كتب صلاح عبد العاطي: قراءة نقدية لخطاب عباس أمام الأمم المتحدة

كتب صلاح عبد العاطي: قراءة نقدية لخطاب عباس أمام الأمم المتحدة

الضفة الغربية – الشاهد| خطاب مكرر وان كان نسخة محسنة من خطاب العام الماضي والأعوام السابقة، والتزام بالنص المكتوب وعدم الخروج الفهلوي مثل الخطابات السابقة، وعلى أهمية خطاب المظلومية واستعراض جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومعاناة شعبنا الفلسطيني التاريخية، إلا أنه خطاب الضحية التي أفقدت نفسها كل أوراق وعوامل القوة.

خطاب يؤكد استمرار لذات نهج القيادة في عدم تغيير قواعد اللعبة رغم التغييرات الدولية والإقليمية حتى داخل دولة الاحتلال (الإسرائيلي) وصعود حكومة هي الأكثر فاشية وعنصرية والتي تعلن ليل نهار عدم اعترافها بالشعب الفلسطيني والحقوق الفلسطينية.

خطاب أكد علي الإبقاء علي التزامات السلطة بالقول بالمقاومة السلمية وتبرير تأجيل الانتخابات برفض (إسرائيل) إجراؤها في القدس، ما يعني بقاء الحال كما هو وعدم إجراء الانتخابات.

وعلي أهمية بعض فقرات الخطاب والإشارات إلى ضرورة مراجعة عضوية دولة الاحتلال والمطالبة بتجريم إنكار النكبة والقول بالتحرك لمحاسبة دولة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.

إلا أنه وفي حالة عباس وخطابه لا أحد بات يتوقع تغييرا، حتي الاحترام العالمي لنا في تراجع، فالقاعة كانت شبه فارغة، والمشكلة ليست في الخطاب بقدر غياب إرادة الفعل والفعل الحقيقي علي الأرض، وهذا بات معلوم لـ(إسرائيل) والعالم، حتي إعادة بناء حركة فتح والمنظمة وإنهاء الانقسام أو الإعلان عن خطة استراتيجية وطنية في إطار مواجهة التحديات والاحتلال غابت، وحتي المطالبات الفلسطينية مثل مؤتمر دولي وعدم إنكار ذكرى النكبة وعدم الالتزام الاحتلال بقرارات الأمم المتحدة والتوجه لاستخدام الآليات الدولية لم توضع لها برنامج عمل أو مشروع قرارات تقدم للأجسام الدولية، وحتى تغيير لصالح ترتيب البيت الداخلي عبر أخد قرار بإجراء الانتخابات بدون موافقة (إسرائيل) وفي إطار مواجهة شاملة.

بل جاء الخطاب تبريري، والسؤال لماذا القبول بمنح الاحتلال مفتاح التحكم في الإصلاح والديمقراطية وغيرها من قضايا، ولماذا تغيب إرادة التحدي والمواجهة؟ ولمصلحة من أن يتم التخلي عن ما منحه القانون الدولي من حق شعبنا بالنضال بكل الوسائل؟

ولماذا التاكيد من على منبر الأمم المتحدة على المقاومة السلمية فقط ؟

وفي البحث في الخطاب عن تغيير في السياسة نجد أنه خلا من اي مؤشرات للتغيير في السياسة الرسمية وتهرب من ذكر عدد من المتغيرات الدولية والإقليمية والوطنية وخاصة قضايا التطبيع والعلاقات الأمريكية والدولية التي فقط تمت مطالبتها بالاعتراف بدولة فلسطين وحماية حل الدولتين..

فيما غيب الخطاب ذكر أي خطوات جادة سواء لجهة تقديم طلبات الحماية الدولية لمجلس الأمن أو الجمعية العامة بصيغة متحدون من أجل السلام، أو تقديم طلب بتعليق عضوية دولة الاحتلال في الأمم المتحدة حتى تنصاع لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، أو حتى دعوة الدول الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف.

وخلا الخطاب من خطة عمل إجرائية لتفعيل مسار التوجه للمحاكم الدولية ومن بينها محكمة الجنايات الدولية ومواجهة سياسية المماطلة والتسويف وازدواجية المعايير، أو حتى استخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية عالميا وفلسطنييا، ما يعني إبقاء على ذات السياسية في امتناع السلطة كجزء من التزاماتها بسبب الرهان علي الاوهام والوعود الأمريكية (الإسرائيلية) من تحريك هذه الملفات .

إجمالا خطاب عباس خطاب مكرر للمظلومية وعلى أهمية اي خطاب فلسطيني في إطار حماية الرواية والحقوق الدولية إلا أن لغة الاستجداء الدولي سواء للتمويل أو لخطوات سياسية وقانونية دونما القيام بالفعل المطلوب فلسطينيا لن يعيرها أحد الاهتمام المطلوب.

وللاسف أدت سياسات عباس الى إفقاد النظام السياسي احترامه ومصداقيته، فهو يلوح بيدٍ تواصل التنسيق الأمني والعلاقات مع الاحتلال والرهان على ذات السياسية وأوهام التسوية بعد ثلاثين عاما من أوسلو فيما اليد الاخرى مبتورة بالانقسام وتعطيل المؤسسات وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، ومنع الانتخابات واستمرار الانتهاكات الداخلية والعجز المالي والفساد وفقدان الشرعية، والأهم استمرار في ذات النهج السياسي وعدم الالتزام بقرارات الشرعية الفلسطينية.

عدا عن أن وضع مقدمات الخطاب ومع نهايته وقياس الخيارات والقرارات نجد التناقض والتنصل والتبرير للعجز واستكانة وقبول بالواقع وغياب رؤية واضحة لضمان استعادة مكانة القضية ومصداقية القيادة وشرعيتها.

إغلاق