كتب عقل أبو قرع: سلامة الاغذية وأهمية حماية المستهلك

كتب عقل أبو قرع: سلامة الاغذية وأهمية حماية المستهلك

رام الله – الشاهد| كتب عقل أبو قرع: تم قبل أيام اغلاق أحد المخابز في احدى المدن الفلسطينية، وذلك بسبب عدم النظافة وعدم الالتزام بشروط السلامة والصحة، وانتشار الآفات والقوارض داخل المخبز، وربما هذا المخبز ليس بالوحيد من المخابز أو من محلات أو مصانع انتاج الغذاء، الذي لا تتوفر فيه شروط السلامة والصحة، من أجل ايصال المنتج الغذائي أو غيره من المنتجات الى المستهلك بشكل أمن ومع الفائدة المرجوة من الاستهلاك.

وقبل فترة كذلك تمت مصادرة واتلاف كميات من الخضار والفواكه غير الصالحة للاستهلاك البشري في اسواق الخضار، وهذه الاحداث تسلط الضوء وبقوة على أهمية سلامة الغذاء ونوعيته، وليس فقط على أهمية توفره أو على اهمية موضوع الامن الغذائي.

ورغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية والمختصة في ملاحقة ظاهرة الاغذية او الادوية غير الصالحة او من يقوم بإنتاجها ويوصلها الى المستهلك، الا ان الكميات التي يتم ضبطها او مصادرتها او اتلافها، لا تشكل الا الجزء الصغير مما هو موجود في الواقع.

وبالتالي فان نسبة كبيرة من هذ المنتجات تصل الى ايدي المستهلك الفلسطيني، وقد لا يؤدي استهلاكها الى حدوث اثار صحية لحظية او فورية، ولكن لا يعني هذا عدم وجود اثار بعيدة المدى قد تنعكس في صورة امراض مزمنة او امراض عضالة قد تكون مميتة.

وحسب المنظمات الدولية المختصة، فإن الغذاء غير الآمن يشكل تهديدا لصحة الإنسان والاقتصاد، ويؤثر أكثر على الفئات الضعيفة والمهمشة، وخاصة النساء والأطفال، والسكان المتضررين من النزاعات، والمهاجرين. ويموت ما يقدر بنحو 420,000 شخص حول العالم كل عام بعد تناولهم أطعمة ملوثة، ويتحمل الأطفال دون سن الخامسة 40 % من عبء الأمراض المنقولة بالغذاء، مع 125,000 حالة وفاة في كل سنة.

ولا شك ان الوضع الخاص الذي نحيا فيه، من حيث عدم القدرة على مراقبة الحدود اي التحكم فيما يدخل الينا، وفي ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وفي ظل التشرذم الاجتماعي الحاصل، وفي ظل قلة الوعي او المعرفة بطبيعة المنتجات عند المواطن، وفي ظل عدم وجود الامكانيات البشرية والتقنية الكافية عند الجهات المعنية، وبالطبع في ظل وجود اناس جشعين وعلى استعداد للتضحية بالمستهلك والمواطن من اجل الجمع السريع للمال، في ظل كل ذلك فأن المستهلك الفلسطيني هو الذي يدفع الثمن.

واذا كانت عمليات الضبط والمصادرة أو عمليات اغلاق المنشآت ألتي لا تلتزم بشروط الصحة، تتم وبالتحديد من خلال الضابطة الجمركية او من خلال طواقم حماية المستهلك المنضوية تحت مظلة وزارة الاقتصاد، فلماذا لا يتم العمل على زيادة نجاعة هذه الجهات من حيث العدد والتدريب ومن حيث توفير الحماية والدعم.

واذا كانت هذه الجهات تنجح وفي ظل الوضع الحالي في السيطرة على او في منع وصول نسبة قليلة من هذه البضائع الفاسدة الى المستهلك، فمن المتوقع ان تم زيادة طاقمها او ان ازدادت امكانياتها وازداد تدريبها واعدادها، بان تكون قادرة على القيام بدور اكبر، هذا مع العلم ان هذه الطواقم تلقى الدعم الكبير من الناس ومن المجتمع.

ويلعب المستهلك، او المواطن وكما اظهرت حادثة اغلاق المخبز، دورا هاما في الحد من ظاهرة الاغذية والادوية الفاسدة، وذلك من خلال الابلاغ عن اية منتوجات مشتبه بها، او منتجات لم يعتد عليها، سواء من حيث شراءها بأسعار منخفضة، او منتجات منتهية الصلاحية، او الشعور بأمر ما من حيث الطعم او الرائحة او الشكل، او حتى طبيعة المغلف، او اذا حدثت اية مضاعفات صحية بعد استهلاكها.

ولذا يعتبر المستهلك الواعي اليقظ، بالإضافة الى الاجهزة المختصة والى المؤسسات الاهلية والى تنظيم وتوحيد جهود الجهات العاملة في هذا الصدد، هي الاداة العملية القادرة على الحد من ظاهرة اصبحت تؤرق الناس والمجتمع والبلد ككل.

ومع تصاعد القلق والارباك عند الناس حول سلامة السلع التي تصل اليهم وبالأخص سلع اساسية كالخبز مثلا، وفي ظل اوضاع مربكة كالأوضاع الحالية في بلادنا، ومن اجل طمأنة المواطن وبالتالي عدم اثارة الناس والبلد.

فالمطلوب من الجهات الرسمية وغير الرسمية المهتمة بسلامة الغذاء والدواء منع وصول المواد الفاسدة للناس، ووضع برنامج منظم ومتكامل من اجل سحب عينات عشوائية، سواء اكان من الخضار او الفواكه، او من الدواء، او حتى من الخبز والكعك، واجراء الفحوصات الروتينية لهذه العينات، في مختبرات فلسطينية، تم اعتمادها، وتم التأكد ومن خلال مختصين علميين، بجاهزيتها، سواء طاقمها او اجهزتها او خبرتها، في القيام، بهذه الفحوصات، والاهم كذلك نشر نتائج الفحوصات، ومن خلال الاعلام، لكي تصل الى المستهلك الذي بات لا يعرف مدى سلامة السلع التي يستهلكها وبشكل يومي.

إغلاق