
11:54 am 21 مايو 2023
كتب تيسير الزبري: منظمة التحرير الفلسطينية ومعارك الشرعية ووحدانية التمثيل

رام الله – الشاهد| كتب تيسير الزبري: تعاود معركة التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية للظهور راهنا في ظل الوضع السياسي الراهن، وسماته؛ من تعثر المشروع التحرري الفلسطيني بفعل اشتداد الصراع مع الاحتلال الصهيوني وانسداد آفاق حل سياسي متوازن؛ وفق قرارات الشرعية الدولية.
او بفعل الاتفاقات المنقوصة التي وقعتها قيادة منظمة التحرير (ما سمي باتفاقات اوسلو: السياسية والاقتصادية والأمنية)، والصراعات التي ولدتها تلك الاتفاقات، وما قادت له من نتائج كارثية على مشروع تحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني واستعادة حقوقه السياسية في الحرية والعودة وتقرير المصير السياسي، وازدادت الامور سوءا بتفاقم الصراعات الداخلية والانقسامات السياسية؛ حتى وصلت الى الانقسام السياسي والجغرافي في حزيران من العام ٢٠٠٧.
الوضع الراهن المشار الية قد اعاد " الحياة " الى اتجاهات ومراجعات لمسيرة نضالات فلسطينية كانت احدى أبرز محطاتها الاعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية في ٢٨ ايار من العام ١٩٦٤ بزعامة المرحوم المحامي أحمد الشقيري …، وهنا وللتاريخ فان الفضل الاكبر في تبني فكرة وضرورة ان يكون للشعب الفلسطيني ممثلا، وعلى قدم المساواة مع الانظمة العربية هو الزعيم الخالد جمال عبد الناصر
قيام المنظمة لقي ترحيبا شعبيا واسعا عربيا وفلسطينيا بالرغم من امتعاض بعض الانظمة العربية آنذاك، ومن بعض الحركات السياسية ذات الفكر القومي العدمي؛ والتي كانت ترى بان مهمة تحرير فلسطين هي مهمة العرب جميعا … حتى جاءت هزيمة حزيران وقررت أكثر فصائل العمل الفلسطيني نزع شوك شعبها بيدها..
كما ان فصائل اخرى كانت قد اعلنت انطلاقتها قبل الخامس من هزيمة حزيران قد وجدت الظرف الموضوعي انما يخدم منطلقاتها السياسية مثل حركة " فتح "التي كانت قد انطلقت في الاول من كانون ثاني عام ١٩٦٥ ..
لم تكن طريق م ت ف سهلة في يوم من الايام .. ، وان المقال هذا يلقي الضوء على جانب من جوانب الصراعات التي خاضتها المنظمة حتى تقوم بواجبها الوطني وتحافظ على وحدانية تمثيلها الشرعي بين العرب اولا وفي العالم اجمع ثانيا ..وان تخوض معاركها التي كلفت انهارا من دماء الفلسطينيين واسراهم …
لقد خاضت فصائل المنظمة معاركها مع الاحتلال في ظل واقع عربي مهزوم بعد حزيران ١٩٦٧ على يد الاسرائيليين ، وشكلت العمليات الفدائية الباسلة ردا مباشرا على الهزيمة كان ابرزها معركة الكرامة في آذار عام ١٩٦٨ بالاشتراك مع الجيش الاردني بقيادة الفريق المرحوم مشهور حديثه ؛ ومن الاقوال التي يخلدها التاريخ ما قاله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما وصف العمل الفدائي الفلسطيني بانه " أشرف ظاهرة في العصر الحديث "…
نتوقف أمام محطات بارزة ترصد بها معارك الصراع عن شرعية التمثيل الفلسطيني، والى ماذا وصلت؛ أين تقدمت وما هي النكسات التي واجهتها حتي يومنا هذا ..!
-كانت اولى الاحتكاكات بين المنظمة وبعض الاطراف العربية الرسمية؛ والاردن تحديدا؛ ذلك عندما اعلن الاردن في العام ١٩٧٢ عن مشروع المملكة العربية المتحدة بين الضفتين: الشرقية والغربية (باعتبار ان الضفة الغربية كانت جزءا من المملكة حتى حزيران عام ١٩٦٧..).
وقد اعتبرت قيادة المنظمة بان هذا المشروع يشكل اعتراضا على امكانات قيام دولة فلسطينية في المستقبل ؛ وربما كان الاعلان عن مشروع المملكة العربية الموحدة هو المحرك الابرز لنشوء حالة سياسية فلسطينية داخلية تبنتها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ؛ تقوم على تبني اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
واثارت هذه المسألة حالة واسعة من الصراع بين أوساط الفلسطينيين ، والى احتكاكات سياسية (وعنيفة احيانا) بين اصحاب مشروع الاستقلال الفلسطيني وبين الرافضين؛ دعاة التحرير الكامل من النهر الى البحر ؛ ولكن الاتجاه الاغلب ؛ وتحديدا في حركة فتح ، واوساط سياسية واسعة من الداخل المحتل كانت تنظر بإيجابية الى " مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية موضع النقاش.
- لقد اعادت حرب تشرين عام ١٩٧٣ النقاش الجدي حول الحل الفلسطيني " الممكن آنذاك " مترافقا مع موضوع التمثيل الفلسطيني؛ وخاصة على ضوء نتائج حرب تشرين اول والتحضير لعقد مؤتمر دولي للبحث في حل للصراع العربي - الاسرائيلي؛ وفي تلك المرحلة عادت النزاعات حول مسألة التمثيل الفلسطيني بين أطراف فلسطينية وعربية حتى تم حسم موضوع التمثيل اولا داخل المجلس الوطني الفلسطيني (رغم خروج بعض الفصائل عن قرار الاغلبية).
كما ان المعركة " معركة التمثيل " قد حسمت في مؤتمر القمة العربي في نهاية العام ٩٧٤ في مدينة فاس في مملكة المغرب؛ والذي اقر بان م ت ف هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؛ الامر الذي استتبع بحضور الرئيس ياسر عرفات جلسة للجمعية العمومية الامم المتحدة ممثلا عن فلسطين والقاء خطابه الشهير هناك.
لقد تعرضت المنظمة الى مصاعب داخلية وعربية ومواجهات دموية مع الاحتلال في معارك جنوب لبنان واجتياح بيروت في العام ١٩٨٢ ؛ ولكنها لم تستسلم وقاومت كل محاولات اعادة سحب التمثيل منها او باختلاق البدائل لها (وروابط القرى مثال على تلك المحاولات) حتى قامت الانتفاضة الفلسطينية الاولى في كانون اول عام ١٩٨٧ لتطيح بكل محاولات شطب الحقوق الفلسطينية واقامة حكم ذاتي " فلسطيني " تحت السيطرة الاسرائيلية.
-الانجاز الأكبر للانتفاضة الفلسطينية الاولى انها جمعت بين المواجهات اللوجستية الباسلة؛ وما بين البرنامج السياسي تحت عنوان كالحرية والاستقلال ، واقامة الدولة الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية المحتلة في العام ١٩٦٧) ؛ وبهذا فقد شكلت عملية انقاذ لمنظمة التحرير من محاولة التصفية العسكرية والتصفية السياسية؛ واعادت لبرنامج اقامة السلطة الفلسطينية والنقاط العشرة (١٩٧٤ ) وهجها السياسي ؛ كما شكل هذا الانتصار المقدمة لقرار المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر في الجزائر العاصمة بإعلان الاستقلال الفلسطيني.
لماذا الاسترسال في ذكر المحطات السابقة بكل ما حملته من انتصارات وانتكاسات وسقوط عشرات الاف الشهداء والجرحى والاسرى على طريق استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني "حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الارض الفلسطينية"؛ وبانه من غير المقبول ان يحاول البعض من انظمة عربية وبعض الحركات العدمية المتطرفة انكار هذا الدور التاريخي والانجازات الهائلة التي قامت بها المنظمة طيلة السنوات الماضية.
الوضع السياسي والبنيوي للشعب الفلسطيني راهنا؛ وتحديدا بعد اتفاق اوسلو؛ وما شكله من مخاطر جدية على مشروع التحرر الوطني الفلسطيني؛ لكن ذلك يجب ان يشكل دافعا للعمل من اجل: اعادة بناء البيت الفلسطيني ( م ت ف ) وانتخاب مجلس وطني فلسطيني بشكلٍ ديمقراطي بعيدا عن المحاصصة ونظام " الكوتا " بما في ذلك احتكار للسلطة والقرار.
وبعيدا عن اتهام بالعجز للمواطن الفلسطيني؛ صاحب التجارب العميقة ودافع ضريبة الدم والاسر والعذاب؛ وهي رسالة للعابثين بالحاضر والتاريخ والمغامرين الباحثين عن بديل ل ( م ت ف )؛ وكان الشعب الفلسطيني في مختبر يمارسون به تجاربهم.