نار تحت الرماد.. هل تكتوي فتح بنار النقابات في الانتخابات المقبلة؟

نار تحت الرماد.. هل تكتوي فتح بنار النقابات في الانتخابات المقبلة؟

الضفة الغربية – نار تحت الرماد.. وصف ينطبق على الحالة التي تحياها النقابات الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي أثار غضبها تجاهل المرسوم الرئاسي للانتخابات المقبلة، تجديد الدماء في تلك النقابات عبر إلزام مجالس إداراتها بإجراء انتخابات جديدة تسبق الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة والتي تطمح للمشاركة فيها بقوة.

الغضب الذي زاد بعد تجديد ولايات بعض رؤساء المجالس النقابية، وفي مقدمتهم أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد الذي يجلس على ذلك المقعد منذ 27 عاماً، على الرغم من الملاحظات العديدة عليه وتحديداً في علاقاته التطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ شارك سعد في مؤتمر إسرائيلي بتل أبيب عام 2018، ناهيك عن استقباله لشخصيات احتلالية في الهستدروت.

الأمر لم يقصر على رفض إجراء انتخابات للمجالس النقابية في الضفة الغربية، بل امتد لتوجيه اتهامات لرؤساء المجالس النقابية بالفساد وسرقة الأموال، وقمعت الأجهزة الأمنية كل حراك أو صوت ينادي بتجديد الدماء في تلك النقابات أو تنظيفها من الفساد.

كما وتتهم النقابات وفي مقدمتها نقابتي الأطباء والمعلمين حكومة اشتية بالتنكر للاتفاقيات التي أبرمت فيما بينهم أو مع حكومة رامي الحمد لله السابقة، والمتعلقة بحقوق العاملين في تلك المهنتين، وهددت بالعودة للإضرابات والاعتصامات مجدداً.

تفشي الفساد وتنكر للحقوق

المتحدث باسم حراك ضد الفساد عامر حمدان اعتبر أن أوضاع نقابات العمال بشكل عام في حالة يرثى لها، وذلك في ظل تفشي الفساد داخل بعض مجالس تلك النقابات، ورفض إجراء انتخابات في بعضها لتجديد الدماء ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

وأوضح حمدان أن ما تعانيه النقابات سينعكس بشكل حتمى على الانتخابات التشريعية المقبلة، والتي قرر الحراك المشاركة فيها بقائمة مستقلة بهدف إيجاد شخصيات فلسطينية نظيفة تكافح الفساد وتناضل من أجل حقوق العمال الفلسطينيين في الحرف كافة والطبقات المجتمعية الأخرى.

وتواصل النقابات الفلسطينية وفي مقدمتها نقابة الأطباء والمعلمين منذ أشهر طويلة تحركاتها الاحتجاجية للمطالبة بحقوقهم المشروعة من قبل الحكومة الفلسطينية التي تماطل في تنفيذها، والتي هي حكومة حركة فتح فعلياً.

واتهم مدير نقابة الأطباء في الضفة الغربية نافذ سرحان الحكومة الفلسطينية بالتراجع عن الاتفاقيات التي تم توقيعها بينهما، على الرغم من وعودات الحكومة السابقة بأن قضية العلاوات المالية التي يطالب بها الأطباء ستنفذ بعد استلام أموال المقاصة وهو ما لم يتم حتى اليوم.

وأشار سرحان أنهم قرروا العودة للاعتصامات والاضرابات مجدداً في ظل التنكر لحقوقهم وعدم الإيفاء بها، مشيراً إلى أن خطواتهم التصعيدية لن تتوقف في هذه المرة إلا بتحقيق فوري للمطالب النقابية المشروعة.

وأوضح أن مطالبهم التي يطالبون الحكومة بها تتمثل في اعتماد علاوة طبيعة العمل لجميع الأطباء، وإقرار قانون حماية الكوادر الطبية، وإقرار قانون المساءلة الطبية.

كما وتتهم شخصيات نقابية في الضفة الغربية مؤسستي الرئاسة والحكومة وكذلك حركة فتح بالتدخل السافر في عملها عبر تعيين رؤساء ومجالس النقابات، إذ تهدف تلك المؤسسات إلى إحكام سيطرتها على تلك النقابات، ويعزو البعض رفضها إجراء انتخابات لمجالس النقابات هو خوفها من وصول شخصيات تعارض سياستها.

أزمة حقيقة

الناشط الحقوقي الفلسطيني عصام عابدين ذكر أن النقابات وأوضاعها والتشريعات الخاصة بها هي في آخر اهتمامات المؤسسات الرسمية الفلسطينية، مشيراً إلى أن التشريعات الفلسطينية الخاصة بالنقابات عفا عليها الزمن ويعود تاريخ بعضها إلى خمسينات القرن الماضي، وهي بحاجة لتعديل وتغيير.

واعتبر عابدين أن خطوات عدة كان يجب أن تسبق إصدار مرسوم الانتخابات العامة من قبل الرئيس عباس، أهمها إصدار مرسوم بإجراء انتخابات للنقابات الفلسطينية بشكل عام، والنزول عند مطالب النقابات المحقة.

 وحذر عابدين من أن النظام السياسي الفلسطيني يعاني من أزمة حقيقة في ظل السطوة والسيطرة على النقابات من قبل شخصيات متنفذة، وتابع لمؤسسة بيدها كل السلطات التشريعية والرئاسية -يقصد مؤسسة الرئاسة الفلسطينية-.

لن ننتخب من يسرقنا

موقع "الشاهد" أجرى مقابلات مع بعض المعلمين والمحامين في الضفة الغربية والذين طالبوا بعدم ذكر أسمائهم خوفاً من الملاحقة الأمنية لهم من قبل الأجهزة التابعة للسلطة الفلسطينية، أكدوا أن أصواتهم لن تذهب بالمطلق لمن يسرق حقوقهم ويتجاهل مطالبهم النقابية.

وقال المدرس (ع. ك) من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية: "حتى اللحظة لم أحسم موقفي في المشاركة بالانتخابات التشريعية والرئاسية -إن تمت- أم لا، فمن انتخبتهم في المرات الماضية لم يفوا بما وعودا بهم الناخبين".

وأضاف: "منذ أشهر وسنوات ونحن نطالب بحقوقنا النقابية من الحكومات المتعاقبة، وإلى اليوم لم نحصل أي من تلك الحقوق، فقط ما نسمعه كلاماً لا يسمن ولا يغني من جوع"، متسائلاً: "بهذا الأسلوب في التعامل من المؤسسات الرسمية معنا كمعلمين ونقابيين كيف لنا أن نعيد انتخاباتهم أو نعطي صوتنا لهم؟.

وتوافق المحامي (س. ن) من مدينة رام الله مع سابقه في أن صوته سيذهب لمن يستحقه في الانتخابات المقبلة، والذي يؤمل منه أن يكون عند مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني ونقاباته المتعددة، ويلبي احتياجاتهم.

وبين أن نقاشات قوية تدور في أروقة تلك النقابات من أجل تشكيل قوائم مستقلة لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، بهدف احداث تغيير حقيقي في بناء المؤسسات الرسمية الفلسطينية.

 

فتح ستدفع الثمن في الصندوق

مختصون سياسيون يجمعون على أن الأوضاع العامة في الضفة الغربية من قمع للحريات والعمل النقابي والتنكر لحقوق العمال والموظفين في العديد من المهن والحرف، سيدفع ثمنه الحزب الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها في الضفة الغربية.

وقال المحلل السياسي الفلسطيني فايز أبو شمالة: "منذ أن أوجدت منظمة التحرير النقابات كانت تسعى لوضع شخصيات مقربة من القيادات المتنفذة فيها، وزاد الأمر سوءاً بعد إنشاء السلطة الفلسطينية".

وتوقع أبو شمالة أن تنعكس أمور تلك النقابات سلباً على حضور حركة فتح في الانتخابات التشريعية المقبلة، مشيراً إلى أن شرائح كبيرة ومهمة تحتويها تلك النقابات لن تقدم صوتها لمن سلب حقوقها وغيبها كمؤسسات فاعلة في اتخاذ القرار وبناء المؤسسات بصورة صحيحة.

مؤشرات عديدة تشير إلى أن الأوضاع العامة في الأراضي الفلسطينية بشكل عام والداخلية في حركة فتح بشكل خاص، قد تدفع بالرئيس عباس لإلغاء الانتخابات الفلسطينية المقبلة، أو خسارتها بشكل مدوٍ في حال قرر المجازفة وخوض تلك الانتخابات بقوائم متعددة لحركة فتح.

إغلاق