كتب أنور العقرباوي: هل من أوجه شبه بين سلطتي “فيشي” و”رام الله”؟
الضفة الغربية – الشاهد| سؤال لا شك يبدو أنه مشروع، عند قضية مفصلية تخص مصير وطن ومستقبل شعبه، لا سيما على ضوء النهج الذي يكاد أن يتشابه مالم يتطابق، سواء في حالة “نظام فيشي” الذي كان يتزعمه المارشال الفرنسي، فيليب بيتان الذي اتسم بالتواطؤ مع الألمان، عندما كانوا يحتلون أثناء الحرب العالمية الثانية ثلثي وطنه، أو في حالة “سلطة رام الله” التي يتزعمها، محمود عباس ويعتبر التنسيق الأمني مقدس، ولا يمكن الرجوع عنه حتى مع المحتل لوطنه!
لكننا قبل أن نسترسل ولو على عجالة، فإنه لا بد من التنويه بأن فيليب بيتان كان يعتبر في نظر الفرنسيين بطلا قوميا، بعد أن استطاع إيقاف زحف الألمان أثناء الحرب العالمية الأولي في معركة فردان عام 1916, حتى ذاع صيته في كل مكان، وذلك قبل تواطئه أثناء الحرب العالمية الثانية معهم، حتى وصل الأمر بهم في فرض رئيس وزراء عليه، بير لافال بعد أن سبق وتمت تنحيته، ناهيك عن “الأتاوة” التي كان يدفعها الفرنسيون، لقاء “الوجود السلمي” للألمان على أراضيهم.
وتسليم الأسرى أصحاب الأرض لتتم محاكمتهم في ألمانيا، وسد إحتياجاتها من الأيدي العاملة ليحلوا مكان الجنود الألمان، الذين يتوجهون إلى ساحات المعارك ومنها فرنسا، كل ذلك في الأثناء الذي كانت فيه حركات المقاومة، تتنامى في وجه المحتل والمتعاملين معه، وتلجأ إلى الأرياف هربا منه، وبعيدا عن قبضة الألمان وعملائه!
بالتأكيد أن هذا الوضع الذي سبق، لما كان له أن يجعل من بطل معركة فردان، خائنا ومنبوذا في نظر شعبه وفي حق وطنه، لو حرص على التحلي بالأمانة والشجاعة بالتنحي جانبا عن السلطة، حفاظا على إرثه التاريخي والوطني، الذي ينقلنا إلى الحديث عن “سلطة رام الله” التي يتزعمها، محمود عباس الذي ينسب إليه هندسة اتفاقية أوسلو، ويعتبرها إنجازا وطنيا له.
بعد أن فرضته سابقا رئيسا للوزراء عنوة إدارة الرئيس بوش الإبن، نتيجة الضغوط التي مارستها على الشهيد، ياسر عرفات الذي طالما كانت الشكوك تساوره من توجهاته، بعدما تبين لنا لاحقا عبثية تمسكه بالمفاوضات، وعقمها على مدار عقود مع عدو مراوغ، وأن الذي لم ينجو من أوسلو سوى “الأتاوة”، التي تدفعها السلطة الفلسطينية نتيجة تحملها أعباء الاحتلال لأراضيها سعيا لبقائها، إضافة إلى التنسيق الأمني، الذي يلزم الأطراف بمحاربة المقاومة ضمن ما أسموه “الإرهاب”، الذي بلغ ذروته في مطاردة المقاومين واعتقالهم.
حتى التصدي للواجبات الإنسانية المتبادلة في تعزية أسر الشهداء، ناهيك عن الفساد الإداري والمالي والأخلاقي، المستشري داخل أركان السلطة وأعوانها، الذي أدى بدوره إلى الخلل في التركيبة الإجتماعية والمعيشية وحتى النفسية، بين مكونات الشعب الواحد، الذي لجأ إلى العمل مع المستخدم الصهيوني، ليحل مكان المستوطن والجندي الصهيوني، الذين بدورهم وبالتعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية، يلاحقون المقاومون وينفذون فيهم أحكام الإعدام الميدانية!
وفي النهاية قد يحق لنا الزعم، بأن التقاطع في ممارسات السلطتين الآنفة الذكر، إن لم يكن فيهما من الشبه في السلوك ما يكفي لإدانتهم، والحكم على المارشال بيتان ووزيره الأول لافال بالإعدام، الذي شفع للأول تاريخه النضالي المندثر حين استبدل بالمؤبد، بينما تم تنفيذه في الأخير، فإننا لسنا من السذاجة بكل بساطة، حتى نقدم خدمة لعدونا التاريخي، ما يحلم به من الإقتتال الداخلي، حتى حين كنا ننفعل وننادي بالزحف على المقاطعة، لأننا ندرك بكل ثقة أن الله معنا، الذي أنزل الطمأنينة في قلوبنا، والذي سخر لنا من محور عريض، يقف في جبهة واحدة إلى جانبنا!
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=59387