هاني المصري: فتح تتجه لتأزّم وشرذمة داخلية غبر مسبوقة

هاني المصري: فتح تتجه لتأزّم وشرذمة داخلية غبر مسبوقة

رام الله – الشاهد| قال رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات هاني المصري إن تغييرات المحافظين والسفراء مرتبطة بتغيرات في المشهد الفلسطيني أو الإسرائيلي والإقليمي والدولي والمتوقع حدوثها.

وبين المصري في تحليل أن السلطة تسعى لتأهيل نفسها استعدادًا لما سيأتي في محاولة لحصد مكان بالخارطة السياسية التي يجري رسمها في المنطقة وفي العالم.

وأوضح أن السلطة مطلوب منها أن تؤدي وظيفتها الأمنية، خاصة بظل تصاعد المقاومة في الضفة وشمالها تحديدًا، وفي المقابل هناك احتمالات لحدوث تطبيع سعودي إسرائيلي يتطلب من السلطة أن تكون قادرة على المشاركة في مجرياته وإعطاء غطاء له.

ونوه المصري إلى أنه وبدون موافقة فلسطينية سيصعب على السعودية الإقدام على هذا التطبيع بظل مساعٍ غربية وعربية لخلق مسار التطبيع في موازاة العمل على إيجاد أفق سياسي، للإيهام بأن حل الدولتين ما يزال حيًّا.

خيارات سوداوية

لكن، في الحقيقة، إن أي مسار سياسي لا يبنى على أساس واضح وقاطع، ويهدف لإنهاء الاحتلال، وتحقيق الدولة الفلسطينية، وبقية حقوق الشعب الفلسطيني، سيكون مجرد تغطية على مسار التطبيع لا أكثر.

أما تأثير هذه القرارات داخل فتح –والحديث للمصري- خاصة إذا عقد المؤتمر الثامن، فإن من شأنها أن تقدم صورة جديدة لفتح، بحيث تغيب فيها فتح القديمة ويحل محلها فتح الحكم الذاتي وفتح السلطة وفتح الموظفين، وليس فتح ممثلة ورائدة لها.

وذكر أن المعطيات في وقتنا الحالي؛ إذ إنها لا تدعو للتفاؤل، لكن إذا حدثت تغيرات غير متوقعة قد تؤدي إلى تصحيح المسار الحالي، وعودة فتح إلى ألقها ومكانتها.

ورأى المصري أن الترتيبات ستزيد الأمور تأزّمًا في الوضع الداخلي؛ لأنها تعيد إنتاج مسار سياسي معين، رغم ثبات فشله، وتبعد التركيز على الوحدة، ما سيعمق الانقسام، ويزيد من التشرذم الداخلي، والمخاطر التي تهدد الشعب والأرض والقوى الفلسطينية.

ولم يكن ظهور أمين سر حركة فتح في مدينة طولكرم إياد جراد بمسيرة مسلحة للمطالبة بحصة من “كعكعة مناصب في السلطة” إلا مشهدًا صغيرًا من حالة الاقتتال الداخلي المتصاعدة في الحركة.

جراد الذي أحاط به أكثر من 30 مسلحًا على مدخل المدينة أدلى ببيان من ورقة كُتب عليها مجموعة مطالب أكد فيها أن طولكرم خط أحمر، ويجب إنصافها فيما أطلق عليه “استحقاقها الطبيعي”.

مراقبون رأوا أنَ هذا الخطاب الجدلي الذي اعتادت عليه فتح، بمثابة إشارة إلى “حصة طولكرم” في المناصب عقب إقالة المحافظين وبعض سفراء السلطة.

مؤتمر جراد حظي بترحيب واسع في صفوف الشخصيات الفتحاوية والعسكرية بالمحافظة، والتي تجمهر أكثر من 20 شخصًا منها حوله للمطالبة للتأكيد على إنصاف طولكرم بالتعيينات.

ويعكس هذا المؤتمر وجه الصراع الخفي على المناصب قبل معركة خلافة رئيس السلطة محمود عباس، في وقت تربعت فيه شخصيات تقليدية وعززت من نفوذها بالمشهد الحركي.

صراع خفي

والحرب على خلافة عباس لم تتوقف على منصب رئيس السلطة فقط بل ستنتقلُ للمناصب المختلفة الذي يشغلها بعض المتنفذين ومنها وزارتي الداخلية والخارجية.

عضو اللجنة المركزية السابق في فتح رئيس الملتقى الوطني الديمقراطي ناصر القدوة أوضح أن إقالات عباس للمحافظين والسفراء مؤخرًا يأتي كحلقة جديدة في حلقات الصراع على الخلافة.

القدوة أشار إلى أن ما يجري تعبير عن أزمة تعيشها السلطة، مضيفاً: “بتروح خيارة وبتيجي خيارة أصغر منها”.

وقال: “يحاولون إظهارها على أنها تأتي بسياق الحيوية؛ لكنها تعبر عن أزمة حقيقية حاصلة، وفي الطريق يعين من هو أقرب لمن يبحث عن حظوظه في الرئاسة”.

معركة الخلافة

قيادات فتحاوية توافقت مع حديث القدوة بأن قرار إقالة غالبية المحافظين في إطار معركة الخلافة التي تستعر داخل الحركة.

وأوضحت أن حسين الشيخ يسعى لحسم معركة الخلافة مبكرًا بإضعاف وإبعاد المنافسين له وتحديدًا جبريل الرجوب الذي يمتلك شبكة علاقات قوية وواسعة مع أقطاب فتح، وعلاقته القوية بالمحافظين المقالين ضمن كادر الأمن الوقائي أو مقربين من الجهاز ذاته.

رئيس بلدية الخليل القيادي السابق في حركة فتح تيسير أبو سنينة أكد أن الاقالات المفاجئة بأنها مجزرة لشخصيات مقربة من جهاز الأمن الوقائي.

وأوضح أبو اسنينة أن هناك عدة تفسيرات للإقالات واحدة منها أنه ضربة للرجوب، ضمن حالة الصراع الجارية، ومحاولة لاستبدالهم بأشخاص قريبون من المخابرات.

فساد السلطة

يذكر أن السلطة في عهد عباس تحولت عمليًا مجددًا إلى النظام الرئاسي؛ إذ يمسك الرئيس بكل السلطات والصلاحيات، وجعل الحكومة بعديد القضايا والأحيان آخر من يعلم.

وكان بحثٌ لمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية من إعداد الباحث والدبلوماسي “غيث عمري” أبان أنّ عباس ما يزال يحكم السلطة بقبضته مع عدمِ توضيحه لاسم يخلفه بزعامة السلطة.

ورجّح الباحثً أن ينتج عن ذلك صراع طويل وعنيف ويمكن لمثله أن يقرر ليس فقط من يحكم السلطة وما إذا كانت ستبقى كهيئة حاكمة ولكن مستقبل الحركة الوطنية الفلسطينية.

وبحسب البحث، هناك اعتقاد سائد في أوساط الفلسطينيين (80%) أن السلطة ينخرها الفساد وأن انهيارها سيكون في مصلحتهم.

إغلاق