باحث: حالة جنين كشفت أزمة السلطة ونحذر من سيناريو خطير لإنهائها
جنين – الشاهد| قال الباحث في علم الاجتماع السياسي والحركات الاجتماعية أحمد أبو الهيجاء إن السلطة الفلسطينية قد تذهب إلى أسوء خياراتها بعد حالة جنين التي كشفت أزمتها ولمنع انهيارها مع تصاعد المقاومة.
وأوضح أبو الهيجاء إلى أن "السلطة باتت تشعر بحالة عدم اليقين مع تلويح بانهيارها، ما يعني أنها تتجه لتعزيز القبضة الأمنية والهروب للأمام بقفزات في الهواء ومحاولة فرض السيطرة على جنين".
وأشار إلى أن الإعلام العبري نشر تقارير ومعلومات تؤكد ذلك.
وبين أن خيار المقاومة يتجسّد واقعا وأضحى يأخذ أشكالا تؤسس لمسار واضح له حاضنة شعبية واسعة.
ونبه أبو الهيجا إلى أن ثاني خيارتها هو إما حسم أمورها صوب الخيار الشعبي (بمعنى دعم المقاومة) ما يعني نهايتها، وهو خيار غير وارد.
بينما الثالث محاولة التكيف مع الخيار ضمن سياسة التعايش لأطول فترة ممكنة دون تخطيط، وهذا ليس حلًا.
لكن كل سيناريو، بحسب أبو الهيجاء، "يعني الذهاب إلى مأزق أكبر، لأنه لا أفق على الصعيد السياسي يمكن الحديث فيه".
وذكر أن خيار المقاومة بات يحرج السلطة مع تجسده واقعًا وأخذه أشكالا تؤسس لمسار واضح بحاضنة شعبية.
وقال أبو الهيجاء في تصريح إن السلطة تواجه مشكلة "تسريع وحسم" خياراتها وتتعامل مع ذاتها "كجسم قائم على تبرير حالة اليأس العامة، وبأنها عاجزة على فعل شيء، ما انعكس على إرادة البحث عن خيارات وبدائل".
وذكر أن إشكالية السلطة ليست بالأزمات "بل بغياب جهد حقيقي للبحث عن بدائل للخروج منها أو التعايش معها أو تجاوزها".
ونوه أستاذ العلوم السياسية إلى أن البعض داخل السلطة يرى في جنين حالة جديدة مصيرها الإجهاض كما بمرات سابقة، وآخر كمصدر للرعب وامتدادا إقليميا مع سوريا وإيران وغزة، ضمن "وحدة الساحات".
وبين أن ما يجمع التيارات المختلفة هو "انعدام الرؤية والتخطيط للمستقبل، والاكتفاء بالتعامل مع الأحداث بلحظتها".
وأوضح أن ذلك يتزامن مع تأزم الوضع الداخلي وانغلاق الأفق السياسي والاقتصادي والعلاقات الداخلية، وامتداد الأزمة مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" ودول الجوار التي تجاوزت السلطة بمعالجة عدة قضايا.
فيما قال المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح إن قواعد شعبية واسعة ومتزايدة من مناصري حركة فتح وكوادرها أخذت تظهر غضبها من السلطة الفلسطينية وأدائها الخدماتي والأمني بل وقيادتها.
وذكر صالح في مقال إن "سلطة رام الله في وضعها الحالي فقدت ثقة معظم الشعب الفلسطيني (أقل من 20% يثقون بأدائها)، وفقدت قيادتها الجدية والمصداقية، خصوصا بعد تعطيلها المصالحة، وإلغائها مسار الانتخابات التشريعية والرئاسية أواخر أبريل 2021.
وبين أن فتح التي تتكئ عليها السلطة في "شرعنة" نفسها وفي حضورها الشعبي، تعاني من انقسامات حادة وصراعات داخل تياراتها، خصوصا مع غياب الرموز القادرة على ملء الفراغ حال غياب عباس.
غير أن الظاهرة الأهم التي تصب في النهاية لصالح العمل المقاوم -وفق صالح-، هي أن قواعد شعبية واسعة ومتزايدة من مناصري فتح وكوادرها أخذت تظهر غضبها من السلطة وأدائها الخدماتي والأمني بل وقيادتها.
وقال إنها أخذت تميل أكثر لخط المقاومة، بل إن الكثير من عناصرها انضمت إلى بؤرها، بينما خبت أصوات أولئك الذين يدافعون عن السلطة ومسلكياتها.
وذكر صالح أن حالة الغضب من سلوك قيادة السلطة (وحتى قيادة فتح) انعكست على ما حدث في جنازة شهداء مخيم جنين، حيث تم إخراج أو طرد الرموز القادمة للمشاركة (تحديدا محمود العالول وعزام الأحمد).
ورغم أن هذا الغضب كان شعبيا شاركت فيه عناصر فتح الشبابية نفسها؛ إلا أن قيادة السلطة ومناصريها حاولوا اتهام حماس بذلك، وتوجيه حملة إعلامية شرسة ضدها، غير أنه لم يثبت أن لحماس دورا في الأمر، وفق صالح.
وبين أن حالة الغضب حقيقية تجتاح الشارع الفلسطيني، خصوصا أن القوى الأمنية انسحبت من مخيم جنين قبيل العملية الإسرائيلية، بل واعتقلت مقاومين بطريقهم لدعم إخوانهم في المخيم، ثم عادت لمواصلة دورها القمعي ضد شعبها.
وأكد الخبير الاستراتيجي أن هناك ثمة إجماع وطني على رفض الدور الأمني والوظيفي للسلطة، وأن تآكلها سيستمر، إلى أن تُواجه قدرها إما بإعادة توصيف نفسها بالتماهي مع إرادة شعبها، أو بانتهاء دورها وزوالها، أو بانعزالها عن التأثير في الأحداث وحركة التاريخ.
وأوضح أنه "من المبكر الحديث عن انهيار سلطة رام الله، فما زالت هناك رغبة إسرائيلية أمريكية (وعربية) بوجودها، وقد أكد ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو نفسه ووزير جيشه".
وأشار إلى أنه كما أن السلطة ربطت الحياة اليومية لنحو 170 ألف موظف يعيلون نحو مليون فلسطيني بأجهزتها ومؤسساتها، وليس ثمة بديل عملي يملأ الفراغ حسبما يرى عديدون.
وأكد أن ثمة إجماع وطني على رفض الدور الأمني والوظيفي للسلطة، وأن تآكلها سيستمر، إلى أن تُواجه قدرها إما بإعادة توصيف نفسها بالتماهي مع إرادة شعبها، أو بانتهاء دورها وزوالها، أو بانعزالها عن التأثير بالأحداث وحركة التاريخ.
هذا الغضب الداخلي على قيادة الحركة هو جزء من الغضب الشعبي العام المتصاعد تجاه السلطة.
وهاجم عضو المجلس الثوري لحركة فتح جمال حويل موقف السلطة وأجهزتها الأمنية التي تخلت عن مخيم جنين ولم تبادر للدفاع عنه في وجه الاحتلال.
وخرج حويل وهو قيادي في الحركة من مخيم جنين، في فيديو وهو يوجه انتقادات حادة لسلوك أجهزة السلطة التي اختبأت في مقراتها خلال العدوان على جنين.
وقال: "بدي استعير كلام الراحل أبو اياد اللي قال مين هالحمار اللي بيروح يفاوض بدون بارودته، وانا بقول مين الجاهل يلي بترك البارودة على جنب حتى يوفر الهدوء للاحتلال".
وكانت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، كشفت أن أجهزة السلطة تركت مدينة جنين ومخيمها منذ بدء العملية العسكرية الواسعة لجيش الاحتلال.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية وعسكرية في جيش الاحتلال، أن عناصر أجهزة السلطة التي كانت منتشرة في مدينة جنين طلب منها المغادرة قبيل ساعة الصفر للعدوان الإسرائيلي.
فيما أكدت مصادر محلية في جنين أن عدداً قليلاً من عناصر أجهزة السلطة تواجدت داخل مقراتها، ولم تغادرها، متوقعةً أنها فقط لحماية تلك المقرات.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=14024