الحركة الطلابية.. وقود المواجهة الذي أهدرته السلطة بالقمع والتكبيل

الحركة الطلابية.. وقود المواجهة الذي أهدرته السلطة بالقمع والتكبيل

الضفة الغربية – الشاهد| لطالما كانت الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية وقود المواجهة على مدار سنوات الصراع منذ احتلال فلسطين عام 1948، وما سبقها، وأمدت تلك الحركة الثورات والمواجهات مع الاحتلال بالكفاءات والدماء في طريق تحرير الأرض.

ومثلت الحركة الطلابية الفلسطينية رافعة حقيقية لحركة التحرر الوطني الفلسطيني، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 65% من القيادات الفلسطينية أيام الانتداب البريطاني كانت جامعية، واستمر الأمر مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن غالبية قادة العمل الوطني السياسي والعسكري هم من قادة الحركات الطلابية الفلسطينية.

تنبهت السلطة ومن قبلها الاحتلال لأهمية الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية، وتوصلت لقناعة أن استمرار المقاومة المسلحة والشعبية وإبقاء جذوة الصراع مشتعلة هي بسبب الحركات الطلابية التي تكون في طليعة أي مواجهة مع الاحتلال.

عمل الاحتلال على مدار عشرات السنوات في التضييق على الحركات الطلابية، فأغلق الجامعات لأيام وأحياناً لأشهر، واعتقل قادة الحركات الطلابية، وضيقت على آخرين في الدراسة، وأخرت تخرجهم لسنوات طويلة.

قادة الحركات الطلابية كانوا يعلمون جيداً أن ثمن العمل في إطار تلك الحركات له ثمنه من اعتقال أو حرمان من الدراسة والتخرج أو الملاحقة الأمنية المستمرة سواءً من الاحتلال أو من أجهزة السلطة.

فقد قدمت الحركة الطلابية في إطار مواجهتها المفتوحة مع الاحتلال آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، إذ تشير آخر الاحصائيات الإحصائيات الفلسطينية أن الاحتلال لا يزال يعتقل 300 طالباً جزء كبير منهم هم نشطاء الحركات الطلابية بالجامعات.

السلطة واستكمال الدور

كل المحاولات الإسرائيلية السابقة لم تنجح في إحباط نشاط الحركات الطلابية بالجامعة، ومع إنشاء السلطة عام 1994، سلم الاحتلال ملف القمع والملاحقة للسلطة الفلسطينية، والتي عملت بكل قوة على استكمال ما بدأه الاحتلال من ملاحقة وقمع للحركات الطلابية.

أرادت السلطة من عملها ذلك ترهيب الأجيال اللاحقة من العمل في إطار الحركات الطلابية، وذلك بدل أن تستغل السلطة تلك الورقة في الضغط على الاحتلال لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني.

نجحت السلطة جزئياً في تراجع الدافعية لعمل الطلاب في إطار الحركات الطلابية بسبب سنوات القمع والترهيب، وهو الأمر الذي وضع ضغط كبير على الفصائل الفلسطينية والحركات الطلابية في إيجاد حلول للتغلب على حالة الترهيب التي تقوم بها السلطة ضد الطلاب.

واستغلت الحركات الطلابية لأي مواجهة مع الاحتلال لتصعد من عملها الطلابي وشحذ همم الطلبة، ودفعهم باتجاه المشاركة في مواجهة الاحتلال، وإبقاء حالة الصراع مع المحتل مستمرة، وعدم الالتفات للممارسات السلطة.

العملية الديمقراطية

لم يقتصر عمل الحركات الطلابية في الجامعات على مواجهة الاحتلال، بل اتخذت من العملية الديمقراطية وتنظيم الانتخابات خطوة لأن تقدم خدماتها للطلاب عبر الدفاع عن حقوقهم أمام إدارات الجامعات، وتحديداً في قضية الأقساط الجامعية.

ونجحت الحركة الطلابية لحركة حماس في الفوز بالانتخابات الطلابية في السنوات العشرين الأخيرة، وتعتبر العديد من المؤسسات والمراقبين الفلسطينيين وحتى المؤسسات الغربية التي تراقب الحالة الفلسطينية أن تلك الانتخابات بمثابة مؤشر على صعود أو تراجع شعبية الحركات الفلسطينية.

أما حركة الشبيبة الفتحاوية والتي تمثل الخصم الأبرز لكتلة حماس الطلابية فتكبدت في السنوات الأخيرة خسارات متلاحقة في العديد من الجامعات التي كانت بمثابة معاقل لها، والسبب في ذلك هو تماهيها مع سياسات السلطة ومشاركتها في أدوارها، وتحديداً بعد تقلد عدد من قادة الحركة الطلابية لفتح مناصب في أجهزة السلطة الأمنية وقمعهم للشعب.

انتفاضة الأقصى نقطة التحول

دفع اقتحام رئيس حزب الليكود الأسبق أرئيل شارون للمسجد الأقصى، إلى اندلاع شرارة انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000، وكان للحركة الطلابية الفلسطينية دور مميز في انطلاقها، فكانت أول مسيرة في الضفة بدعوة من مجلس الطلبة الذي تقوده الكتلة الإسلامية في جامعة بيزيت، ثم اتسعت رقعة المسيرات والمواجهات لتشمل الضفة الغربية.

أسابيع قليلة كانت تفصل الحالة الشعبية التي انطلقت بها الانتفاضة وانتقالها للجانب العسكري، فكانت الحركة الطلابية الفلسطينية، ولا سيما الكتلة الإسلامية، واحداً من أهم روافد المقاومة المسلحة، فكانت أبرز قيادات كتائب القسام، من طلبة الجامعات وخريجيها، أمثال أيمن حلاوة، وقيس عدوان، ومحمد الحنبلي.

فيما جاء في مقدمة منفذي العمليات الاستشهادية في أواسط العشرية الأولى من القرن الحالي، قادة الحركات الطلابية وتحديداً من الكتلة الإسلامية، التي قدمت عشرات الاستشهاديين الذي نفذوا عمليات ضخمة.

محاولات التدجين

اقنعت السلطة أن محاولات قمع الحركات الطلابية وملاحقتها أمنياً لم يجدي نفعاً، فانتهجت وبمساعدة من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية العمل على تدجين الأجيال الفلسطينية الصاعدة، وفي مقدمتها طلاب الجامعات الجدد الذين يتم اختيار قادة الحركات الطلابية منهم.

واتخذت السلطة من حالة الانقسام الداخلي مبرراً للسير في مسارين مختلفين في مواجهة وإنهاء عمل الحركات الطلابية، الأول عبر استمرار القمع بحجة محاولة السيطرة على السلطة، والثاني عبر التدجين وتلويث الأفكار.

أثارت خطوات السلطة حالة من الاحتقان والغضب في أوساط الجامعات، ودب الخلاف بين الكتل الطلابية، الأمر الذي حدوث شجارات بين الطلاب، لتستغل السلطة الأمر وتدخل قوات أمنية لفض تلك النزاعات وتقمع طلاب الكتلة الإسلامية وتعقل العشرات منهم.

ليستكمل رؤساء بعض الجامعات وفي مقدمتهم رامي الحمد لله الذي كان يشغل منصب رئيس جامعة النجاح، بفصل عشرات الطلاب الذين ينتمون للكتلة الإسلامية، فيما أعاقت إدارة الجامعة تخرج عشرات آخرين كعقاب بأثر رجعي على نشاطهم في إطار الحركة الطلابية.

على الرغم من حالات القمع المتبادلة بين السلطة والاحتلال لإبقاء الحركات الطلابية في حالة ضعف ومتفرغة فقط للخلافات الداخلية، إلا أنها لم تفلح في حرف بوصلة تلك الكتلة وفي مقدمتها كتلة حماس الطلابية عن هدفها الأهم وهو البقاء في طليعة العمل المقاوم ضد الاحتلال.

إغلاق