ارتفاع وفيات النساء الغامضة بالضفة وهيئات ترفع “الكرت الأحمر” للسلطة

ارتفاع وفيات النساء الغامضة بالضفة وهيئات ترفع “الكرت الأحمر” للسلطة

رام الله – الشاهد| طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" يوم الخميس، النيابة العامة بالتحقيق في ظروف وفاة المواطنة (ل، ع) ٢٠ عامًا من إحدى بلدات شمال الخليل في ظروف غامضة.

وقالت الهيئة في بيان إن المذكورة وصلت متوفاة أمس لعيادة طبيب في البلدة وعليها آثار تدلل تعرضها للعنف.

وذكرت أنه والتواصل مع النيابة العامة علمنا بتحويل الجثمان للطب الشرعي للوقوف على أسباب الوفاة وفيما إذا كانت هناك أية شبهة جنائية.

ودعت الهيئة لتحقيق الجدي في قضايا انتحار النساء وفي وحالات وفاتهن في ظروف غامضة وملاحقة وتجريم أية أفعال عنف أسري تؤدي وتدفع للانتحار.

في أرقام لافتة ومقلقة، تشهد الضفة الغربية تزايدًا كبيرًا في معدل الانتحار، بعدما كانت الظاهرة مقتصرة على أعداد ومناطق محصورة لتنتشر وتطال أماكن أخرى، دون تدخل حكومي يقلص حدتها.

وتظهر بيانات رسمية أن عدد حالات الانتحار في الضفة الغربية سجلت ارتفاعًا بنسب كبيرة مقارنة بأعوام سابقة، مرجعة ذلك للأمراض النفسية التي تصيب الأشخاص خاصة الاكتئاب.

وباتت الظاهرة تنتشر بقوة بالضفة رغم أن الأرقام تظل حبيسة أدراج الجهات المختصة حكومة محمد اشتية، لكن مؤسسات حقوقية من بينها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تنتشر أرقاما شبه دقيقة.

وتلاحق الحكومة اتهامات بالتقصير في تقديم معالجات نفسية أو توعية في ملف الانتحار عبر الوزارات المختصة، مع سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع معدل البطالة وإهمالها لكثير من الخدمات.

المتحدث الرسمي باسم الشرطة لؤي ارزيقات قال إن عام 2022 شهد 32 حالة انتحار، منها 19 ذكور بنسبة 59%، فيما بلغت حالات الانتحار بين النساء 13 حالة بنسبة 41%.

وذكر ارزيقات أن الانتحار ما زال هو الظاهرة الأبرز بين حالات القتل في الضفة الغربية بواقع 35%.

شبهات دائمة

وأوضح: "هناك تباين في الإحصاءات.. نوثق أي حالة قتل أو انتحار بعد إجراء عمليات البحث والتحري وجمع الاستدلالات، وإحالة الملف النيابة التي تحيل المتوفى بشبهة للطب العدلي الذي يشرح الجثمان ويصنف الحالة".

ووفق إحصائية حقوقية، رصد مركز الارشاد القانوني والاجتماعي منذ عام 2007 وحتى نهاية عام 2022 مقتل 289 امرأة وفتاة، 97 منها حالات انتحار، أي بنسبة 34%.

فيما أعلن مسؤول البحث والمناصرة في مركز المرأة الباحث نبيل دويكات توثيق مركزه 57 حالة قتل بعامي 2021 و2022، بواقع 29 حالة لعام 2022 مقابل 28 حالة لعام 2021.

وقال دويكات: "أخذ مفهوم الانتحار يفرض نفسه بصورة بارزة خلال السنوات الأخيرة على مجمل تقارير وإحصائيات الكثير من المؤسسات التي تعنى بمتابعة ظاهرة قتل النساء".

وتوزعت عمليات قتل النساء والفتيات بين الانتحار والضرب حتى الموت (وبينهما حالات متنوعة)، ويبقى تصنيف حالات الانتحار نحو 20 حادثة تخص النساء أي ما يمثل نحو 35% من مجموع الحالات.

وطرأت ظاهرة خطرة أيضا تتمثل بوفاة نحو 7% أثناء اللعب بالسلاح، هذه المؤشرات تعني أنه لم يطرأ تراجع على حالات القتل رغم كل الجهود.  

ظاهرة متجددة

الظاهرة المؤسفة سجلت عام 2018 ارتفاعًا بنسبة 14%، مقارنة بالعام الذي سبقه، إذ شهدت الضفة ما مجموعه 25 حالة انتحار.

فيما شهد عام 2017، 22 حالة، وكان توزيعهم حسب الجنس: 15 من الذكور و10 إناث. أما توزيعهم حسب الحالة الاجتماعية: 17 غير متزوجين مقابل 8 متزوجين.

ووفقا للتوزيع العمري جاءت أعلى نسبة للأشخاص الذين أقدموا على الانتحار ضمن الفئة العمرية ما بين 28-25 عاما، وشكلت ما نسبته 32%.

أما بخصوص المستوى التعليمي، فإن أعلى نسبة للأشخاص الذين أقدموا على الانتحار جاءت ضمن فئة حملة الشهادة الثانوية حيث شكلت هذه الفئة 44% من الحالات المسجلة.

وبينت الإحصائيات الرسمية أن 218 شخصا حاولوا الانتحار، من بينهم 61 من الذكور و157 من الإناث.

إحصائيات صادمة

وخلال عام 2014، سجلت الصحة ارتفاعا في معدل الانتحار وقالت الشرطة في حينه إنه أصبح توجها مقلقا وينبغي محاربته.

وسجلت الشرطة 32 حالة وفاة في 2014، مقارنة بـ 19 حالة في 2013 وثمانية فقط في 2012 – زيادة بنسبة 400% في غضون ثلاث سنوات.

ولم يتم نشر عدد محاولات الانتحار أو حالات الانتحار التي لم تحقق فيها الشرطة في هذه السنوات.

وأظهرت أرقام الشرطة أن أعلى نسبة انتحار في المجتمع الفلسطيني هي بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18-25 عاما – 34.3% – في حين أن أدنى نسبة هي بين الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 46 عاما.

من بين حالات الانتحار التي شملتها سجلات الشرطة خلال عام 2014، هناك 21 حالة لرجال، و11 حالة لسيدات.

الإنتحار شنقا كان أكثر الطرق التي تم اختيارها، إذ انتحر 22 شخصا عبر استخدام الحبل، بينما قفز 6 أشخاص عن أسطح بنايات، بينما ابتلع 2 أدوية، وقام شخص واحد بابتلاع مبيد حشرات، وتناول شخص واحد السم.

وكانت أعلى نسبة انتحار في الخليل، تلتها نابلس. وجاءت معظمها من البلدات والقرى الريفية. في حين أن مخيمات اللاجئين التي تديرها الأمم المتحدة شهدت أقل نسب للانتحار.

دوافع وحلول

وقالت اختصاصية الطب النفسي رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة، سماح جبر، إن دراسات عديدة خلصت إلى القول بأن الخطاب الديني المعتمد على الطمأنينة والثقة يخفف من الاكتئاب والقلق، ويسهل الشفاء ويعزز الوقاية من الانتحار عن طريق إحياء الروح المعنوية وبث البشرى في النفوس.

ودعت إلى إدخال مساقات الصحة النفسية والإرشاد في كليات الشريعة، لتكوين علماء دين مدربين على تقديم الإرشاد النفسي والتعامل مع أحداث الحياة وتقلُّبات النفس البشرية تعاملا إيمانيّا وعلميَا في آن معا.

وقالت جبر إننا نفتقر في فلسطين إلى الخطوط الساخنة المختصة بتقديم التدخل للوقاية من الانتحار، أو بدارسة وتقديم البيانات عن تلك الظاهرة لأبحاث مكثفة تساعدنا في الوصول لأفضل الاستراتيجيات الممكنة للتعامل معها.

وأضافت أن حساسية الانتحار وعدم شرعيته يجعل هذه الظاهرة تنمو في الظل ويصعب الحد منها.

حلول

وتابعت أن التفكير بالانتحار لا يعني أن الشخص سيئ أو ضعيف الإيمان أو أنه يود أن يموت، بل يعني أنه يعاني من ألم يفوق قدرته على التحمل في الوقت الحاضر.

وقالت جبر: "فمن الضروري أن نُشعر الإنسان بأننا نتفهم أن هناك سبب لمشاعره تلك ثم "حقنه" بالأمل بأنه لا توجد مشكلة تدوم إلى الأبد والمساعدة متوفرة الآن وعلى المدى البعيد".

وأوضحت أنه يجدر توجيه المريض إلى الطبيب النفسي أو المختص لعلاجه، وعدم انتظار تفاقم الحالة، ومحاربة ظاهرة الدجالين ممن يدعون أنهم يخرجون الجن. 

إغلاق