مرسوم عباس بتعديل إجراءات التقاضي.. مسمار جديد في نعش القضاء المتهالك

مرسوم عباس بتعديل إجراءات التقاضي.. مسمار جديد في نعش القضاء المتهالك

رام الله – الشاهد| في فصل جديد من فصول تغول رئيس السلطة محمود عباس على القوانين وعمل السلطة القضائية، أصدر مؤخرا مرسوما رئاسيا يقضي بتعديل بعض قوانين التقاضي الإجرائية في المحاكم الفلسطينية.

 

هذه التعديلات جاءت لكي تزيد من سيطرة عباس على السلطة القضائية، فضلا عن كونها جاءت مفصلة لكي تحمي السلطة التنفيذية المتمثلة في رئاسة السلطة والحكومة من أي تبعات قانونية في حال قام أفرادها بارتكاب جرائم أو فساد كما حدث في قضية اغتيال الشهيد نزار بنات على يد أفراد من أمن السلطة.

 

وتعليقا على ما جري، أكد الباحث في الشأن القانوني عمار جاموس، أن مرسوم رئيس السلطة محمود عباس بتعديل القوانين الإجرائية أمام القضاء الفلسطيني هو تخريب للقوانين ويمس جوهر حقوق الإنسان وليس مجرد قانون إجرائي.

 

وأكد في تصريح صحفي اليوم الجمعة، أنه جرى تعديل قانون الإجراءات الجزائية رقم ٣ لسنة ٢٠٠١، حيث بموجب التعديلات الجديدة، ينتهي عهد قانون فلسطيني "محترم" صادر منذ أكثر من ٢٠ عاماً عن مجلس تشريعي منتخب، وذلك بعد التخريب الذي حصل في قانون السلطة القضائية وقانون تشكيل المحاكم النظامية منذ حوالي سنة.

 

وأشار الى ان التعديلات تمت بزعم تسريع إجراءات التقاضي، معتبرا أن تعديل قانون الإجراءات تم فيه إلغاء الضمانات المقررة للناس في مواجهة السلطات العامة، وعلى الرغم من أن تلك الضمانات لم تكن تحترم كثيراً في الواقع، وأضاف: "إلا أن النيل منها الآن يتم بموجب قانون الذي هو في الأصل تعبير عن إرادة الناس ولمصلحتهم من الشعب وإلى الشعب".

 

وذكر أن التوقيف بموجب التعديلات الجديدة تصبح الأصل وليس الاستثناء وهذا يتنكر للأصل في الإنسان البراءة عملا بالمبدأ القانوني الراسخ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، علاوة على كونها حقا دستوريا وطبيعيا لجميع البشر في جميع الحضارات الإنسانية.

 

وأكد أن التعديلات جعلت من مساءلة الموظفين ومحاكمتهم عن الجرائم التي يرتكبونها مرهونة بأذونات من النيابة العامة، أي أن تلك المسائلة يجب ان تكون وفقا للمزاج السياسي.

 

وتابع: "مبدأ شفوية المحاكمة انتهى، وأصبحت الاستئنافات تنظر تدقيقاً وليس مرافعة، وهناك مشكلة أخرى في مناقشة شهود الإدانة، وإدانة متهم بناءً على أقوال متهم آخر، وفي الطعن بالنقض في الجنح، وغير ذلك من المصائب، يعني باختصار القانون الجديد يؤسس نظرية جديدة لم ندرسها في كليات الحقوق، ولكنها واضحة في إضعافها الناس وتقوية السلطة".

 

وشدد على انه لا يعرف الأسس العلمية التي استند إليها علي مهنا الذي يعمل كمستشار قانوني للرئيس عباس في كتابته أو موافقته على ما كتب في القانون الجديد، فهو لا يحقق سرعة إجراءات التقاضي بل يهدم ضمانات المحاكمة العادلة.

 

وأضاف: "في جميع الأحوال، ما حدث لا يعدو في أقل صوره عن تخريب لقانون صالح، وهو نفس التساؤل الذي كان يمكن طرحه عندما تم العبث في قانون السلطة القضائية قبل نحو عام، ربما هو النسخ من القوانين الأردنية أو المصرية مع أن القوانين الفلسطينية التي أصدرها المجلس التشريعي الأول لا سيما في فترة الإصلاح (٢٠٠٢ -٢٠٠٥)، تتفوق بكثير على ما عداها من القوانين العربية ذات العلاقة".

 

وأكد أن سرعة إجراءات التقاضي لن تتحقق إلا باحترام القانون من الجميع، واحترام أحكام وقرارات وأوامر المحاكم من الجميع بمن فيهم عناصر الأجهزة الأمنية، وزيادة عدد القضاة وموظفي المحكمة، ورصد الموازنات الكافية للمحاكم على غرار موازنة الأمن.

 

فساد القضاء

ومع استمرار الفساد المتفشي في المنظومة القضائية، لم يجد القضاة أمامهم سوى تقديم استقالاتهم والانسحاب منها، بعد أن أيقنوا باستحالة إصلاحها في ظل الظروف الحالية وذوبانها في منطق المصالح الذي ربط بين مسئوليها ومسئولي السلطة.

 

ويبدو أن هذه الاستقالات سيكون لها ما بعدها، من ناحية تفجير شرارة الاحتجاج داخل الجسم القضائي بكل مستوياته وتفاصيله، إذ أن ما يحدث يؤكد أن انهيار المنظومة هي مسألة وقت لا أكثر.

 

وقدم 4 قضاة استقالاتهم خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2021، بحسب ما وثقته جريدة الوقائع الفلسطينية في أعدادها المنشورة، بينما أصدر رئيس السلطة محمود عباس قرارات بقبول الاستقالة وصادق عليها.

 

تغول السلطة التنفيذية

وكان عضو نقابة المحامين السابق ورئيس المجموعة الدولية للمحاماة بالخليل، سهيل عاشور، أكد أن تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء قد أفسد ثقة القضاة بنظامهم القضائي، فضلا عن غياب ثقة المواطنين بالنظام المعتل.

 

واعتبر أن استمرار تغييب المجلس التشريعي يؤثر سلبيًّا في عمل القضاء لكونه المختص بسن التشريعات ومراقبة عمل السلطات التنفيذية والقضائية، منبّهاً إلى أن القانون أصبح لعبة في أيدي أشخاص متنفذين.

 

وأشار إلى أن مسؤولية فساد النظام القضائي تعود إلى مجلس القضاء الأعلى، مؤكدا أنه صاحب السلطة والنفوذ لحل الإشكالات، لكنه لا يفعل ما يتوجب بل يشهد تراجعاً ملحوظاً مع مرور الوقت.

 

وذكر أن الجهاز القضائي يعاني بطئًا في إنجاز الفصل في القضايا، وهو ما ينعكس على المواطنين ويشعرهم بالظلم وعدم الرضا عن جهاز القضاء النظامي.

إغلاق