تخوفات من التهريب والتبييض.. انطلاق موسم قطف التمور في أريحا
الضفة الغربية – الشاهد| انطلق قبل أيام موسم قطف التمور والبلح في محافظة أريحا والأغوار، وسط توقعات بمحصول وفير لهذا العام يتجاوز الـ 18 ألف طن، بزيادة تتراوح بين ألفي – 3 آلاف طن عن العام الماضي.
المحصول الوفير لهذا العام يعود إلى زراعة أشجار جديدة في المحافظة إلى جانب 340 ألف شجرة مزرعة حالياً، وتحديداً تلك التي تنتج “التمر المجهول”، والذي سيصدر إلى 37 دولة.
ورغم غزارة الإنتاج والعائد المادي الكبير الذي سيعود على المزارعين، إلا أنهم يخشون من عمليات التهريب والتبييض لتمور المستوطنات، والتي يتم تسوقيها من قبل بعض الشخصيات المتنفذ في السلطة إلى الخارج على أنها تمور فلسطينية.
وتشكل عملية التصدير للخارج من التمر الفلسطيني من انتاج الموسم الحالي من 65-75 بالمائة، بأسعار تتراوح ما بين 5-9 دولارات للكيلو الواحد، وذلك بعد توفير حاجة السوق المحلية.
تبيض التمور
وتشكل قضية تبيض تمور المستوطنات العائق الأكبر أمام التمور الفلسطينية، فقد كشف الائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة – أمان، في تقرير له قبل عدة أشهر أن موظفين في وزارتي المالية والزراعة ومكتب رئيس السلطة محمود عباس تورطوا في قضية تبيض تمور المستوطنات قبل عام ونصف تقريباً.
وقال مستشار الائتلاف عزمي الشعيبي إن تحقيقًا بدأ من قبل هيئة مكافحة الفساد، وثبت أن هناك على الأقل 3 من مسؤولي وزارة الزراعة، ومسؤول واحد من وزارة المالية، وشخص في مكتب عباس تورطوا مع 6 شركات، ومعهم 4 موزعين، و9 منازل تقوم بتعبئة التمور.
وأفاد الشعيبي، أن دور موظفي وزارة الزراعية كان يقوم على إعطاء شهادات أن هذا التمر هو تمر فلسطيني، بينما هو في حقيقية الأمر من تمور المستوطنات الإسرائيلية، إلا أن الأتراك كشفوا الموضوع ومن ثم قدموا شكوى، وثبت صحة أن التمر من إنتاج مستوطنات إسرائيلية.
وجرى كشف ذلك وفق الشعيبي بكل ببساطة لأن التمر الذي صُدِّر في ذلك الوقت إلى تركيا، لم يكن حينها التمر الفلسطيني قد أنتج بعد، حيث أن تمر المستوطنات ينتج أولًا، إلا أنهم قاموا بجمع التمر من المستوطنات، وتصديره إلى تركيا بحسب الكوتة المتفق عليها بين الطرفين، والتي منحتها تركيا إلى فلسطين وتبلغ ثلاثة آلاف طن، حيث وصلت كامل الكوتة إلى تركيا قبل إنتاج أي حبة تمر فلسطيني من أريحا، فانكشف الموضوع.
وبيّن الشعيبي أن “هذه المنظومة استغلت القوانين”، لكن هيئة مكافحة الفساد وبعد تحقيقها قالت إن هذه الشركات ولكونها شركات قطاع خاص لا ينطبق عليها قانون مكافحة الفساد، وإنما يطبق عليها قوانين أخرى، وأهمها القانون الذي يجرّم التعامل مع منتجات المستوطنات، وطلبت الهيئة من النيابة العامة أن تكمل التحقيق.
وتابع: “لكنّ شخصًا آخر هو عبد المالك جابر، وهو على خلاف مع السلطة بسبب أنه اتهم أحيانًا يأنه مع دحلان (المفصول من فتح محمد دحلان)، وهو شخصية معروفة عند السلطة لأنه كان مديرًا عامًا في شركة الاتصالات، وكان مقرّبًا من السلطة في الأساس، لكن حصل معه خلاف بعد ذلك”.
ومضى الشعيبي بالقول إن عبد المالك الجابر كان شريكًا في إحدى الشركات التي مارست “تبييض التمور”، ويملك الجزء الأكبر منها، ومسجلة باسمه، فوجدت السلطة الفلسطينية في ذلك فرصة لتصفية الحساب معه، و”بدأت مفاوضات مباشرة من مكتب الرئيس”، بحضور المستشار القانوني للرئيس، ثم طلبوا من الجابر أن يتنازل عن كل أملاكه (تُقدّر بعشرات الملايين) لصالح شركة صغيرة، مسجّلة باسم شخص يعمل مرافقًا في مكتب الرئيس، وشخص آخر يحمل رتبة ضابط في جهاز الأمن الوقائي.
توقيف الجابر
هذا وكانت أجهزة السلطة قد اعتقلت يناير 2022، رجل الأعمال الفلسطيني عبد الملك جابر وشركاؤه بتهم تتعلق بالفساد وترويج بضائع مستوطنات.
وأفادت مصادر لـ”الشاهد” أن السلطة تتهم جابر وشركاؤه بتزوير شهادة منشأة لبضائع بهدف ترويج بضائع المستوطنات على أنها انتاج فلسطيني.
السلطة كانت قد اعتقلت الجابر ورجل الأعمال مازن سنقرط في نوفمبر الماضي، ووجهت إليهما ذات التهم، قبل أن تقوم بإطلاق سراحهما في وقت لاحق، دون الكشف عن فحوى التحقيقات معهما.
ولكن ما هي حقيقة التهم الموجه لجابر، ولماذا هو تحديداً دون رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الآخرين، والذين لهم علاقات مع الاحتلال ويقومون بترويج بضائع المستوطنات عبر دول العالم ويدخلونها للسوق الفلسطينية؟.
صراع الجابر وأبناء عباس
مصادر “الشاهد” كشفت أن الخلاف الأساسي بين جابر والسلطة يعود إلى سنوات سابقة، وتحديداً بسبب الخلاف بين جابر وأبناء رئيس السلطة محمود عباس، بسبب قضية قطاع الاتصالات في الأراضي الفلسطينية، ورغبة أبناء عباس في تقاسم أرباح الاتصالات الفلسطينية مع جوال عبر إدخال شركة الوطنية.
جابر الذي كان يترأس مجلس إدارة مجموعة الاتصالات الفلسطينية ومن ضمنها شركة جوال، دخل في صراع وصدام مع أبناء عباس الذين يمتلكون نصيب الأسد في شركة الوطنية والتي بدأت عملها في الأراضي الفلسطينية عام 2009، كمشغل ثان للاتصالات الخلوية.
المصادر أكدت أن الخلاف منذ ذلك الوقت وهو متفجر بين الطرفين، ووصلت حد اتهام عباس وسلطته لجابر مرة بالفساد وترويج بضائع المستوطنات على أنها بضائع فلسطينية، ومرة أخرى بأن له علاقة مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، والسبب يعود للتنافس على قطاع الاتصالات والأموال الطائلة التي يتم جبايتها بسبب احتكار جوال ومجموعة الاتصالات.
جابر والذي تعرض لضغوط عدة من قبل السلطة، اضطر إلى الهرب إلى الأردن وتولى رئاسة مجلس إدارة شركة زين للاتصالات، ومن هناك بدأ في إدارة صراعه مع عباس وأبنائه، بعد أن صادروا ملايين الدولارات من أمواله بعد الحجز عليها في البنوك الفلسطينية.
وأوضحت المصادر أن جابر اشترى العديد من المواقع الإلكترونية والتي استخدمها في حربه ضد عباس وأبنائه، بمساعدة القيادي الفتحاوي والمحسوب على تيار دحلان بسام ولويل رئيس مجلس إدارة مطاحن القمح الذهبي ورئيس مجلس إدارة إذاعة راية التي تبث من رام الله.
وشددت المصادر على أن صراع جابر مع أبناء عباس لا يعني أنه قد يكون أحد المتورطين في قضية ترويج تمور المستوطنات على أنها تمور فلسطينية، مشيرةً إلى أن جابر أحد أكبر رجال الأعمال في قطاع التمور الفلسطينية.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=64280