في اليوم العالمي لمكافحته.. قيح الفساد يملأ مؤسسات السلطة بكل مستوياتها

في اليوم العالمي لمكافحته.. قيح الفساد يملأ مؤسسات السلطة بكل مستوياتها

رام الله – الشاهد| مع حلول اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف التاسع من كانون الأول ديسمبر من كل عام، تبدو مؤسسات السلطة مثالا حيا على تفشي كل أنواع الفساد، بل إن إيجاد نقطة مضيئة في سلوك السلطة الإداري والمالي أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش، ولن تكون هناك.

 

فالإعلان عن أرقام الفساد وبياناته باتت حدثا عاديا في ظل منظومة مؤسسات تفتقر للحد الأدنى من متطلبات الشفافية والعمل الاداري السليم، فضلا عن انعدام أي بوادر لحكومة وضبط تلك المؤسسات، التي باتت أشبه ما تكون بمزارع وملكيات خاصة تنفق من واسع مالها على عظام الرقبة.

 

هذا الفساد استعان على تثبيت نفسه بغياب آليات المحاسبة عبر تغييب المجلس التشريعي تارة، وبضمان عدم تدخل هيئات ودوائر مكافحة الفساد تارة أخرى، فكيف تتدخل وهي التي يتم تعيين مسئوليها بقرار من السلطة التنفيذية التي يجب أن تخضع لمراقبها وتحارب فاسديها.

 

الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري قال قبل أيام إن السلطة استعانت بغياب الرقابة عبر تغييب المجلس لتشريعي من أجل زيادة مستوى الفساد داخل دوائرها، مشيرا الى أنه يعتقد بوجود فساد أكبر مما كشفت عنه تقارير الرقابة الأهلية والرسمية.

 

وذكر أن الفساد نهب المقدرات والأموال وتسبب في هدم ثقة المجتمع بالسلطة وحرم المواطنين من الاستثمار، لافتا الى أن الفساد تسبب في خفض الضرائب التي تحصلها السلطة.

 

 وأشار الى أن 84% من المواطنين يعتقدون بوجود فساد كبير، إضافة الى ما اثبتته تقارير الرقابة كتقرير مؤسسة أمان وتقرير الرقابة المالية وغيره.

 

ورغم أن مكافحة الفساد هي نغمة منتشرة بين قيادات السلطة وعلى رأس هرمها محمود عباس، إلا ان روائح الفساد تكاد تزكم الأنوف، إذ لا يمر يوم دون الإعلان عن قضية جديدة، بل إن من القضايا من طالت موظفين يعملون في هيئة مكافحة الفساد نفسها.

 

وباتت فضائح السلطة أمرا اعتياديا لدى الجمهور، الذي يسمع عن فضائح شخصية تتعلق بسولك قادة السلطة، وفضائح تعلق بأداء بعضهم في مؤسسته أو وزارته، أو قيامهم بسلوك يعزز الفساد في أي من الملفات التي يتولونها.

 

وتتوزع الفضائح على إهدار المال العام واستغلال النفوذ وغسيل للأموال والتكسب من الوظيفة العمومية، والتورط في فضائح سياسية وأخلاقية ومالية، وجميعها تهم تلاحق قادة ومسؤولي السلطة من مختلف المستويات.

 

وكان الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان، أكد أن التعيينات والترقيات في السلطة يسيطر عليها الحزب الحاكم ويعين فيها موالين له، مؤكداً أن هناك تفرد من رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس بتعيين معظم رؤساء الهيئات الحكومية.

 

وشدد أمان في مؤتمره السنوي بعنوان "نزاهة الحكم ومكافحة الفساد السياسي" الذي عقده مطلع سبتمبر الماضي، على أن الخلفية الأمنية تبرز كمعيار أساسي في تعيين المحافظين وليس على مبدأ الكفاءة.

 

وكشف أن لديه ملاحظات عن إساءة استخدام السلطة في بعض التعيينات أو إنهاء خدمات بعض الأشخاص دون أسباب مهنية معلنة مثل إقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد ومحافظ سلطة النقد ورئيس المكتبة الوطنية.

 

وأوضح أمان أن شغل الوظائف العليا يستمر لبعض الأشخاص لسنوات طويلة مثل السفراء والمحافظين وبعض قادة أجهزة السلطة الأمنية ورؤساء بعض المؤسسات العامة غير الوزارية، وهذا من الممكن أن يخلق حتماً علاقة مباشرة وشخصية مع دوائر عملهم ما يوفر فرصاً لتضارب المصالح.

وبين أن هناك احتكار واضح للتأثير العالي من قبل فئة قليلة من المتنفذين المقربين من دائرة صنع القرار مع تغييب لأطراف مجتمعية مؤثرة يمكن أن تساهم في بلورة القرارات لتصب في المصلحة العامة وتعزز ثقة الأفراد بالحكم.

 

ولا يكاد يمر أسبوع دون إصدار رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس، قرارات بعشرات التعيينات والترقيات دفعة واحدة، من أجل شغل وظائف عليا من الموظفين العموميين وتحديداً الذين ينتمون لحركة فتح ومن أقارب المسؤولين في السلطة أو ما أصبح يطلق عليهم في الشارع الفلسطيني أنهم من "عظام الرقبة".

وتأتي القرارات على الرغم من الشكاية المستمرة للسلطة ولحكومة اشتية من الوضع المالي المنهار وسط انتشار الفساد في مؤسسات السلطة وتوقف الدعم الأوروبي والعربي للسلطة.

 

واستكمالا هزلية المشهد وعبثيته، عقدت هيئة مكافحة الفساد في السلطة مؤتمرها الثالث في رام الله لمكافحة الفساد قبل يومين.

 

 وبنظرة سريعة على من حضروا المؤتمر للتحدث عن النزاهة والشفافية ونظافة اليد، نجد أن غالبيتهم إن لم يكونوا جميعا قد أدينوا بتهم واضحة تتعلق بالفساد وإهدار المال العام، ما بين محمود الهباش وزياد أبو عمرو ورفيق النتشة وليلى غنام وآمال حمد صاحبة الأفيه الشهير "عظم الرقبة" وغيرهم الكثير.

إغلاق