
07:03 am 18 مارس 2023
كتب د. عقل أبو قرع: هل سيتم ضبط الاسعار خلال شهر رمضان؟
.jpeg)
رام الله – الشاهد| كتب عقل أبو قرع: خلال أيام معدودة يبدأ شهر رمضان الكريم، بكل ما يحمله من تحضيرات وتغييرات في حياة الناس وفي البلد، ومن الامور المقلقة التي تتكرر عاما بعد عام هو موضوع الاسعار، وكيفية التعامل مع الارتفاعات المتوقعة والالتزام بالأسعار الاسترشادية التي تنشرها وزارة الاقتصاد، وعملية ضبط الاسواق والتعامل مع الجشع والمخالفات، وكيفية العمل على توفر السلع الاساسية للمستهلك أو للصائم ولأفراد عائلته بالأسعار التي في متناول اليد، على الاقل خلال ايام شهر رمضان.
وفي شهر رمضان خلال السنوات الماضية، أعتدنا سواء في بداية الشهر، أو خلال الايام الاخيرة منه، ان تكون اسعار السلع الاساسية للناس مرتفعة جدا، بشكل يحرم الكثير من الاسر الفلسطينية من وجبات اعتادوا عليها تحتوي على الدجاج أو اللحوم مثلا، فأسعار الدجاج والتي تبلغ الان حولي ال 15 شيكل للكيلو غرام، ترتفع بشكل غير مبرر لتحوم حول الـ 20 شيكلا للكيلو الواحد، أي ان أسرة فلسطينية متوسطة الحال عادية تحتاج الى دجاجتين للإفطار مثلا، وهذا يعني حوالي 60 شيكل من الدجاج للإفطار الواحد.
اما اذا ارادت ان تكون الوجبة من اللحوم الحمراء مثلا فتحتاج الى حوالي الـ 80 شيكل لكيلو اللحم الواحد فقط، ويحدث هذا ما العلم ان المعدل اليومي لأجر العامل أو الموظف لا يزيد عن الـ 100 شيكل في أحسن الاحوال، ناهيك عن ان هناك الكثير الذين يتقاضون اقل من الحد الادنى للأجور، اي اقل من الـ 1880 شيكل شهريا، أي المعدل اليومي للأجرة حسب ذلك هو حوالي ال 60 شيكل.
وتتواصل الارتفاعات في الاسعار خلال شهر رمضان لكي تحرق جيب ومعدة واعصاب المواطن العادي، في ظل عدم وجود اي تدخل فاعل مؤثر او ملموس من مختلف الجهات، وبالأخص الجهات الرسمية، التي من المفترض أن تحدد الحدود القصوى او الاسترشادية للأسعار او تعمل على توفير أو عرض الكميات المطلوبة من السلع.
وبالتالي تفتش وتضبط وتحاكم وتتابع، مثل وزارت الاقتصاد الزراعة والصحة وغيرهما، أو من الجهات غير الرسمية التي تطالب بحماية المستهلك، أو من الغرف التجارية والتجار وجهات أخرى لا تترجم شعاراتها أو اقوالها الى الافعال.
والارتفاع الحاد في الاسعار، سواء خلال شهر رمضان أو في مناسبات اخرى خلال العام، يظهر مدى الجشع والاستغلال الذي يتملك التجار وبالأخص الكبار منهم أو الموردين او الذين يتحكمون بوصول السلع الى صغار التجار، ومدى الاستهتار بالالتزام بأسعار استرشادية أو الشعور او التعاطف مع أحوال الناس، وبالأخص في ظل أحوال اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة ومتردية وفي ظل مواصلة اعلان الحكومة عن تواصل الازمة المالية وبالتالي مواصلة اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين الرسميين، الذي يشكلون العصي لتحريك الاقتصاد.
ودعنا نأمل خلال شهر رمضان الحالي هذا العام ومن خلال خطة يتم اعداها مسبقا، وبعكس السنوات الماضية، بأن لا يكون هناك غياب للسلطات الرقابية ألرسمية، التي من المفترض ان تراقب وان تفتش وان تتأكد من ان التجار يلتزمون بالأسعار، على الأقل بالأسعار الاسترشادية التي قامت السلطات ألرسمية بالإعلان عنها وتحديد سقفها الأعلى، وبأن نبتعد عن الارتفاع الجنوني وغير المنطقي وغير المفهوم في اسعار الدجاج واللحوم الذي في العادة كان يحدث بدون تدخلات او رقابة.
وخلال وقت شهر رمضان يتوق المستهلك أكثر وبلهفة الى وجود الجهات الرقابية الرسمية وغير الرسمية، أو الى تدخلها أو الى الشعور بأن هناك جهات تشعر بما يشعر به، وانها تقوم بتطبيق ما تتحدث عنه، وانها وكما هي الجهات الرسمية في العالم، من المفترض ان تعمل على توفير احتياجاته وعلى حمايته من الاستغلال، وان تعمل على توفير حياة كريمة له، في ظل هذه الظروف المعقدة والصعبة، بعيدا عن المبررات المكررة من معادلة العرض والطلب والاقتصاد ألحر وغير ألحر أو اقتصاد السوق الليبرالي.
والجميع يعرف ان رفع الاسعار وبشكل مزاجي، او استغلالي، وبالأخص في أيام شهر رمضان، هو عمل سيء وبدون اية مبررات، والجميع
يعرف انه لا يوجد اي سبب منطقي لرفع الأسعار، وان هذه اللحوم الحمراء أو البيضاء مثلا ، سواء اكانت عجول او خرفان أو دجاج، هي نفسها الكميات التي كانت تباع قبل فترة قصيرة، بأسعار اقل، وان هذه الكميات موجودة في المخازن أو في الثلاجات عند التجار الكبار، ولكن ورغم التسليم بذلك، فلا تجد تاجر واحد على استعداد مثلا ان يبيع كيلو لحم السخل بأقل من 80 شيكل، وهذا يعكس الثقافة المتردية من الجشع ومن الطمع ومن الاستغلال، التي وصل اليها هؤلاء التجار.
وبدون شك ان الجهات الرسمية، وبالتحديد الوزارات ذات العلاقة، اي وزارة الاقتصاد والزراعة، هما المسؤول الأكبر عن جنون الاسعار وبالتالي تستطيع ضبط الاسعار من خلال التخطيط المسبق، ولا أعتقد ان هناك بلد في العالم يضاهينا في مثل هذه الأسعار، وفي التقلبات والارتفاعات في الاسعار، التي لا يوجد عليها رقيب او حسيب، ومن الواضح وفي ظل حسابات بسيطة للتكلفة، ومع التسليم بالجشع والابتزاز غير المسؤول الذي يمارسه تجار الجملة ، الا ان الاوضاع حين ترتفع الاسعار توحي بالغياب الحقيقي لأية جهات رسمية، وبالتالي الفشل في ضبط الاسعار، ودعنا نأمل ان لا يحدث هذا الوضع هذا العام.
ومع الامل بأن يتم ضبط الاسعار خلال شهر رمضان هذا العام، وبأن لا يحدث الفشل في ضبط الاسعار كما حدث في الاعوام الماضية مع تأثيراته المؤلمة، فأن هناك حاجة ماسة وفورية لتطبيق قوانين واضحة وعلانية ويراها الناس، مثل اغلاق محل أو ملحمة أو محل بيع الدجاج، او حتى الاعلان عن اسماء من يتلاعب بالأسعار، او من يبادر برفعها.
وبالأخص اذا كانوا من التجار الكبار او الجملة، أو حتى وضع اعلان على متجر او ملحمة أو محل، بأن هذا المحل لا يلتزم أو لا يحترم الاسعار، ودعنا نأمل كذلك بأن لا يتكرر الغياب لدور الحكومة وجهاتها الرسمية ذات العلاقة كما حدث خلال الاعوام السابقة، ودور الجهات غير الرسمية التي تنادي بحماية المستهلك، وبأن يمر شهر رمضان خلال هذا العام بدون ضغط ارتفاع الاسعار أو ضغط على اعصاب الناس وبطونهم.