
17:15 pm 23 أبريل 2021
كتب عقل أبو قرع: الأسعار وسلامة الغذاء ودور المستهلك!

رام الله – الشاهد| كتب/ عقل أبو قرع: مثلما كان متوقعا، ارتفعت الاسعار ولو بنسب مختلفة خلال الايام العشرة الاولى من شهر رمضان، حيث ارتفعت اسعار اللحوم والدواجن والزيوت وغيرهما.
وكان من الواضح أنه لولا حملات التنزيلات الواضحة ذات الترويج الاعلامي الكبير، التي قامت بها متاجر أو مراكز تسويق كبيره، وبالأخص فيما يتعلق بأسعار الخضروات واللحوم، لكان التلاعب في الاسعار كبيرا ولدفع المستهلك الثمن مثلما كان يحدث في السنوات الماضية، سواء خلال شهر رمضان أو في غيره من الاوقات، في ظل غياب رقابه ومحاسبه فعليه من الجهات المختصة.
وخلال الايام العشرة الاولى من رمضان وفي ظل التخبط في موضوع الاسعار، لعب المستهلك دورا هاما في تحديد بوصلة ارتفاع الاسعار، حيث أن اقبال المستهلك على المتاجر الكبيرة ذات الاسعار المنخفضة وبالأخص السلع لأساسيه له ولأفراد عائلته على مائدة الافطار في شهر رمضان المبارك، قد أدى الى ابطاء وتيرة ارتفاع الاسعار أو الحد منها، على الاقل حتى الان.
وحتى أن بعض محلات بيع اللحوم والدواجن أضحت على الاستعداد للمنافسة والبيع بأسعار مراكز التسويق الكبيرة، والعامل الحاسم في ظل ذلك هو تصرف المستهلك، ألذي اثبت أن له دورا هاما في تحديد سقف الاسعار والحفاظ عليها.
وبالإضافة الى اقبال المستهلك على مراكز التسويق ذات الاسعار المنخفضة، فأن المستهلك يستطيع التحكم بالأسعار من خلال ترشيد الشراء أو الاستهلاك.
ويمكن العمل وبشكل مدروس على اضعاف الطلب وفي ظل ارتفاع العرض تنخفض الاسعار، أي أن ابتعاد المستهلك عن التسوق الجشع أن جاز التعبير وبالأخص في بداية شهر رمضان، سوف يحد من جشع التاجر أو صاحب المحل في رفع الاسعار، ومثل هكذا تصرفات وممارسات حدثت في الماضي وكان للمستهلك دورا هاما في ذلك.
وارتفاع الاسعار بحد ذاته يعني الارهاق المتواصل للمستهلك الفلسطيني، ومن كل جانب وما لذلك من نتائج وانعكاسات قد تكون وخيمة على الكثير من الافراد والعائلات الفلسطينية، وخاصة حين يكون الارتفاع يشمل سلع اساسية لا غنى له عنها، وترتبط بسلع اخرى.
وحين ترتفع اسعار بعض المنتجات، من المحتمل ان يبدأ المستهلك الفلسطيني بالإقبال على منتجات اقل سعرا ولكنها أقل جودة أو سلامة، وهذا حدث في الماضي.
وحين الحديث عن ارتفاع الاسعار هذه الايام، ومهما تحدثنا عن اقتصاد السوق، وعن العرض والطلب، وعن التقلبات الجوية، وعن الظروف السياسية، وعن التحكم في المعابر والحدود، وما الى ذلك، من امور يمكن ان تساهم في ارتفاع الاسعار، الا انه لا يعقل ان تضاهي الاسعار عندنا وحتى بدون رفعها الجائر في شهر رمضان الاسعار في الكثير من الدول، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها، اضعاف واضعاف ما عندنا.
هذا يتطلب تغييرا جذريا وجديا في سياسة الجهات الرسمية، وهذا يتطلب المراقبة الجدية، وهذا يتطلب المحاسبة الصارمة لجشع بعض التجار، ونحن نعرف ان نسب الفقر والبطالة في بلادنا هما في ازدياد مضطرد.
ومع كل ارتفاع جديد في الاسعار، يبدأ الاهتمام بالمستهلك وحقوقه واحتياجاته يحتل العناوين في وسائل الاعلام، حيث يبدو ان هذا الاهتمام لا يأخذ الحيز المطلوب الا اذا حدث الارتفاع ويزداد مع ازدياد حدة الارتفاع.
وهذا الاهتمام سواء كان من المسؤولين الرسميين او غير الرسميين، اومن العديد من الاشخاص والهيئات، فأنه في العادة لا يحمل الجديد للمستهلك الذي اعتاد على مثل هكذا شعارات، والذي بات يدرك ان كل الدعوات السابقة وحملات التفتيش على الاسعار وعلى المنتجات، لا تحقق ما يتم الحديث عنه او التصريح به، والذي يبقى في المحصلة شعارات اعلامية فقط.
ورغم صدور قائمة الاسعار الاسترشادية قبل عدة ايام من خلال وزارة الاقتصاد، الا ان غياب اشهار الاسعار او اظهارها على السلعة، سواء في حسبة الخضار او في المحلات التجارية، وعدم فعالية حملات التفتيش والرقابة وذلك لعدم كفاية الطواقم او قلة الامكانيات، وكذلك ضعف ردع القوانين وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك الفلسطيني لعام 2005 في هذا الصدد، سوف يبقي الاسعار ترتفع حسب شهية بعض المستهلكين غير المبالين، وحسب مزاج او مستوى جشع التاجر او المزارع او المورد.
ومع الامل أن تبقى حملات تخفيض الاسعار نشطه في مراكز التسوق الكبيرة وبالتالي تحد من ارتفاع الاسعار عند الاخرين ، فإنه يجب التأكيد على الدور الهام الذي يستطيع أن يلعبه المستهلك في التحكم بالأسعار.
وهذه نقطة مهمة لتبيان لماذا ترتفع الاسعار وبشكل كبير في اوقات معينة في السنة، مثلا قبل الاعياد او المناسبات، اي ان اقبال المستهلك وبشكل غير عقلاني على الشراء مثلا ، اي الشراء بالجملة او بشكل غير منطقي.
هذا الاقبال يؤدي الى رفع الاسعار بشكل كبير وغير مبرر وغير مسؤول، وبالتالي يتحمل المستهلك الذي يشتري بهذا الشكل والقادر على ذلك جزء من المسؤولية عن ارتفاع الاسعار، وكذلك مسؤولية الثمن الذي يدفعه المستهلك غير القادر على الشراء.