هل ستصحو الشعوب و تثور ضد الفساد ؟

هل ستصحو الشعوب و تثور ضد الفساد ؟

نقيب الموظفين في جامعة بير زيت سامح أبو عود – الشاهد|

ان الاحتلال و ما يترتب عليه من ظلم و مصادرة الحريات و الحقوق على اختلافها هو من أكبر الشرور التي قد يقترفها البشر. و لكن ميزة التعامل مع الاحتلال هي أن العدو واضح و ان اطماعه لا تخفى على احد و لا يمكن تبريره أو ما يبنى عليه من ممارسات بأي مبررات إنسانية أو أخلاقية مهما كانت، و هذا يجعل مهمة مقاومة الإحتلال أسهل و يوحد الجميع في مواجهة المحتل.

 

أما الأكثر شرا من الإحتلال فهو الفساد و الفاسدين و قمة الفساد ان يتولى قيادة الشعوب و تسيير أمورهم من هم له كارهون سواء على مستوى الأوطان أو مستوى المؤسسات.

 

أما على مستوى الأوطان و الدول فيلجأ الاستعمار لإخفاء وجهه القبيح عن طريق انتداب أنظمة قمعية غير ديمقراطية و غير منتخبة غالباً من أجل الحفاظ على مصالح المستعمر و إعطاء امتيازات للطغمة الحاكمة تجعل من هذه الطغمة رأس حربة الاحتلال في استغلال مقدرات الشعب و ثرواته.

 

ومن أجل ذلك لا بد من استعمال القمع و مصادرة الحريات و انتهاك الحقوق خصوصاً ضد من يقف ضد هذا الاحتلال الخفي و يتم شيطنة هؤلاء و الصاق التهم و النعوت المختلفة بهم من أجل استمالة الأغلبية الصامتة و تبرير اعتداء وكلاء الاحتلال على حقوق الشعب و ثرواته بمسميات دينية أو وطنية ، و هنا لا بد من توسيع دائرة المنتفعين من فتات الاحتلال عن طريق التوظيف في أجهزة الدولة العسكرية او نظامها القضائي و مؤسساتها المدنية أو حتى تسهيل عمل مؤسسات أجنبية طالما أنها لا تتعارض مع مصالح الإحتلال و تصرف الانظار إلى قضايا هامشية.

 

يبدأ الاحتلال بدراسة وكلائه مبكراً فيغيب الشرفاء و يحاول استمالة البعض ممن قد يعتقد أنه بالإمكان تضليلهم و قد يلجأ إلى الترهيب والترغيب و الابتزاز من أجل ضمان ولاء الوكلاء و قد يغدق العطايا و الامتيازات لمن يخدم مصالحه و يعمل على تلميعهم و تقويتهم و دعمهم بكل الوسائل، كما يعمل على تشويه من يقف ضد مشاريعه و اضعافه و إثارة الأغلبية المنتفعة التي تملك القرار و القوة و تحرضهم على هؤلاء.

 

ومن أجل ذلك لا بد من العمل بذكاء من أجل أن يبدو الخلاف باستمرار هو خلاف ايديولوجي و سياسي و ديني و طائفي و لكنه في حقيقة الأمر صراع مع الإحتلال و وكلائه الفاسدين.

 

إن ما حدث في بيروت بالأمس القريب و ما يحدث في كل الدول العربية لا يخرج عن نطاق التحرر من الاستعمار الأخطر و هو الفساد بسبب وكلاء الإحتلال الذين يفرضون أنفسهم على الشعوب بدعم من الدول الاستعمارية و بأساليب عصرية من أجل نهب ثروات الشعوب من قبل الأنظمة الحاكمة و ايداعها في بنوك الدول الاستعمارية دون استفادة الشعوب من مقدراتها و ثرواتها.

 

ما حدث في لبنان هو أن الشعب دفع فاتورة سكوته عن وكلاء الإحتلال و الفساد و بدلا من الثورة على الاستعمار و وكلائه نجد البعض يحاول ان يستبدل السيد الأصغر بالسيد الأكبر و يطالب بعودة الانتداب الفرنسي على لبنان.

 

الفساد والاحتلال وجهان لعملة واحدة. فهل ستصحو الشعوب و تثور ضد الفساد ام ستنتظر المزيد من الكوارث و المآسي و تبقي رؤويها مدفونة في الرمال؟

إغلاق