
07:01 am 20 يوليو 2020
رابطة أهلية: السلطة تستخدم الاعتقال لترهيب المواطنين

رام الله-الشاهد| قالت "الرابطة الأهلية لحماية الدستور"، إن جهات كثيرة لا تزال توغل في حجز حرية المواطنين دون مبرر مقبول.
وأضافت الرابطة الأهلية "دستور" في بيان صحفي أن هذه الممارسة تأتي خلافا لمبدأ سيادة القانون الذي أكدها القانون الأساسي، وقدسية الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية.
وفيما يلي موقف الرابطة كما وصل "الشاهد":
على الرغم من أن القانون الأساسي قد قرر قبل أكثر من ثمانية عشر عاما بأن "الحرية الشخصية مكفولة، لا تمس"، إلا أن ممارسات السلطات العامة ذات الصلة، وعلى مدار السنوات السابقة، توحي بأن هذه السلطات ترى في المساس بالحرية الشخصية للأفراد امتيازا لها، تمارسه بشكل تعسفي، بحيث أصبح المواطن مطلوبا منه أن يدافع عن حريته الشخصية، وأن يثبت، لهذه السلطات، أنه لا يستحق عقوبة التوقيف، وأن سبب احتجازه يعود لممارسته حقوقه المشروعة وفقا للقانون. وفي كثير من الأحيان، لا يتم إعمال صحيح القانون، والرجوع عن التماهي في انتهاكات حرية الأفراد، إلا بعد أن يصدح الرأي العام ضد هذه الانتهاكات، حيث عندها كنا نشاهد مؤسسات العدالة الجنائية تقوم، وهي مكرَهة، بالإفراج عن بعض أفراد المجتمع الذي يناضل ضد الظلم وغطرسة الاحتلال. وعلى الرغم من وقوع حالات الإفراج هذه، تؤكد الرابطة الأهلية لحماية الدستور أن الغاية المبطنة من اللجوء إلى التوقيف، في هكذا حالات، وهي العقوبة، تكون قد تحققت، ويكون الضرر الذي يسببه هذا الحبس بالفرد، والقيم الحرة للمجتمع قد وقع فعلا.
خلافا لمبدأ سيادة القانون، وقدسية الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية، وقرينة البراءة كحق طبيعي محمي دستوريا، تجد الرابطة أن جهات كثيرة لا تزال توغل في حجز حرية المواطنين دون مبرر مقبول. الملاحظ، في الغالب، أنه يتم اللجوء إلى هذه الممارسة، إما كعقوبة، أو لتهديد المواطنين وردعهم عن ممارسة حقوقهم المشروعة، لا سيما حقهم في التعبير، وممارسة العمل السياسي بأشكاله المختلفة. فالأجهزة الأمنية تستخدم الحبس الاحتياطي، إضافة إلى جهات أخرى، من ضمنها المحافظين، وهيئة مكافحة الفساد، وسابقا ما تسمى اللجنة الأمنية المشتركة. تشي الممارسة الممنهجة لهذا التوقيف، بوجود بروتوكول غير مكتوب، بموجبه يتحول ملف التوقيف (الحبس الاحتياطي) المخالف للقانون ابتداء، إلى مؤسسات العدالة الجنائية الرسمية، ليتم إضفاء شكليات قانونية فارغة المضمون عليه. وقد اطلعت الرابطة على تقارير وممارسات مؤسفة ترصد انتهاك حرية الأفراد وقرينة البراءة في أروقة مؤسسة النيابة العامة، التي يتعين عليها حراسة أمن المجتمع، وملاحقة الاعتداءات على حرية أفراده، وكذلك في باحات المحاكم.
تؤكد الرابطة أن الشعوب الحرة لا تقبل أن تهان كرامة أفرادها من خلال ترك تقدير مدى تمتع الناس بالحرية الشخصية لتعقيدات وحسابات نظام بيروقراطي غير منتخب ديمقراطيا، وشخوصه غير خاضعين لمساءلة حقيقية، وفي حالات كثيرة، يشغلون الوظيفة العمومية بطريقة مخالفة للقانون. يستخدم النظام البيروقراطي التوقيف، وببصمة قضائية في الغالب، للمحافظة على مصالحه، واستدامة شغل أعضائه للوظيفة العامة مع جميع امتيازاتها، ودون مساءلة. ويتم اللجوء إليه (التوقيف)، ليس فقط في حالة ممارسة أفراد المجتمع لحقوقهم المشروعة، بل أيضا عند أدائهم لواجباتهم بالمشاركة في الحياة السياسية، وتقييم السياسات ونقدها، ومحاربة الفساد، ويصل التعدي إلى الأفراد الذين يقومون بأعمال ضمن إطار وظيفتهم وواجبهم المهني والوظيفي، وهذا يشمل، أكاديميين، وصحفيين، وأطباء، ومهندسين، ولا يستثنى من هذا التوقيف المحامون أيضا.
ترى الرابطة أن هذا الجهاز البيروقراطي الضخم يستغل حالة تغييب وضعف المؤسسات الديمقراطية، أو عدم وجودها أساسا، من أجل ممارسة السلطة دون مساءلة. فالنيابة العامة لا تميز بين التوقيف كإجراء واستثناء، لا يتم اللجوء إليه الا في حالات محددة حصرا، وتحقيقا لمصلحة مجتمعية محددة، وليس من بينها بناء ملف تحقيقي، وبين الادانة وحجز الحرية، التي لا تتم إلا بحكم قضائي. "لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائي". وأيضا، ما زال بعض القضاة يخالفون مبدأ أن المحكمة المختصة هي من تدين وتوقع عقوبة الحبس، وليس الشرطة أو النيابة، أو قاضي التوقيف، وأن الموافقة على طلب تمديد التوقيف هو قرار قضائي خطير، لتعلقه بحجز حرية إنسان حر، ومتساوي في الحقوق والواجبات. والملاحظ من سياق حالات واقعية سابقة، أن قاضي التوقيف يعتقد، في الغالب الشائع، أنه ملزم بطلب النيابة العامة تمديد التوقيف تحت وطأة مجاملة الزميل، أو رهبة من رفض التوجه الأمني الذي تعبر عنه النيابة، أو الجهة التي أحالت الملف إليها، وفي أحوال كثيرة، يتم تمديد التوقيف بمجرد توجيه الاتهام أو الشروع في التحقيق، ودون الاطلاع على مبررات النيابة العامة في التوقيف أو مسوغاته، بالمخالفة لمتطلبات القانون وعلاقتها بحقوق الانسان وكرامته، وأثرها على المجتمع الذي تختطف ارادته، ويتم سلب أفراده حريتهم باسمه، جبرا عنه.
على ضوء ما سبق، تحذر الرابطة الأهلية لحماية الدستور من الاستمرار في سياسة إدارة الظهر لقيم الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية، سيما وأننا ما زلنا نرزح تحت الاحتلال الاستعماري وممارساته الاجرامية، ونناضل من أجل الحرية الجمعية. ولأن أصدقاء الشعب الفلسطيني، يراقبون ممارسات أجهزة إنفاذ القانون الفلسطينية، المخالفة للقانون والتي، بلا شك، تحرج مواقفهم المناصرة للقضية الفلسطينية الأخلاقية، وسيكون من الصعب عليهم الاستمرار في تبرير مواقفهم تجاه شعوبهم، طالما أن حرية الشعب تقابل بانتهاك الأجهزة القائمة لحرية افراده. ما يستوجب التوقف فورا عن نهج الاعتقال التعسفي، وحجز الحرية غير المبرر دون محاكمة عادلة، والتوقف عن سياسات ترهيب المواطنين وصدهم عن ممارسة حقوقهم المشروعة بهذه الطرق البدائية المقيتة. والشروع في معاقبة من يخالف القانون ويخل بواجبات وظيفته، بالاستهتار بحرية الأفراد في انتهاك صارخ للقانون الأساسي ولقيم الحرية والكرامة الإنسانية. ولما كان حجز حرية الأفراد دون مسوغ قانوني جريمة موجبة للعقاب والتعويض المدني، فإن دعاوى الموقوفين بوجه غير مشروع تبقى قائمة، بحق من مارس ويمارس التوقيف التعسفي.
الرابطة الأهلية لحماية الدستور
"دستور"
2020-07-18