تفاصيل حصرية.. لماذا اجتمع العالول مع قادة الأجهزة الأمنية بدون اشتية؟

تفاصيل حصرية.. لماذا اجتمع العالول مع قادة الأجهزة الأمنية بدون اشتية؟

الضفة الغربية – الشاهد| اجتمعت قيادة حركة فتح برئاسة محمود العالول نائب رئيس الحركة مع قادة الأجهزة الأمنية للسلطة وأمناء سر التنظيم في الضفة، لبحث الأوضاع الأمنية والفلتان المتصاعد.

الاجتماع الذي شهد غياب رئيس وزراء حكومة فتح ووزير الداخلية فيها محمد اشتية، والذي يفترض به أن يكون رئيساً لهكذا اجتماع، شهد نقاشات عاصفة بسبب انتشار السلاح واستخدامه خلال الشجارات.

وأوضحت مصادر خاصة لـ"الشاهد" أن الاجتماع بحث حالة الاحتقان التي تسود الشارع الفلسطيني جراء تصاعد الحملات الأمنية التي تقوم بها أجهزة السلطة، والتي جاءت في ظل تخوفاتها من تصاعد أنشطة الفصائل الفلسطينية وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.

المصادر كشفت لـ"الشاهد" أن الاجتماع ناقش تقاعس أمناء سر الأقاليم في ضبط عناصر الحركة المسلحين، والذين يستخدمون السلاح في إطلاق النار بالهواء أو خلال الشجارات، ناهيك عن فشلهم في ضبط عناصر الشبيبة في الجامعات وتحديداً الذين يثيرون الشغب والشجارات.

وشددت على أن قيادة الحركة وقيادة الأجهزة الأمنية حملت بعضها البعض مسؤولية الفلتان والفوضى، فيما اتهم بعض أمناء السر بشكل صريح محمد اشتية بالتقاعس في ملف الأمن عبر عدم تعيين وزير للداخلية حتى اليوم.

كما وناقش الاجتماع الإشكاليات التي تعاني منها الأقاليم، وتحديداً قضية أمناء سر المناطق التنظيمية، ووعد العالول أمناء سر الأقاليم بالعمل على حلها في وقت قريب.

هجوم مستمر على الحكومة

وشن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض عام المنظمات الشعبية في الحركة اللواء توفيق الطيراوي في وقت سابق هجوماً على محمد اشتية وحكومته ووزرائه، وطالب بعض الوزراء في تلك الحكومة بالرحيل.

وحمل الطيراوي رئيس حكومة فتح محمد اشتية مسؤولية تعطيل التعديل الوزاري الذي كان من المقرر أن يتم خلال الأشهر الماضي، وقال: "من يتحمل المسؤولية عن التعطيل هو اشتية لأنه لم يعين وزير داخلية أو وزير أوقاف.. لماذا لا أعرف".

وأضاف: "لا يوجد في كل فلسطين وزير داخلية ولا وزير أوقاف؟!.. هذا الخلل يتحمل مسؤوليته اشتية"، هذا بالإضافة إلى أن بعض الوزراء في هذه الحكومة لا يصلحوا أن يكونوا وزراء وعليهم أن يرحلوا قبل أن يتم ترحيلهم.

العنف يدمر العملية التعليمية

الفلتان والعنف الذي وصل إلى العملية التعليمية والجامعة، والذي جاء بعد أن استباحت أجهزة السلطة الأمنية مختلف نواحي الحياة، وأسست لسلطة بوليسية قمعية ينموا على جانبيها عمل العصابات وترعى الأتوات والابتزاز، وذلك في ظل عجز حكومة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية السيطرة على تلك الأجهزة التي يمثل كل جهاز منها عصابة مستقلة بذاتها تستقوي بالاحتلال.

حكومة اشتية وفي محاولتها للتغطية على فشلها وعجزها أمام تلك الأجهزة، بدأت بخطوات التفافية على لحل مشكلة العنف المتصاعد في الجامعات والذي تتورط فيه شبيبة حركة فتح، أو أشخاص يتبعون لأجهزة السلطة ويستخدمون سلاحها في تلك الشجارات.

وتمثلت تلك الخطوات التي وصل "الشاهد" نسخة عنها في تكليف الحكومة لوزير الشؤون الاجتماعية أحمد مجدلاني بإعداد دراسة عن العنف في المجتمع وتقديم الحلول للحد من تلك الظاهرة، بالإضافة إلى دعوة مسؤولي الفصائل لتوجيه كوادرها بالجامعات للالتزام بالحوار المجتمعي والنظام.

وأشارت مصادر خاصة لـ"الشاهد" أن جزء من أهداف تلك الخطوات إلى جانب الالتفاف على مشكلة العنف بالجامعات، هو القضاء على أنشطة الكتل الطلابية، وتحديداً بعد الفعاليات الأخيرة التي شهدتها الجامعات.

تفشي السلاح

اجتماع العالول شهد حضور عدد من أمناء سر حركة فتح الذين نشروا سلاح الفوضى والفلتان، والذين كان في مقدمتهم عماد خراوط أمين سر فتح في وسط الخليل.

وسبق أن دعا أمناء سر حركة فتح في الضفة الغربية إلى تجريم مستخدمي السلاح خلال الشجارات العائلية ورفع الغطاء التنظيمي عنهم.

تصريحات قادة فتح والتي جاءت في ختام اجتماع لهم بداية ديسمبر الجاري، في الخليل، تكس حالة التناقض التي تقوم بها تلك الحركة، لا سيما وأنها من تمتلك أكبر كمية سلاح في الضفة إلى جانب العائلات.

كما وهدد أمناء سر فتح باتخاذ الإجراءات التنظيمية الواجبة في إطار إعادة ما أسموه بـ"الاعتبار للدور الوطني والطليعي للحركة الوطنية والاطر الطلابية وتفعيل دور لجان التنسيق الفصائلي في كافة المحافظات، وتعزيز سيادة القانون وثقافة الحوار والعمل المشترك".

ونسي أمناء السر أنهم أول من يتصدر المشهد في الاستعراض وتنفيذ الجرائم وتصفية الخلافات الشخصية باستخدام تلك الأسلحة، والتي تكدست منذ بدء ارهاصات غياب رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس عن المشهد والتصارع الداخلي على خلافته.

مصدر السلاح

وأثارت الحوادث المؤلمة التي شهدتها مدن الضفة الغربية خلال الأيام والأشهر الأخيرة، والتي يستخدم فيها السلاح الناري، العديد من التساؤلات عن كمية الأسلحة الضخمة الموجودة في الضفة الغربية، ومصدرها، وغض السلطة الطرف عن انتشار ذلك السلاح واستخدامه في الجرائم.

السلاح الذي يشاهد فقط خلال الشجارات العائلية أو لاستعراض القوة وإرهاب المواطنين، أو لحماية الشخصيات في السلطة وحركة فتح، ذاته لا يشاهد مطلقاً خلال الاقتحامات اليومية لجيش الاحتلال لمدن وقرى الضفة، فما هو مصدره؟ وكم عدد قطع السلاح بالضفة؟ وكيف تتعامل السلطة معه؟.

وتشير بعض الاحصائيات غير الرسمية أن الضفة يوجد بها بين 70 و100 ألف قطعة سلاح من أنواع مختلفة وفي مقدمتها قطعة الـ (M16) الإسرائيلية، 26 ألف قطعة منها تابعة لأجهزة السلطة، وغالبيتها من نوع كلاشينكوف الروسي ومسدسات شخصية، ناهيك عن ملايين الطلقات النارية لتلك الأسلحة.

تشكل السوق الإسرائيلية المصدر الأول للسلاح المنتشر في الضفة، والذي يباع بمبالغ مالية كبيرة إذ تصل سعر بندقية الـ (M16) بين 15-21 ألف دولار أمريكي، فيما يبلغ سعر بندقية الكلاشينكوف بين 111-13 ألف دولار أمريكي، والمسدس يصل متوسط سعره الـ 9 آلاف دولار.

أما المصدر الثاني للسلاح المنتشر في الضفة، فيتم تهريبه عبر الحدود مع الأردن، والذي يذهب الجزء الأكبر منه لتسليح مليشيات استحدثتها قيادات فتح المتنازعة فيما بينها، والتي تستعد جميعها لمعركة خلافة رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس.

ويشكل السلاح المصنع داخل الضفة المصدر الثالث لذلك السلاح، إلا أنه يتواجد بشكل أقل ويستخدم ما يتم تصنيعه في مقاومة الاحتلال، إذ أن غالبية قطع السلاح التي استخدمها الفدائيون خلال تنفيذ العمليات المسلحة ضد الاحتلال خلال السنوات الأخيرة هي من نوع "كارلو" محلي الصنع.

ينقسم تجار السلاح في الضفة إلى قسمين، تجار صغار، ومشغلون كبار، حيث يقوم التجار الكبار بتوزيع السلاح على تجار أصغر منهم ليتاجروا بها، وهؤلاء من يعرفون في حين يبقى التاجر الكبير في الظل مجهولا.

سلاح قادة فتح

وأكدت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان أن استخدام السلاح في الضفة الغربية يكون غالبا من قبل مسؤولين نافذين، وأشخاص مؤطرين تنظيمياً، ومواطنين آخرين في فرض الحلول خارج نطاق القانون، وفي الشجارات العائلية، وفي المناسبات الاجتماعية والفصائلية، وأحيانا في ارتكاب جرائم والتهديد والابتزاز.

قالت إن الحديث عن ظاهرة انتشار السلاح وسوء استخدامه تصاعد بدرجة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، وذلك بسبب ملاحظة انتشاره الكثيف بين أيدي المواطنين من جديد، واستخدامهم له في الشجارات العائلية وفي المناسبات الاجتماعية والفصائلية.

وحذر التقرير مما يدور حاليا من سباق تسلح بين المواطنين والعائلات والعشائر في فلسطين، الأمر الذي يشكل تهديداً حقيقياً للسلم الأهلي ولحق الأفراد بالأمن الشخصي ولحقهم في الحياة وفي السلامة الجسدية.

وأوضح التقرير أن السلاح المنتشر بأيدي مواطنين معينين هم في الغالب يتبعون الأجهزة الأمنية أو مؤطرين تنظيمياً ويتبعون تنظيم حركة فتح في الضفة على وجه التحديد، وهو ما أكسبهم نفوذاً كبيراً في المجتمع حتى وإن لم يستخدموا السلاح بصورة مباشرة.

تراخي الأمن

وأرجع التقرير تفشي السلاح واستخدامه خارج القانون الى تراخي أجهزة إنفاذ القانون في ملاحقة المتورطين بتجارة السلاح وحيازته واستخدامه بشكل غير قانوني، فضلا عن أن أجهزة إنفاذ القانون لا تقوم في جميع الحالات بملاحقة المخالفين للقانون وتقديمهم للعدالة.

ورأى التقرير أن سبب هذا التراخي هو أن معظم المخالفين للقانون هم إما أشخاص ذوو نفوذ في السلطة الفلسطينية أو أعضاء في حركة فتح أو أفراد من الأجهزة الأمنية أو مقربين منهم على الأقل.

وقال إن غض الطرف عن ظاهرة انتشار السلاح بين المواطنين، وسباقات التسلح الملاحظة بين العائلات والمسؤولين النافذين والمتصارعين داخل حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وعدم تصويب هذا الوضع بهدف القضاء على ظاهرة انتشار السلاح، ينذران بخطر حقيقي على السلم الأهلي والاجتماعي قد تنحدر معه إلى حالة فلتان أمني خارجة عن السيطرة، وتشكل بذات الوقت تهديداً خطيراً لأمن الأفراد الشخصي، ولحقهم في الحياة وفي السلامة الجسدية.

وأكد على ضرورة مواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها واستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا بفعل جائحة كورونا والوضع الاقتصادي الذي خلفته.

إغلاق