التغول على المجالس البلدية.. انتهاك للقانون على يد الوزير مجدي الصالح

التغول على المجالس البلدية.. انتهاك للقانون على يد الوزير مجدي الصالح

نابلس – الشاهد| في الوقت الذي تتعرض فيه بعض المجالس البلدية ممن لا تسيطر على مجالسها حركة فتح إلى حرب إقصاء، يستخدم وزير الحكم المحلي مجدي الصالح سلطة غير قانونية بإعلان قرار استقالة المجالس البلدية كما حدث في نابلس مؤخرا.

هذا التسلط على عمل تلك المجالس هو انتهاك صارخ للقانون بحسب ما أفاد مختص في الشأن القانوني، حيث تتمثل علاقة الوزارة بالمجالس البلدية في التنسيق والتخطيط، واعتبارها مرجعية فنية، دون التغول على إرادة المواطنين الذين انتخبوا المجلس وجاءوا به.

وأكد محاضر في كلية القانون بجامعة الخليل سيد عواودة أن القانون الحاكم لعلاقة الوزارة بالهيئات المحلية هو قانون رقم 1 للعام 1997 وما طرأ عليه من بعض التعديلات في سنة 2008 و2016.

وقال عواودة إن ما يهم في هذا السياق هي المادة الثانية من القانون التي توضح علاقة الوزارة بالهيئات المحلية، مؤكدا على أن الهيئة المحلية لها شخصية اعتبارية واستقلال مالي غير تابع للوازرة.

 

مستويات التدخل

وأشار الى أن طبيعة التدخل من الوزارة بحسب القانون تتخلص في ثلاثة مستويات، وهي:

المستوى الأول: وتتعلق برسم السياسة العامة المقررة لعمل الهيئات والإشراف على وظيفته واختصاصه، من خلال تنظيم المشاريع العامة وأعمال الميزانيات والرقابة الإدارية والقانونية وما شابه.

المستوى الثاني: تتدخل الوزارة في الهيئات المحلية من حيث القيام بالأعمال الفنية والإدارية المتعلقة بالتنظيم والتخطيط الاقليمي في فلسطين، فلا يمكن لأي مجلس محلي أن يمارس أمور التخطيط الإقليمي والمخططات الهيكلية إلا بالتنسيق مع الوزارة.

المستوى الثالث: وضع أي ناظم او لائحة يصدر عن الوزارة يكون متطابقا أو في حدود ما سمح به القانون الصادر عن البرلمان.

وأشار الى أن علاقة الوزارة بالهيئات المحلية لها جانبان، الجانب الأول رسم السياسيات العامة والجانب الثاني التنسيق بما يتعلق بالأعمال الفنية والإدارية المتعلقة بالتنظيم الإقليمي.

وشدد عواودة على أنه بعد البحث في قانون رقم 1 لعام 1997 للهيئات المحلية لم يجد أي مادة تعطي الوزارة حق حل المجلس بمجرد إرادتها ذلك، وأنه لا يحق للوزير بالسلطة التقديرية أو بناء على رغبة الشخصية أو على تقدير موقف حل المجلس البلدي،وهو الأمر الذي يعتبر مخالفا للقانون.

وقال إن الهيئة المحلية لا تستمد شرعيتها من تعيين الوزير بل تستمدها من الانتخابات الحرة المباشرة لها، وهو أمر من الضرورة التأكيد عليه في سياق الأحداث الحالية.

ولفت الى وجود حاجة دائمة الى الانتخابات لتجديد الشرعية، وأضاف: “لو سألنا مثلا ما الذي يجعل رئيس بلدية الخليل مثلا له الحق في أن يكون رئيس بلدية الخليل نقول بكل بساطة لأنه فاز بالانتخابات التي جاءت تعبيرا عن رغبة المواطنين”.

وأوضح أن سلطة الوزير لا تصل لمرحلة حل المجلس البلدي أو إقالته، وانما تنحصر في أمور لها علاقة بالمصادقة وأما بمجرد التبلغ بالقرار، منوها الى أنه لو أراد رئيس مجلس بلدي أن يقدم استقالته فإنها لا تعتبر نهائية إلا إذا وافق عليه المجلس، ثم يصادق عليها الوزير شكليا.

وشدد على أن القانون شديد الوضوح فيما يتعلق بموضوع صلاحية أعضاء المجلس البلدي ودوام مدة عضويتهم، مشيرا الى انه حينما قامت الوازرة في وقت سابق بإقالة بعض أعضاء المجالس البلدية ظهر تماما للمحكمة أن قرار الاقالة هو مخالفة صارخة للقانون وحكمت بإسقاطه.

 

رفض شعبي

وكانت الفعاليات الشعبية والاهلية في نابلس رفضت قبل أيام قرار وزير الحكم المحلي مجدي الصالح إقالة مجلس بلدي المدينة وتشكيل لجنة تسيير، مطالبة بالعدول عنه فورًا ودون أي مقايضة أو مساومة.

وقالت مؤسسات نابلس في بيان إنها تنظر بخطورة بالغة لهذه القرارات المتسرعة والفردية والتي لم تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة وحماية السلم الأهلي في نابلس.

وأوضحت أنها تداعت للوقوف على نتائج ما آلت إليه الأمور في المدينة، إثر قرار الصالح بقبول استقالة أو اقالة مجلس بلدي نابلس المنتخب دون الاستناد الى أساس قانوني واضح أو سليم.

ووصفت المؤسسات ذلك استخفافًا وإلغاءً لنتائج العملية الديمقراطية وخيار المواطن النابلسي الذي أوصل المجلس البلدي الى ادارة البلدية.

 

حالة توتر وغضب

ونعتت القرار بأنه تسرع وغير مدروس وتجاهل المكونات المختلفة التي تمثل نابلس، إذ لم يستشر الوزير أحداً من مؤسسات نابلس أو مكوناتها.

ونوهت المؤسسات إلى أن ذلك أدى الى حالة توتر وغضب طالت المواطنين والمؤسسات الفاعلة التي عبرت عن رفضها واستيائها للقرار الصادر وتداعياته.

وطالبت رئيس حكومة اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية بالتدخل العاجل والفوري لإلغاء قرار الصالح.

وذكرت أنه أصر على تطبيقه رغم رفض الشارع النابلسي وكلّ هذه الأصوات والمطالبات، مع ضرورة إلغاء جميع آثاره القانونية والإدارية أيضًا إن وُجدت.

وأكدت المؤسسات أن أي تغيير للمجلس البلدي يجب أن يكون من خلال عملية ديمقراطية انتخابية نزيهة تحترم خيار المواطن وإرادته الحرة.

وأشارت إلى أنه على المجلس البلدي تحمل مسؤولياته في هذه المرحلة الحساسة بما يحقق المصلحة العامة.

وبينت المؤسسات أنه انطلاقًا من الوقوف عند الواجبات واستشعاراً بحجم المسؤولية والأمانة الملقاة على كاهلنا، ودرءاً لأي انعكاسات سلبية قد تطال المجتمع النابلسيّ وتؤثر على مستقبله والنهوض بواقعه.

وأشارت إلى أن تاريخ نابلس الحافل بالعطاء والتضحيات وحاضرها المليء بالصعاب والتحديات ومستقبلها الذي نُراهن عليه لأجيالنا القادمة يجب أنّ يُحترم.

وختمت مؤسسات نابلس بأنها “هي المتواجدة في الميدان للبناء وزرع الأمل، وأن إرادة أهل هذه المدينة الصامدة هي المرجعية الأساسية لأي قرارات تخص حاضرها ُومستقبلها”.

 

إغلاق