البنك الدولي: السلطة الفلسطينية عاجزة عن سداد التزاماتها حتى نهاية 2021

البنك الدولي: السلطة الفلسطينية عاجزة عن سداد التزاماتها حتى نهاية 2021

رام الله – الشاهد| حذر البنك الدولي من أن السلطة الفلسطينية لن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية خاصة ما يتصل برواتب موظفيها وتحسين الوضع المعيشي بحلول نهاية العام الحالي.

 

جاء ذلك في تقرير بعنوان "المراقبة الاقتصادية الفلسطينية" سيقدمه البنك الدولي للجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني، في اجتماع من المقرر أن يعقد في العاصمة النرويجية أوسلو في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

 

وقال البنك إن الضغوط على المالية العامة الفلسطينية زادت جراء اقتطاعات إضافية أجرتها الحكومة الإسرائيلية من الإيرادات الضريبية الشهرية التي تقوم بتحصيلها لحساب السلطة الفلسطينية (إيرادات المقاصة).

 

عجز متوقع

والمقاصة هي ضرائب على الواردات الفلسطينية تجبيها إسرائيل لصالح السلطة مقابل عمولة 3 بالمئة، وتحولها للخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر.

 

ويبلغ معدل المقاصة حوالي 250 مليون دولار شهريا، تقتطع الحكومة الإسرائيلية من طرف واحد حوالي 50 مليون دولار شهريا منها، لصالح مزودي خدمات إسرائيليين، وأيضا بما يوازي مدفوعات السلطة لعوائل الشهداء والجرحى والأسرى.

 

ويتوقع البنك الدولي عجزا في موازنة السلطة الفلسطينية بمقدار 1.36 مليار دولار بنهاية العام الحالي.

 

وقال إن السلطة "قد تواجه السلطة الفلسطينية صعوبات في الوفاء بالتزاماتها الجارية قرب نهاية العام، (إذ) لم تعد قادرة على الاقتراض من البنوك المحلية".

 

وتبلغ مديونية الحكومة الفلسطينية للبنوك المحلية حوالي 2.3 مليار دولار، في حين لم تتلق هذا العام سوى 30 مليون دولار مساعدات خارجية، بانخفاض 90 بالمئة عن المقدر في الموازنة.

 

تحويل المقاصة

ونقل التقرير عن مدير البنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة كانثان شانكار قوله إنّ "الطريق فيما يتعلّق بتنشيط الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب لا يزال غير واضح ويعتمد على تضافر جهود جميع الأطراف (المانحين، السلطة الفلسطينية، إسرائيل وغيرهم)".

 

وفي الضفة، يبلغ معدل البطالة نحو 17 في المئة، بحسب البنك الدولي.

 

وأبدى البنك في تقريره قلقه من الأوضاع المالية للسلطة الفلسطينية التي "لم تعد قادرة على الاقتراض من البنوك المحلية الأمر الذي يؤدّي إلى سحب المزيد من السيولة من السوق.

 

مستويات دين عالية

وكان الدَّين العام المستحق على حكومة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية، صعد إلى مستوى غير مسبوق في تاريخ الحكومات الفلسطينية المتعاقبة.

 

ووفق دراسة أعدها موقع الاقتصادي، فإن الارتفاع يأتي مدفوعا بتراجع المنح الخارجية التي تتلقاها الحكومة الفلسطينية، نتيجة استمرار توقف الدعم الأمريكي منذ 2017، والدعم العربي منذ النصف الأول 2020، والدعم الأوروبي منذ مطلع العام الجاري.

 

يضاف إلى ذلك، أزمة فيروس كورونا، التي زادت الضغوط المالية على حكومة محمد اشتية، سبقها أزمة مقاصة في 2019، مع توليه رئاسة الحكومة وأزمة مقاصة ثانية منذ يونيو/حزيران 2020، استمرت حتى نهاية العام.

 

 وفي فبراير/شباط 2019، وهو الشهر الأخير لتولي رامي الحمد الله منصب رئيس الوزراء، بلغ إجمالي الدين العام المستحق على الحكومة 23.8 مليارات شيكل، حيث كان الحمد الله تولى رئاسة الحكومة في مايو/أيار 2014، في وقت بلغ فيه الدين العام 12.8 مليارات شيكل.

 

ديون متراكمة

وفي الشهر الأول لتولي محمد اشتية منصبه الحالي رئيسا للحكومة، صعد الدين العام إلى 41.8 مليارات شيكل، وهو الشهر الأول لأزمة المقاصة الناجمة عن رفض السلطة الفلسطينية تسلمها.

 

ورفضت السلطة تسلم أموال المقاصة في فبراير/شباط 2019، بسبب اقتطاعات أعلنت عنها إسرائيل بمقدار 532 مليون شيكل سنويا، تمثل مخصصات الأسرى التي تقدمها الحكومة الفلسطينية.

 

وظل الدين العام يصعد نتيجة الاقتراض من القطاع المصرفي الفلسطيني حتى وصل إلى مستوى تاريخي في أغسطس/آب 2019، عند 34.10 مليارات شيكل.

 

في ذلك الشهر، تسلمت الحكومة الفلسطينية جزءا من أموال المقاصة تمثل ضريبة المحروقات، قبل أن تستأنف الحكومة تسلم أموال المقاصة اعتبارا من أكتوبر/تشرين أول 2019، مع بقاء الاقتطاعات الإسرائيلية قائمة.

 

وتراجع الدين العام بنهاية 2019 إلى 66.9 مليارات شيكل، لكن الدين العام عاود الصعود اعتبارا من مطلع 2020، أي قبل تفشي فيروس كورونا بشهرين، ليبلغ 9.9 مليارات شيكل بنهاية يناير/كانون ثاني 2020.

 

وبنهاية النصف الأول 2020، بلغ الدين العام 6.11 مليار شيكل، وينهي العام الماضي عند 73.11 مليار شيكل؛ إذ واجهت الحكومة أزمة مقاصة ثانية اعتبارا من يونيو/حزيران 2020، بسبب قرار من رئيس السلطة محمود عباس قطع العلاقات مع الاحتلال.

 

وحلت أزمة المقاصة بنهاية نوفمبر/تشرين ثاني 2020، وتسلمت الحكومة على إثرها أموال المقاصة كاملة بأكثر من 6.3 مليارات شيكل عن شهور مايو/أيار حتى أكتوبر/تشرين أول 2020.

 

وخلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، صعد الدين العام في 7 مرات وتراجع في مرة واحدة، إذ بدأ 2021 على قيمة دين 74.11 مليار شيكل، وأنهى أغسطس الماضي عند 33.12 مليار شيكل.

ومرد هذا الارتفاع إلى توقف الدعم العربي والدعم الأوروبي، حيث تظهر بيانات وزارة المالية الفلسطينية أن الدعم الدولي للميزانية العامة بلغ 6.101 مليون شيكل أي ما يقارب 5.31 مليون دولار بتراجع 6.89 بالمئة عن الفترة المقابلة من 2020.

 

 وكان إجمالي الدعم الخارجي لميزانية فلسطين، سجل 969 مليون شيكل أي ما يقارب300 مليون دولار حتى أغسطس/آب 2020، و431.1 مليار شيكل أي ما يقارب 444 مليون دولار في نفس الفترة من 2019.

 

انعدام الرقابة

وكان الخبير الاقتصادي د. سمير حليلة، أكد أن الواقع الاقتصادي والمالي الذي تعيشه السلطة سيئ للغاية، مشيرا الى أنه بالرغم من وجود العوامل الخارجية السلبية المؤثرة فإن السلطة ساهمت في وصول ذاتها إلى هذا المنحدر السيئ من خلال عدم اتخاذها للخطط الاستراتيجية وإصلاح الموازنة العامة، ومحاسبة الفاسدين وغير ذلك.

وذكر أن ما أسماها الموازنة الشكلية المخصصة لأغراض التنمية، والتي توضع في بداية العام على أنها ستذهب لأغراض التنمية، فإنها تصرف على الرواتب والنفقات.

 

وأشار الى أن السلطة قبل 15 عامًا كانت تخصص السلطة نحو 450 مليون دولار، لأغراض التنمية في مناطق مختلفة في الضفة وغزة، لكن في السنوات الخمس الأخيرة، نجد أن الموازنة في هذا الحقل تقلصت إلى 250 مليون دولار، وتبقى شكلية حيث يتم وضعها بداية العام، لكنها مع نهاية العام تتحول إلى نفقات تشغيلية وللرواتب".

 

 وعزا ذلك إلى غياب الجهاز الرقابي التشريعي وغياب النقاش العام بالأهداف التي ينبغي أن تحققها الموازنة العامة في كل عام.

 

وأشار إلى الخطأ المتكرر عند وضع الموازنة العامة، وهو بناؤها على افتراضية أنه سيأتي إلى خزينة السلطة مبلغ محدد من المانحين، فالسنة المالية تنتهي والدعم لا يأتي كما هو متوقع وإن جاء يكون محدودًا، فلا ينبغي بناء الموازنة على غير ما هو مؤكد.

 

مشيرًا إلى تراجع حاد في الدعم الدولي، حيث كان الدعم يفوق الـ1.5 مليار دولار سنويًّا قبل عشر سنوات، أما اليوم فبالكاد يتخطى 400 مليون دولار.

 

 الفساد يقضم كل شيء

ورغم هذه الارقام المرتفعة ماليا، إلا ان السلطة ما تزال تؤكد انها تعاني من أزمات مالية صعبة دفعتها لتأخير رواتب الموظفين وتقليص الصرف على قطاعات حيوية كقطاعي التعليم والصحة وغيرها.

كما ينتشر الفساد المالي والاداري بشكل منقطع النظير داخل مؤسسات السلطة، وهو ما كشف عنه مؤخرا تقرير ديونا الرقابة المالية والإدارية، حيث لم يبقى أي وازرة او مؤسسة لم تتورط في الفساد بشكل موسع.

 

وكان الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، قال إن ضعف الرقابة وعدم وجود خطة حكومية للترشيد والتقشف يفاقم العجز في الموازنة العامة، محذرا من انهيار صندوق التقاعد المالي للموظفين بسبب استدانة الحكومة لأكثر من ـ50% من موجوداته المالية.

 

جاء ذلك خلال جلسة نقاش حول تفاقم العجز المالي والمزمن في الموازنة العامة، والبالغ خلال النصف الأول من العام 470 مليون دولار، وذلك على ضوء استمرار التحديات المالية، واللجوء إلى الاقتراض من البنوك وتفاقم الدين العام.

 

 كما ناقشت الجلسة أثر ذلك على صندوق التقاعد والمعاشات ومقدمي الخدمات للقطاع العام، بما يشمل هيكلية الموازنة العامة، بغية الخروج بالتوصيات والمقترحات التي تساهم في خفض العجز العام وتحسين إدارة المال العام.

 

إغلاق