
05:54 am 18 فبراير 2023
كتب عقل أبو قرع: حول مقاطعة المستهلك لمنتجات مرتفعة الاسعار!!

رام الله – الشاهد| كتب عقل أبو قرع: في ظل ارتفاع اسعار غير مبرر لسلع أساسية وبالتحديد أسعار الدجاج والبيض خلال الايام الماضية، هناك دعوات من أفراد ومن جهات للبدء في مقاطعة شراء هذه المنتجات، وذلك بهدف التأثير على السوق أو على الاسعار في محلات البيع، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام من الدجاج أو من اللحم الابيض أكثر من 20 شيكلا.
وتأتي هذه الدعوات في ظل الاوضاع الحالية الصعبة وفي ظل اقتراب شهر رمضان الكريم، حيث يزداد جشع التجار، ويصبح الدجاج الطبق الرئيسي لغالبية الاسر الفلسطينية، غير القادرة اصلا على شراء اللحم الاحمر، الذي اسعاره في الظروف العادية خارج متناول غالبية الناس في بلادنا.
ومع مواصلة التلاعب في الاسواق وبالتحديد من قبل كبار التجار، ومع ما يدفعه المستهلك من ثمن لم يعد يستطع تحمله في ظل ظروف معيشية مأساوية، ومع عدم نجاح اجراءات الحكومة حتى الان في التحكم في الاسواق كما تم التعهد به، وبالأخص في مراقبة الاسعار الاسترشادية ولسلع استهلاكية اساسية مثل الدجاج والبيض، واحالة المخالفين الى القضاء، في ظل كل ذلك فان دعوات المستهلك بمقاطعة شراء الدجاج في الوقت الحالي، ولو لفترة محدودة، هي دعوات مبررة ويجب توفير المظلة الشعبية وبشكل منظم لإنجاحها.
وبعيدا عن المستهلك، وبدون شك أن المسؤول عن ارتفاع الاسعار أو عن عدم التعامل معها بالشكل الملائم هي الجهات الرسمية، التي من المفترض أن تحدد اسعار منطقية أو استرشادية وتراقب الاسواق وتحاسب من يتلاعب بالأسعار.
وهذه الجهات من المفترض أن تقوم بدور أكبر مما تقوم به الان، وبأن تتضافر جهود وطاقات الجهات المختلفة الفاعلة في هذا الصدد، وبأن يتم تطبيق قوانين واجراءات رادعه، وبأن يرى المستهلك هذه الاجراءات أو على الاقل يلمس ولو بدرجة ما التحكم في الاسعار.
وبدون شك كذلك، أن هناك دورا هاما للمستهلك، والذي وفي فترات ماضية وفي ظل التخبط في موضوع الاسعار، لعب دورا هاما في تحديد بوصلة ارتفاع الاسعار، حيث أن اقبال المستهلك على المتاجر الكبيرة ذات الاسعار المنخفضة وبالأخص لسلع أساسيه له ولأفراد عائلته، قد أدى الى ابطاء وتيرة ارتفاع الاسعار أو الحد منها، وحتى أن بعض محلات بيع اللحوم والدواجن أضحت على الاستعداد للمنافسة والبيع بأسعار مراكز التسويق الكبيرة، والعامل الحاسم في ظل ذلك هو تصرف المستهلك، ألذي اثبت أن له دورا هاما في تحديد سقف الاسعار والحفاظ عليها.
وبالإضافة الى اقبال المستهلك على مراكز التسويق ذات الاسعار المنخفضة، فإن المستهلك يستطيع التحكم بالأسعار من خلال ترشيد الشراء أو الاستهلاك، أي العمل وبشكل مدروس على تقليل الطلب وفي ظل ارتفاع العرض تنخفض الاسعار، أي أن ابتعاد المستهلك عن التسوق الجشع أن جاز التعبير وبالأخص في بداية مناسبات مثل بداية او خلال شهر رمضان القادم، سوف يحد من جشع التاجر أو صاحب المحل في رفع الاسعار، ومثل هكذا تصرفات وممارسات حدثت في الماضي وكان للمستهلك دورا هاما في ذلك.
وارتفاع الاسعار بحد ذاته يعني الارهاق المتواصل للمستهلك الفلسطيني، ومن كل جانب وما لذلك من نتائج وانعكاسات قد تكون وخيمة على الكثير من الافراد والعائلات الفلسطينية، وخاصة حين يكون الارتفاع يشمل سلع اساسية لا غنى له عنها مثل الدجاج والبيض، وترتبط بسلع اخرى، وحين ترتفع اسعار بعض المنتجات، من المحتمل ان يبدأ المستهلك الفلسطيني بالإقبال على منتجات اقل سعرا ولكنها أقل جودة أو سلامة، وهذا حدث في الماضي.
وحين الحديث عن ارتفاع الاسعار هذه الايام، ومهما تحدثنا عن اقتصاد السوق، وعن العرض والطلب، وعن التقلبات الجوية او التغيرات المناخية، وعن الظروف السياسية وعن الحرب هنا او هناك، وعن التحكم في المعابر والحدود، وما الى ذلك، من امور يمكن ان تساهم في ارتفاع الاسعار، الا انه لا يعقل ان تضاهي الاسعار عندنا، الاسعار في الكثير من الدول، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها، اضعاف واضعاف ما عندنا.
وهذا يتطلب تغييرا جذريا في سياسة الجهات الرسمية، وهذا يتطلب المراقبة الجدية، وهذا يتطلب المحاسبة الصارمة لجشع بعض التجار، ونحن نعرف ان نسب الفقر والبطالة في بلادنا في ازدياد مضطرد.
ورغم ان وزارة الاقتصاد تقوم بإصدار ونشر قائمة الاسعار الاسترشادية بين فترة واخرى، الا ان غياب اشهار الاسعار او اظهارها على السلعة، سواء في حسبة الخضار او في المحلات التجارية، وعدم فعالية حملات التفتيش والرقابة وذلك لعدم كفاية الطواقم او قلة الامكانيات، وكذلك ضعف ردع القوانين وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك الفلسطيني لعام 2005 في هذا الصدد، سوف يبقي الاسعار ترتفع حسب شهية او مزاج او مستوى جشع التاجر او المزارع او المورد، وبالأخص التجار الكبار.
ومع الامل ان تبدأ وتنجح وبشكل منظم وبدعم شعبي حملة لمقاطعة اسعار الدجاج كمثال لقدرة المستهلك على الحد من جشع التجار، فأنه يجب التأكيد على الدور الهام الذي يستطيع أن يلعبه المستهلك في التحكم بالأسعار.
وهذه نقطة مهمة لتبيان لماذا ترتفع الاسعار وبشكل كبير في اوقات معينة في السنة، مثلا قبل الاعياد او المناسبات، اي ان اقبال المستهلك وبشكل غير عقلاني على الشراء مثلا ، اي الشراء بالجملة او بشكل غير منطقي، وبالتالي يتحمل المستهلك الذي يشتري بهذا الشكل والقادر على ذلك جزء من المسؤولية عن ارتفاع الأسعار.
وكذلك مسؤولية الثمن الذي يدفعه المستهلك غير القادر على الشراء، ودعنا نرى نتائج حملة المقاطعة أو عدم الشراء لفترة معينة لكي نحكم على دور المستهلك وبالتالي البناء على هذا الدور في اجراءات مستقبلية، والاهم في تبني سياسات رسمية وغير رسمية للتعامل مع الارتفاع المتكرر والمؤلم لارتفاع أسعار سلع أساسية.