عباس تكفل بتمزيق إرثه.. 17 عاماً وقيادة فتح تتستر على قاتل عرفات

عباس تكفل بتمزيق إرثه.. 17 عاماً وقيادة فتح تتستر على قاتل عرفات

الضفة الغربية – الشاهد| يحل اليوم الذكرى الـ 17 لقتل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات بعد أن حاصره الاحتلال في مقر المقاطعة برام الله، وأوصل إليه السم عبر شخصيات مقربة منه.

عرفات والذي فارق الحياة في مستشفى "كلامار" العسكري بالعاصمة الفرنسية باريس في 11 نوفمبر 2004، أثبتت تقارير المستشفى أن وفاته جاءت نتيجة سم دخل جسمه، دون أن تتمكن من معالجته لصعوبة معرفة تركيبة ذلك السم.

وبعد وفاته بأيام شكلت حركة فتح لجنة تحقيق في ظروف مقتل عرفات، ووضعت على رأس تلك اللجنة توفيق الطيراوي، وإلى اليوم لم تقدم اللجنة نتائج تحقيقاتها، على الرغم من تلميح بعض القيادات الفتحاوية أن قيادة فتح تعرف من شارك في جريمة إدخال السم لعرفات.

الطيراوي الذي عزله عباس من منصبه في جهاز المخابرات قبل أعوام بسبب فضائح التجسس على مسؤولين كبار في السلطة قال إن المواطنين مستعجلين في معرفة نتائج التحقيق ومعرفة التفاصيل الدقيقة للعملية.

وأضاف الطيراوي في تصريحات لتلفزيون وطن: "المواطنون في عجلة من أمرهم لمعرفة القاتل، ولكن حقيقة الأمر بان جرائم الاغتيال التي تطال الزعماء والقادة كما أبو عمار لا تقاس بالوقت".

وتابع: "نحن نقوم بعمل دائم ودأوب من أجل الوصول إلى النتائج فيما يخص اغتيال أبو عمار، وسنصل إلى نتيجة ترضي كل أبناء الشعب الفلسطيني".

التستر على المتورطين

من جانبه، شدد بسام أبو شريف المستشار السياسي للرئيس الراحل ياسر عرفات على أن عباس كان قد أعلن في وقت سابق أنه تعرف على المتورطين في اغتيال عرفات والأداة المستخدمة في الاغتيال، لكن دون الإفصاح العلني.

وأكد أبو شريف في تصريحات صحفية سابقة أن صمت السلطة وحركة فتح ولجنة التحقيق عن إعلان القاتل يثير الشك ويدلل على عدم وجود رغبة لديهما بالكشف عن هويته "وقد يشي ذلك بإخفاء أشياء أخرى عن الحادثة".

وانتقد صمت اللجنة المختصة في الكشف عن القاتل الحقيقي لعرفات، مطالبا إياها بضرورة إعطاء النتائج التي توصلت إليها، وعرضها أمام الشعب الفلسطيني.

قنبلة سهى عرفات

أرملة الرئيس الراحيل سهى عرفات وفي تصريحات صادمة فجرت غضباً فلسطينياً قالت بداية العام الجاري لصحيفة يديعوت أحرنوت العبرية إن "إسرائيل" لم تقتل زوجي ياسر عرفات أبو عمار.

وأوضحت قائلة إن أبو عمار مات مسموماً بشكل مؤكد، وقد ظن الجميع بأن "إسرائيل" هي المسؤولة عن اغتياله ولكنها لا تعتقد بأن ذلك صحيحاً لأن الفلسطينيين هم جيران للإسرائيليين وكذلك لا يوجد أية أدلة على ذلك، مضيفة: "أحد الفلسطينيين هو المسؤول عن اغتيال عرفات".

من المستفيد

وكما يقولون عندما تريد من المجرم تعرف على المستفيد، فالعديد من الاتهامات وبالدلائل وجهت لمحمود عباس ومحمد دحلان اللذين اتفقنا على أبو عمار في حياته لاسقاطه من سدة الرئاسة، واستخدمهما الاحتلال لاضعاف موقفه الرافض للتنازل عن القدس والثوابت.

الاحتلال نجح في خطته للتخلص من عرفات وتنصيب من عباس في الرئاسة، وقال أحد أبرز مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون ومدير مكتبه دوف فايسغلاس: إن التنسيق الأمني مع السلطة هو من أنهى الانتفاضة الثانية بشكل تام.

وقال فايسغلاس إن 500 إسرائيلي قُتلوا خلا الانتفاضة الثانية قبل بدء جيش الاحتلال بعملية "السور الواقي" في الضفة الغربية المحتلة عام 2002، وبعد العملية قتل 500 إسرائيلي آخرين حتى عام 2005.

وأضاف لصحيفة معاريف إن "العمليات لم تتوقف بفعل عملية الاجتياح، ولكنها جاءت بفضل التعاون الأمني الفعال مع السلطة الفلسطينية، ففي الضفة الغربية لم توقف العمليات بفعل عملية السور الواقي، ولكن بفضل نظام التعاون الفعال مع السلطة، ولأن الله أزاح عرفات من طريقنا وأحضر لنا عباس الذي آمن بالحاجة لوقف الإرهاب".

كرزاي فلسطين

ولا يخفى على أحد تفاصيل السنوات الأخيرة في حياة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وما تخللها من محاولات لسحب البساط من تحته بإشراف أمريكي إسرائيلي وبتنفيذ "كرزاي فلسطين"، وهو اللقب الذي أطلقه عرفات على محمود عباس.

عباس الذي لمع نجمه ابتداء باتفاق أوسلو الذي يوصف بأنه "مهندس الاتفاق"، ومرورا بإبرازه على الساحة الفلسطينية "غصبا"، حين فرضت الإدارة الأمريكية عباس على عرفات، وأجبرته على تعيينه وزيرا للمالية عام 2002 ثم رئيسا للوزراء، وإلا قطع المساعدات الأمريكية عن السلطة.

اشتد الخلاف بين عرفات وكرزاي فلسطين، عقب محاولات الأخير سحب معظم الصلاحيات عن رئيس السلطة إن لم يكن جميعها، وكرّس حينها كل طاقاته وحلفائه لمحاربة عرفات، ووصل الحد به للاجتماع بمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين في منزله للتخلص من عرفات، الذي كان يُعتبر "عقبة" في وجه السلام وفق أمريكا والكيان الإسرائيلي، وأطلق عرفات حينها على ذاك الاجتماع "اجتماع الذل والعار".

عرفات كان يعتبر في ذلك الوقت أن "نحت" منصب رئيس الوزراء على مقاس عباس يعني محاولة لإزاحته من منصبه، انعكس ذلك حتى على طبيعة العلاقة الشخصية بين عرفات و"كرزاي فلسطين"، فكان الأخير لا يحب لقاء الأول، وكان يبلغه بنتائج اجتماعات مجلس الوزراء عن طريق مبعوثين، الأمر الذي زاد من شكوك عرفات بأن عباس يعمل على عزله وتقليص صلاحياته، وفق حديث سابق لمروان كنفاني المستشار السياسي السابق لعرفات.

عباس كان يعرف الوصف الذي أطلقه عرفات عليه ودلالاته، فكتب في ورقة استقالة حكومته عام 2003 "وما دمتم مقتنعين بأنني كرزاي فلسطين وانني خنت الامانة ولم أكن على قدر المسؤولية، فانني أردها لكم لتتصرفوا بها".

تمزيق إرث عرفات

هذا وشن عضو اللجنة المركزية المفصول من حركة فتح ورئيس الملتقى الديمقراطي ناصر القدوة هجوماً قاسياً على رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس ووصفه بـ"ترزي المراسيم"، وذلك بسبب قراراته بشأن مؤسسة ياسر عرفات.

تصريحات القدوة جاءت خلال بيان في ذكرى رحيل ياسر عرفات، وقال: "نقترب من إحياء الذكرى السنوية السابعة عشرة لاستشهاد القائد المؤسس ياسر عرفات، وفي هذه الأيام تطل علينا روح أبو عمار وهي مليئة بالحزن والأسى على ما آلت إليه الأمور في الساحة الفلسطينية بشكل عام وفي مؤسسته بشكل خاص".

وأضاف: "لا يسعنا هنا إلا أن نستذكر إصرار المقاطعة على الإمعان في تمزيق مؤسسة ياسر عرفات، حيث قامت كما هو معروف بالإستيلاء عليها، وإلغاء استقلاليتها، وشطب نظامها الداخلي الأساسي واستبداله بالمراسيم إياها، والتخلص من معظم القيادات العربية والقيادات الفلسطينية من غير الموظفين، باستخدام الأجهزة الفلسطينية العتيدة وقدرات السلطة داخلياً وخارجياً".

وتابع: "ثم قام "ترزي المراسيم" في المقاطعة ومعه "مندوب المقاطعة في المؤسسة" بترتيب لقاء بائس على زوم وأسمياه إجتماع مجلس أمناء في محاولة فاشلة لإضفاء الشرعية على ما تبقى".

إغلاق