كتب عمر عساف: إقالة او إحالة محافظين على التقاعد وأبعادها الداخلية
رام الله -الشاهد| كتب عمر عساف: اقالة المحافظين او احالتهم على التقاعد بالجملة ليس حدثا عاديا في الحالة الفلسطينية خصوصا انه جاء كالصاعقة دون مقدمات، وإذا كان الجميع يدرك ان هذا يعكس تخبطا في تصرفات وقرارات السلطة التي تتعمق أزمتها يوما بعد اخر، ولكن لا بد من رؤية الموضوع ليس من حيث الشكل والطريقة، ولكن من حيث سياقاته واهدافه وابعاده وهذا ما احاول القاء الضوء عليه في هذه العجالة.
اعتقد ان اقالة المحافظين ليس هو القضية، فمعظمهم لا يحظى بشعبية في محافظته خصوصا وانهم منحدرون من المؤسسة الامنية اولا، ومسؤولون عن مخالفات قانونية ووطنية قاموا برعايتها او لم يعالجوها ثانيا، وبالتالي هم ذهبوا غير مأسوف عليهم ولا أحد سيذرف الدموع عليهم او يترحم على زمانهم.
ان ما ينبغي الوقوف عنده لماذا اقيلوا؟ وماذا بعد؟ ، وحول لماذا اقيلوا وفي اي سياق جاءت اقالتهم او بشكل الطف احالتهم على التقاعد كأنهم اليوم قد بلغوا سن التقاعد، يمكن الاستنتاج بانهم اصبحوا بشكل او باخر منتهي الصلاحية (expired) من حيث الدور ومعزولين عن المجتمع الذي يفترض انهم يتولون مسؤوليته في مرحلة ربما المطلوب فيها تجميع صفوف انصار السلطة، ونهج الرئيس من جهة اخرى، خصوصا في سياق محاولة زج حركة فتح في مواجهة الشعب والمقاومة، وهذا ما ترفضه الغالبية الساحقة من كوادر وقيادات الحركة!.
وفي ظل تعميق عزلة الرئيس وفريقه يحاول السيد عباس ومن حوله من يريدهم اوانه في المحافظات كمحافظين ان يجمعوا بين امرين: الاول هو الولاء لخط ونهج وسلوك الفريق الحاكم وان يكونوا اداته في تنفيذ سياساته المعزولة شعبيا.
والثاني : ان يكونوا اكثر قربا وتأثيرا وقبولا لدى جمهور حركة فتح وقواعدها ، وربما هذا ما افتقده المحافظون المقالون ولذلك فان تشكيل لجنة خاصة بانتقاء المحافظين الجدد في اعتقادي سيكون المعيار الرئيس فيها هو الولاء للقيادة والمحور الضيق حول الرئيس والقدرة على حشد بعض اوساط واصطفاف حركة فتح وراء هذه السياسة وربما توظيفها اذا تطلب الامر اداة مشاركة للأمن في قمع ومواجهة اية معارضة تتعلق بالمقاومة او التباين السياسي.
وسبق ان وقعت محاولة زج بعض اوساط الحركة خلال الاحتجاجات للدفاع عن الحريات إثر اغتيال الشهيد نزار بنات كبروفة، ولكنها لاقت معارضة واسعة من الغالبية الساحقة من كوادر وقواعد الحركة، وتم التراجع عنها.
وخلال الاسابيع الماضية تم التجييش والحشد الفئوي لمواجهة مؤامرة مزعومة لحركة حماس للانقلاب على السلطة او الحديث عن "مشروع ايراني" وهذه المحاولة ما زالت مخاضا داخل بعض اوساط السلطة وحزبها من بعض فتح وغير فتح فلا ننسى أحد المحسوبين على حزب السلطة حين تحدث عن "شارع مقابل شارع" او من قال "لا تختبروا صبر فتح".
ومن هنا فان الاحتمال الاكبر هو ان تغيير المحافظين يكون في هذا السياق وليس بالضرورة ان يكتب لهذه المحاولة النجاح، فأي تفكير كهذا محفوف بمخاطر قد تنعكس سلبيا على الحاجة الماسة لتعزيز وحدة الشعب والقوى في مواجهة التحديات التي يفرضها التحالف الفاشي الحاكم في اسرائيل، والذي يضع الجميع امام اختبار وحاجة الوحدة لا التباين والاختلاف.
وهذا ما يدركه الشعب في غالبيته الساحقة والذي لا يبدي اهتماما بما تقوم به السلطة من تغييرات على صعيد المحافظين او تغيير الحكومة او اجتماعات القوى التي جاء العلمين ليضيف خيبة اخرى وليعزز عدم تعويل الشعب على النظام السياسي برمته.
وبالتأكيد ليس بعيدا هذا القرار عن الحديث عن موضوع الخلافة بعد عباس ودور الاقليم والعالم فيها فقد جاءت هذه القرارات بعد لقاء عمان والذي لا بد انه تطرق لهذا الموضوع وغير بعيد عن ذلك الدور الذي يلعبه المبعوث الامريكي هادي عمر وبالطبع تدخله لدعم هذا الاتجاه او ذاك داخل الفريق المحيط بعباس ،
وفي هذا الاطار نلاحظ ان الالتفاف حول مروان البرغوثي كمرشح بديل حتى في حياة عباس لاقى نوعا من الالتفاف الفتحاوي الداخلي وهذا التوجه لم يشارك فيه بعض المقربين والمؤثرين في الحلقة الضيقة للرئيس وبالمقابل برز الفريق جبريل الرجوب عرابا لهذا التوجه وفي هذا السياق يكاد يكون هناك اجماع على ان اقالة المحافظين قد يضعف نفوذ ودور الرجوب وبالمقابل يعزز توجها اخر يتبناه هؤلاء المقربون من عباس وجوهره الذهاب باتجاه خيار اخر عنوانه لا شيء في حياة عباس ولا خفية لمروان.
وفي هذا الاطار فان الترتيبات والصراعات الخفية على خلافة عباس وترتيب الاوراق، سيطبخ على نار هادئة ولا يطل برأسه في حياة الرئيس عباس ولكنه قد يتقدم محليا واقليميا ودوليا للعلن وسرعة الحسم في اية لحظة قبل او فور غياب عباس اي ان ما جرى جزء من الصراع الداخلي اذ يرى البعض ان جزءا من المحافظين او كلهم محسوبون على احد مراكز القوى ويريد مركز اخر ان يعزز نفوذه من خلال هذه التغييرات.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=14653