خبير قانوني: هيمنة السلطة على القضاء أفسدته وأصبح ألعوبة في يدها

خبير قانوني: هيمنة السلطة على القضاء أفسدته وأصبح ألعوبة في يدها

رام الله – الشاهد| أكد عضو نقابة المحامين السابق ورئيس المجموعة الدولية للمحاماة بالخليل، سهيل عاشور، أن تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء قد أفسد ثقة القضاة بنظامهم القضائي، فضلا عن غياب ثقة المواطنين بالنظام المعتل.

 

واعتبر أن استمرار تغييب المجلس التشريعي يؤثر سلبيًّا في عمل القضاء لكونه المختص بسن التشريعات ومراقبة عمل السلطات التنفيذية والقضائية، منبّهاً إلى أن القانون أصبح لعبة في أيدي أشخاص متنفذين.

 

وأشار إلى أن مسؤولية فساد النظام القضائي تعود إلى مجلس القضاء الأعلى، مؤكدا أنه صاحب السلطة والنفوذ لحل الإشكالات، لكنه لا يفعل ما يتوجب بل يشهد تراجعاً ملحوظاً مع مرور الوقت.

 

وذكر في تصريح نقلته عنه صحيفة فلسطين، أن الجهاز القضائي يعاني بطئًا في إنجاز الفصل في القضايا، وهو ما ينعكس على المواطنين ويشعرهم بالظلم وعدم الرضا عن جهاز القضاء النظامي.

 

وأوضح أن قلّة القضاة من أصحاب الخبرة ينعكس على أدائهم، ومن ثم إطالة أمد المحاكمات الخاصة بالمواطنين، وهو ما دفعهم إلى التوجه للقضاء العشائري لسرعة التنفيذ وفصل القضايا.

 

ونوَّه الى أن تردي القضاء النظامي يعود إلى سوء الإدارة المالية والإدارية، الذي يتمثل في قلة عدد القضاة وعدم توفر الأماكن المناسبة للمحاكم، إضافة إلى حاجة القضاة الجدد لمزيد من التدريب ومزاولة المهنة، كي يتمكنوا من إنجاز المحاكمات.

 

وأكد أن كثرة القوانين الصادرة عن السلطة التنفيذية ثم إلغاؤها بعد مدة زمنية قصيرة، تُعيق عمل القضاء، ما ينعكس سلبيًّا على المحامي والمواطن في آنٍ واحد.

 

انعدام الثقة

وكان المسح الدوري الذي أجراه جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، أظهر تراجع نسبة ثقة الشعب الفلسطيني في الضفة بالقضاء النظامي بشكل كبير، في مقابل ارتفاع الثقة بالقضاء العشائري.

المسح الذي تم على عينة أسرية بلغت 8,112 أسرة فلسطينية، إضافة إلى مسح الخبراء الذي يشمل القضاة النظاميين، والقضاة الشرعيين، وأعضاء النيابة، والمحامين المزاولون والمتدربون، والهيئة التدريسية وطلبة كليات الحقوق، وكذلك مسح الخدمات الإلكترونية لوزارة العدل، أظهرت أن نسبة الرضى على أداء المحاكم النظامية بلغت 51 بالمائة.

 

ورأى أكثر من نصف القضاة النظاميين (56%) أن عدم ثقة الناس بالقضاء النظامي هي إشكالية، في حين انعدام الاستقلالية هي بمثابة إشكالية من وجهة نظر 30% منهم، بينما كان انتشار الفساد إشكالية من وجهة نظر 12% من القضاة النظاميين.

 

واختلف ترتيب الاشكاليات الثلاث (عدم ثقة الناس، وانعدام الاستقلالية، وانتشار الفساد) من وجهة نظر أعضاء النيابة بحيث سجلت 32% و26% و8% على التوالي، أما وجهة نظر القضاة الشرعيين فسجلت 27% و9% و4% للاشكاليات الثلاث على التوالي.

 

السلطة هدمت القضاء

وعلق المحامي والقاضي السابق أحمد الأشقر على تلك الإحصائيات بالقول: " بوادر رسمية معلنة عن إنهيار الثقة بالقضاء النظامي.. في زمن الإصلاح القضائي المزعوم، انحدرت ثقة الجمهور بالقضاء النظامي الفلسطيني إلى أدنى مستوى بالنسبة لكل مؤسسات قطاع العدالة، بحيث أصبحت الناس تثق بالقضاء العشائري أكثر بكثير من القضاء النظامي".

 

وأوضح الأشقر في وقت سابق أن السلطة لا ترغب في إصلاح القضاء، مشددا على أن حال القضاء يشبه الى حد كبير الواقع الموجود في الضفة من ناحية الانفلات وانعدام تطبيق القانون وتركيز القوة الجبرية في شخص واحد.

 

وذكر أن المجلس الأعلى للقضاء الذي شكل لجنة لتقييم القضاة لا يملك الصلاحية لذلك لأنه جاء من رحم المخالفة الدستورية، لافتا الى أنه لا توجد معايير تقييم محددة وعلنية وتكون مقبولة للجمهور ومعروفة القضاة.

 

وأشار إلى أن عمل اللجنة ليس له سقف زمني محدد لدراسة ملفات القضاة، وهو ما يضعهم تحت سيف وإرهاب الإيداع والعزل والاحالة الى القضاء، حيث سيكون القاضي مهددا بسيف العقاب الذي يعني مساسا حقيقيا باستقلاله.

 

وقال إن القضاة هم مواطنون يخضعون المساءلة لكن في المقابل يجب أن النظر لهذه المسألة باعتبار ان القاضي يجب ان يكون لديه حصانة تمنع تعرضه للعقوبة المقنعة إذا ما اتخذ قرارا يخالف توجهات السلطة التنفيذية او حتى الادارة القضائية.

إغلاق