
12:25 pm 31 أكتوبر 2022
نقابة المحامين: مرسوم عباس بشأن القضاء جزء من الانفلات التشريعي

الضفة الغربية – الشاهد| اعتبر أمين سر نقابة المحامين داود درعاوي، إصدار رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس قراراً بشأن إنشاء مجلس أعلى للهيئات والجهات القضائية برئاسته، بأنه جزء من الانفلات التشريعي الذي يقوض مبدأ الفصل بين السلطات.
وحذر درعاوي في تصريحات صحفية من أن ذلك القرار يهدد النظام الدستوري الفلسطيني ويؤسس لنظام دكتاتوري، ومعتبراً إياه بأنه محاولة من البعض لجمع كافة خيوط الحكم والسلطة بيده، استباقا لأحداث كبيرة قد تنشأ ما بعد رحيل عباس.
وأشار إلى أن هذا جاء في سياق ممتد منذ سنوات، خاصة فيما يتعلق بالسلطة القضائية ومحاولة احتكار وتوظيف الأدوات التشريعية في غير سياقها، من خلال "بعض المتنفذين في مكتب عباس الذين كانوا خلف القرارات بقانون التي أدت لتحركات نقابية وتوتر في الشارع الفلسطيني.
من جانبه، ذكر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) أنه ينظر بخطورة بالغة المرسوم بتاريخ 28/10/2022، وطالب بإلغائه احتراماً لأحكام القانون الأساسي ووثيقة الاستقلال.
واعتبر الائتلاف المرسوم الرئاسي بانه يمثل حالة من الانقلاب على أحكام القانون الأساسي الفلسطيني وإدارة الظهر للمبادئ التي تضمنتها وثيقة إعلان الاستقلال من خلال مساسه بمفهوم الدولة الديمقراطية، ومبدأ سيادة القانون والفصل ما بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، واستمرار إمعان السلطة التنفيذية واستسهالها خرق القانون الأساسي، في محاولة للهيمنة والسيطرة على مفاصل الحكم بما يمس مبدأ نزاهة الحكم.
وقال "على الرغم من الحراكات المجتمعية التي سبقت إقرار عدة قوانين أضعفت من استقلال القضاء، كان آخرها قرار بقانون رقم (40) لسنة 2020 م بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002م، إلا أن الرئيس الفلسطيني ما زال يصدر مراسيم وقرارات بقانون تمس استقلالية السلطة القضائية التي كفلها القانون الأساسي".
وأضاف ائتلاف أمان بأنَّ هذا المرسوم جاء نتيجة الاعتداءات السابقة على مبدأ وحدة السلطة القضائية، وفقا لما نص عليه الباب السادس من القانون الأساسي الفلسطيني، الذي تم إهداره من خلال إنشاء هيئات قضائية متعددة (نظامية، عسكرية، شرعية)، الأمر الذي لا يمكن معالجته إلا بالعودة إلى المبدأ الدستوري القاضي بأن يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة السلطة القضائية كسلطة واحدة تتبع لها محاكم متخصصة نظامية وشرعية وعسكرية وفقا لما نص عليه القانون الأساسي، وأنْ لا يتم معالجة تشتت الجهات القضائية من خلال إنشاء مجالس جديدة تتبع السلطة التنفيذية".
ورأى الائتلاف أن هذه القرارات تأتي في سياق سلسلة من ممارسات السلطة التنفيذية للهروب من القيود القانونية التي وضعها القانون الأساسي، والتي تصب في تعزيز المنظومة الديمقراطية والفصل المتوازن بين السلطات، وهو ما يتعارض مع نهج السلطة التنفيذية الحالي.
وطالب ائتلاف أمان بإلغاء هذا المرسوم فوراً احتراماً لأحكام القانون الأساسي ووثيقة الاستقلال، ووقف حالة التخلي والانقلاب على مبادئهما من خلال تعدد القرارات بقوانين التي تستسهل مخالفة أحكامهما، والتي من شأنها أن تضعف نزاهة الحكم، وزيادة التفرد في القرار لصالح السلطة السياسية.
وذكر التجمع الديمقراطي للمحامين والقانونيين الفلسطينيين، أن القرار بقانون الصادر عن رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس بشأن تشكيل المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، يُشكّل مساسًا بحرية واستقلال القضاء.
وقال التجمع في بيان صادر عنه: "إن عباس يصر على جمع السلطات الثلاث (التشريعية، والقضائية، والتنفيذية) في شخصه"، معتبراً أن هذا يعتبر "قتلاً لكل أسس النظام السياسي الفلسطيني ويأتي في إطار حالة التفرد والهيمنة على السلطات الثلاث وتجميعها في شخصه".
وأضاف إن القرار "ينتهك المبادئ والقواعد الدستورية وقانون السلطة القضائية، خصوصًا في ظل حالة المواجهة والعدوان التي تواجه أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده".
وشدد التجمع على أن المجلس المزمع تشكليه "تدخل في صميم عمل الهيئات القضائية، كما وفوض نفسه كهيئة قضائية لحل الإشكاليات والمنازعات فيما بين الهيئات القضائية والجهات القضائية الذي يعتبر تدخلاً سافرًا من قبل السلطة التنفيذيّة في عمل السلطة القضائيّة".
وأضاف: نؤكد على ضرورة سحب وإلغاء المرسوم الخاص بتشكيل المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية فورًا.
ودعا نقابة المحامين الفلسطينيين بالتحرك السريع والجاد لمواجهة هذا المرسوم لما فيه مساسًا لتطبيق القانون واستقلالية القضاء، وانعكاساته على حقوق وحريات المجتمع بشكل عام.
وكان عباس قد أصدر مرسوماً رئاسياً بإنشاء ما يسمى بـ"المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية" ووضع نفسه رئيسا لهذا المجلس المستحدث.
ووفق هذا المرسوم، فإن عباس أصبح رئيساً فعلياً للسلطة التنفيذية ورئيساً فعلياً للسلطة القضائية انسجاماً مع واقع الحال، ويتيح هذا المرسوم ان يتم تعيين قضاة الدستورية الذين شارفت مدة عملهم على الانتهاء في المحاكم النظامية والادارية.
ووفق ما جاء في المرسوم، فإن تشكيل المجلس يتضمن: رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس المحكمة الإدارية العليا، رئيس الهيئة القضائية لقوى الأمن، رئيس مجلس القضاء الشرعي، وزير العدل والمستشار القانوني لرئيس الدولة، إضافة إلى النائب العام.
وأوضح المرسوم أن التمثيل في المجلس شخصيًا، دون تفويض أو تكليف من قبل الممثلين فيه لحضور اجتماعات المجلس، على أن يعقد اجتماعاته بشكل دوري بما لا يقل عن مرة كل شهر، وكلما اقتضت الحاجة.
وبحسب ما جاء في المرسوم، فإن المجلس يتولى مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالهيئات والجهات القضائية دون مشاركة رئيس المحكمة الدستورية العليا، وحل أية اشكاليات قد تنشأ ما بين الهيئات القضائية، كما يتولى إعداد الاقتراحات والمذكرات المتعلقة بالهيئات القضائية وكيفية النهوض بها وتطوير أدائها، ورفعها لرئيس المجلس لاتخاذ المقتضى القانوني اللازم.
وأوكل المرسوم مهمة دراسة المناقلات القضائية ما بين الهيئات والجهات القضائية الممثلة في المجلس والتنسيب فيها لرئيس المجلس لإقرارها وفقا للقانون، إضافة إلى مناقشة احتياجات الهيئات القضائية الممثلة في المجلس.