسة الباب الدوار”، حيث يجري اعتقال الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي فور إطلاق سراحهم من سجون السلطة الفلسطينية، أو العكس.

وتعتقل أجهزة السلطة -وفق بيانات حقوقية- أكثر من 150 مواطنا، بينهم مقاومون ومطاردون من قبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكتاب وصحفيون، وترفض الأجهزة الإفراج عنهم، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة.

وتحولت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من المشاركة في المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى عام 2001 إلى ملاحقة المقاومة واعتقال عناصرها بالضفة في آخر 18 عاما بفعل بحث قياداتها عن امتيازات خاصة.

وتأتي اعتقالات السلطة والاشتباكات مع المقاومين بالتزامن مع حرب إسرائيلية على قطاع غزة خلفت أكثر من 30 ألف شهيد، وحملة إسرائيلية ضد الضفة الغربية أدت لاستشهاد 445 فلسطينيا واعتقال 7500، بينهم نساء وأطفال.

إغلاق