21:14 pm 22 يوليو 2021

الصوت العالي

كتب عمار جاموس: توقيف المادة 105.. في حضرة الاستخدام السيء للقانون

كتب عمار جاموس: توقيف المادة 105.. في حضرة الاستخدام السيء للقانون

رام الله – الشاهد| كتب عمار جاموس: أعاد اعتقال الناشط والمرشح السابق للمجلس التشريعي فخري جرادات أيام العيد بأوامر من النيابة العامة، والإفراج عنه في وقت لاحق بأمر من النيابة العامة أيضاً بعد أن قضى في الحبس أربعة أيام بدون مراجعة مشروعية الحبس من قاضٍ مستقل ومحايد، النقاش مجدداً حول صلاحيات النيابة العامة في تقييد الحريات الشخصية لا سيما من خلال التوقيف.

 

أحاول أن أشرح هنا كيف يعمل هذا النظام وكيف يتم استخدام القانون بسوء نية في تقييد حريات الناس.

 

  • 1- في ممارسة ليس لها أساس دستوري، ولا يدعمها أساس قانوني سليم ومنطقي، تقول النيابة العامة أن لديها صلاحية الأمر بتوقيف المتهم مدة 48 ساعة بعد استجوابها له (مادة 108 إجراءات جزائية).

 

وقبل استخدام وكيل النيابة هذه الصلاحية، يكون المتهم في أغلب الحالات، قد حجزت حريته من قبل الضبط القضائي (الشرطة، الوقائي، المخابرات...)، مدة 24 ساعة (مادة 34 إجراءات جزائية) وهذه أيضاً، ممارسة لا يدعمها أساس دستوري، ولا أساس قانوني سليم ومنطقي.

  • 2- للأسف يتم تدريس هذه الممارسات في كليات الحقوق باعتبارها مسلمات ويتعامل معها المحامون كذلك. بالرغم من العوار الذي يعتريها، حيث إنه لا يجوز تقييد حرية أي شخص إلا بموجب أمر قضائي (مادة 11 قانون أساسي -الدستور).

 

ويقصد بالأمر القضائي: الأمر الصادر عن سلطة قضائية مستقلة ومحايدة، والنيابة العامة لا يمكن أن تكون كذلك للعديد من الاعتبارات القانونية والحقوقية، (للمزيد حول طبيعة النيابة العامة وصلاحياتها، ارجع إلى منشور للرابطة الأهلية لحماية الدستور في التعليق الأول).

 

  • 3- في ظل هذه الممارسة، يصبح مجموع ما يقضيه المتهم في الحبس ثلاثة أيام -72 ساعة، بدون أن يعرض على قاض مستقل ومحايد لفحص مشروعية اعتقاله. على الرغم من هذه المخالفات، إلا أن ذلك لم يكن كافٍ للنيابة العامة والأجهزة الأمنية، حيث تم ابتداع ممارسة أخرى من أجل إطالة مدة توقيف المتهم بدون مراجعة المحكمة.

 

وتستند هذه الممارسة إلى فهم قاصر للمادة (105 إجراءات جزائية)، حيث تمنح هذه المادة وكيل النيابة العامة صلاحية باستجواب المتهم خلال 24 ساعة من تاريخ إرساله إليه من قبل الضبط القضائي الذي يكون قد حجز المتهم مدة 24 ساعة، وعلى إثر الاستجواب يقرر وكيل النيابة إما توقيفه أو اطلاق سراحه.

 

  • 4- الذي يحصل هنا في توقيف المادة 105: أن وكيل النيابة العامة وبدلاً من أن يستجوب المتهم فوراً، فإنه يقرر تأخير استجوابه لآخر ساعة من مدة 24 ساعة المذكورة في المادة 105، ثم يقرر بعد ذلك توقيفه مدة 48 ساعة.

وبالتالي يصبح مجموع ما يقضيه المتهم في الحبس الاحتياطي أربعة أيام -96 ساعة (24 ساعة ضبط قضائي، 24 ساعة تأخير استجواب وفقاً للمادة 105، 48 ساعة من قبل وكيل النيابة وفقاً للمادة 108) وذلك كله بدون أن يعرض المتهم على قاض لمراجعة مشروعية اعتقاله. هذا على الأغلب ما تعرض له الناشط فخري جرادات، حيث أوقف أربعة أيام بدون أن يعرض على قاضٍ مختص، وهو المتهم ب "جنح".

 

  • 5- في وقت لاحق لهذه الإجراءات،  فإن القضاة للأسف لا يفرضون في أغلب الحالات رقابة حقيقية على الإجراءات التي اتخذت ضد المتهم قبل عرضه عليهم، حيث يقرر معظمهم، إجابة طلب النيابة العامة وتمديد توقيف المتهم على الرغم من المخالفات التي انطوت عليها إجراءات النيابة العامة في القبض والتوقيف والاستجواب.

 

  • هذه ممارسات غير دستورية وغير قانونية، لا تأخذ بعين الاعتبار المادة 10 من القانون الأساسي -الدستور، التي تنص على أن حقوق الإنسان وحرياته ملزمة وواجبة الاحترام، ولا تأخذ في الاعتبار المادة 11 من الدستور التي تحظر تقييد الحرية الشخصية بدون أمر قضائي.

 

6- ولا تأخذ بعين الاعتبار أيضاً المادة 119 من الدستور التي ألغت كل ما يتعارض معه، بما في ذلك المواد في قانون الإجراءات الجزائية التي يتم الاستناد إليها في تبرير صلاحيات النيابة العامة والضبط القضائي في تقييد الحريات الشخصية لا سيما الاعتقالات.

 

  • 7- هذه الممارسات تشير إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في الوقت الحالي تتم باستخدام سيء للقانون وبمشاركة أجهزة العدالة الجنائية من نيابة عامة وقضاة. وهذه مرحلة متقدمة جداً من انتهاكات حقوق الإنسان على مستوى عالمي.

 

  • 8- الآن، أفرج عن جرادات، ولكن هذا لا يعني شيء، فالجريمة "حجز الحرية بوجه غير مشروع -الاعتقال التعسفي" قد وقعت فعلاً، وتم حرمانه من أسرته، وحرمان أسرته منه في أيام العيد بدون إجراءات سلمية قانوناً وبدون مبرر قانوني معقول، هذا يستدعي التحقيق والمساءلة، والتعويض أيضاً.
  • 9- المساءلة والتعويض عن انتهاكات حقوق الإنسان في هذه البلاد لا تعمل، لأن الجهات التي تتولاها وتحديداً النيابة العامة والقضاة، هي نفسها تنفذ انتهاكات أو تشارك في تنفيذها أو تعمل على التغطية عليها، فكيف يستقيم القول حينها بالدعوة للمساءلة والتعويض؟!