كتب صلاح موسى: قرار المحكمة الدستورية إهدار للحقوق وتقويض للمراكز القانونية!

كتب صلاح موسى: قرار المحكمة الدستورية إهدار للحقوق وتقويض للمراكز القانونية!

رام الله – الشاهد| كتب المحامي صلاح موسى:  يشوب قرار المحكمة الدستورية جملة من السقطات القانونية وحتى الدستورية حيث استندت في اصدار القرار وتسبيبه الى ما ورد في المادة (6) من القانون الاساسي، ثم استمرأ القرار عبثا في تفسير ما ورد من نص في المادة(104) من القانون الاساسي الفلسطيني بخصوص قيام المحكمة العليا بمهام المحكمة الادارية لحين تشكيل المحكمة الادارية.

 

ان صدور القرار بهذا الوقت وبهذه السرعة يثير شكوكا حول دوافعه واسبابه، وكذلك نتائجة الكارثية على المنظومة القضائية وذلك للاسباب التالية:

 

 

  1. ان محكمة النقض بصفتها المحكمة الادارية المؤقته اتخذت ومنذ فترة عدد من القرارات المتفقة واحكام القانون الاداري ونأت بنفسها عن أي اعتبارات غير مهنية او غير قضائية، ففسخت عدد من القرارات الادارية الصادرة عن الادارة في الوزارات ومنها اعادة المديرة سحر ابو زينة واعتبار وقف صرف رواتب اعضاء المجلس التشريعي لحماس مخالفة للقانون واعادة موظفة الى العمل في المحكمة الدستورية، وغيرها العديد من القرارات التي اتفقنا مع جزء منها او اختلفنا، الا اننا نعتبر قراراتها اعادت الاعتبار لهيبة القضاء الإداري.

 

وبدا جمهور المتقاضين يدركون ان هيئة القضاة في محكمة النقض بصفتها الادارية لا تحكم الا بما ورد من نصوص قانونية او سندا لقواعد القضاء الاداري، قرار المحكمة الدستورية اليوم دمر المنظومة او ما تبقى من المنظومة القضائية وجعلها معلقة في وحي الهوى الفقهي للمحكمة الدستورية " افرأيت من اتخذ الهه هواه"  ليهوي بهواه بكافة القرارات  الصادرة من محكمة النقض بصفتها الادارية  منذ صدور القرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 الى هاوية  الزوال والفناء القانوني.

 

2- ان هذا القرار والذي اعتبر كافة القرارات الصادرة عن محكمة النقض بصفتها الادارية تخالف الدستور يعني ان كافة الحقوق التي تحصل عليها المتقاضين امام المحكمة اصبحت غير مستحقة بل تصل الى البطلان، فأعادت المتقاضين الى نقطة الصفر، بل ان المحكمة الدستورية لم ترسم معالم طريق للخروج من هذا المأزق في اصدار هذا القرار الدستوري او كيف بقرارها هذا تحمي الحقوق الدستورية!

 

3- ان هذا القرار يعني ان من عاد الى وظيفته بحكم قرار محكمة النقض يعتبر عودته باطلة وغير منتجة، وتعتبر ان القرارات الادارية الذي ابطلتها محكمة النقض عادت للسريان لحين تشكيل المحكمة الادارية على درجتين.

 

 

4- ان هذا القرار ابد حالة التوهان والخذلان من الوصول للعدالة الى ان تشكل المحكمة الادارية على درجتين، أي ان على المحكمة الادارية ان تعيد النظر من جديد بكافة الطعون من الدرجة الاولى، وكأن كل ما كان وقع باطلا.

 

5- قرار المحكمة الدستورية يعني ان كل من اعتبر قراره باطلا من قبل محكمة النقض بصفتها الادارية أصبح حكما وبناء على هذا القرار الدستوري! فاقدا لحقه في الطعن في القرار الاداري طالما مضى عليه 60 يوما، فماذا ستفعل المحكمة الدستورية بهذا الانتهاك لحق الافراد في الوصول الى العدالة والتقاضي، أي اهدار للحقوق هذا، واي تقويض للمراكز القانونية، ان جوهر القرار هو تبيض للقرارات الادارية التي صدرت مخالفة للقانون.

 

6- ان الطعن المقدم من الجهة الطاعنة قدم فقط بتاريخ 28/10/2021، فاي سرعة في الفصل بعد اقل من شهر من تاريخ تقديم الطعن؟ ولماذا تم تقديم هذا الطعن على طعون سابقة وما هي الغاية من صدور القرار بهذا الشكل وبهذه الطريقة، اليس الهدف هو وقف دفع الرواتب لمن يستحقون، اليس الهدف هو وقف عودة الموظفين الى وظائفهم والى وزاراتهم؟.

 

انه توقيت يسقط كل المبررات في حماية الحقوق والحريات، كما ان النهج الذي انتهجته المحكمة في تفسير المصلحة يبرز مدى تحكم المحكمة بمفهوم المصلحة مما يثير تساؤلات جديدة عن مبرر وجود المحكمة الدستورية واستمرار اصدارها قرارات تقوض الحقوق وتنسف اخر مداميك القضاء في ما تبقى من فلسطين.

 

7- ان القرار يشوبه خلل جوهري حيث اعاد البطلان من تاريخ سريان القرار بقانون، وهذا يخالف مبدأ قانوني مستقر يتعلق بالمراكز القانونية وبالمدد القانونية للطعن وغيرها.

 

ان للقرار اثار خطيرة اهمها:

1- بطلان كافة القرارات التي صدرت منذ سريان القرار بقانون رقم (41) لسنة 2020، مما يعني ان كافة المراكز القانونية التي نشأت لم تعد موجودة وبالتالي فان المتقاضين والطاعنين في القرارات الادارية خسروا حقهم في الطعن نظرا لمضي المدة القانونية في الطعن.

 

2- ان هذا يعني ان على الرئيس وفي اقصى سرعة ان يشكل المحكمة الادارية ودون تأخير، لان البلد ستكون بدون محكمة ادارية قادرة على الفصل في الطعون الادارية، لان القرار في جوهره قد اعدم وجود محكمة النقض بصفتها الادارية وبالتالي هذا القرار اوقف نفاذ كافة التشكيلات القضائية والقانونية الناتجة عن عملها.

 

3- انه من الحري على الرئيس ان يصدر قرار بقانون خاص يعدل المدد المتعلقة بالطعن لضمان حقوق المتقاضين والا فان مضي الوقت للطعن دون الوصول الى حلول بهذا الشأن يعني ان مئات القرار المؤقتة او النهائية التي صدرت عن المحكمة تعتبر لاغية ولا يمكن لاي من المتقاضين الطعن بها لانقضاء المدة القانونية.

 

هذا القرار يدلل اننا وصلنا الى الدرك الاسفل من العدوان على الحقوق والحريات وعلى المنظومة القضائية الامر الذي يستلزم معه، حل المحكمة الدستورية، واعادة تشكيلها واعتبار قراراتها كأن لم تكن. والسؤال الذي يبقى محل تساؤل الى متى هذا الاستخفاف في عقول المشتغلين في القانون من مؤسسات ونقابة المحامين والقضاة والمحامين وكأننا نعيش في مهب الهوى الفقهي والرغبوية القانونية التي تقودنا الى انهيار شامل وغير مسبوق.

إغلاق