عن المأساة العربية و”النظام الجديد”
الضفة الغربية – الشاهد| كتب إيهاب بسيسو: قبل سنوات كتب الأديب الراحل إلياس خوري عن اتفاقيات “التطبيع الإبراهيمية”، واصفاً إياها باتفاقيات “التتبيع”، ففي الوقت الذي كان فيه ترامب (حين كان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية ٢٠١٧-٢٠٢١) يعلن أن القدس المحتلة (موحدة) وعاصمة لدولة الاحتلال، في تحدٍ صارخ لكل المنظومة الدولية، جاءت “اتفاقيات التتبيع” كحصان طروادة عالمي جديد، معلنة عن ذاتها في سياق العمل الدولي على استقرار “المنطقة، ضمن “نظام جديد”.
غير أن “التتبيع”، بوصفه توجهات تبعية مفرطة في ضيق الأفق، لا يمكن أن يصنع استقراراً في ظل غياب مقومات الاستقرار الحقيقي وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال الاستيطاني في فلسطين.
على كل حال قبل إلياس خوري بسنوات، تحدث المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري عن ملامح الصهيوني الجديد، الذي لن يكون – حسب الاعتقاد السائد- يهودياً بالضرورة، بل على العكس تماماً، فمسألة الاعتقاد الديني بحسب المسيري لن تكون شرطاً ضرورياً (في المستقبل) للتصهين.
كل هذه الملاحظات وغيرها شقت طريقها إلى ذاكرتي في خضم متابعة فصول حرب الإبادة البشعة التي تخوضها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، والتي لم تملك خلالها “دولة إبراهيمية” واحدة أو مجتمعة بكل ثقلها الاقتصادي والدبلوماسي والإعلامي أن تؤثر على مجريات الأمور، نحو إيقاف حرب الإبادة، ليس من أجل وقف شلال الدم على الأقل، بل من أجل تعزيز الاستقرار المزعوم من خلال “نظام جديد”.
عام كامل من المجازر والموت اليومي في غزة، ومنظومة الدول الإبراهيمية والعربية والإسلامية التي تشكل ما يقرب من ٦٠ دولة، تمثل أحد أركان العالم الاقتصادي والسياسي، ما زالت تجتمع في قمم عاجلة ولقاءات اقليمية ودولية، كي تندد وتستنكر بحذر، وتراقب وتتابع وتعرب عن قلقها الدائم من اتساع دائرة “العنف”.
غير أنها في المقابل لا تتواني عن تغذية قنوات الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي المتعددة بكل ما لديها من قوة تأثير ناعمة نحو خلط الأولويات السياسية بشكل مدروس وممنهج مع عدم إهمال إثارة البعد الطائفي في السياق، ضمن بلورة أجندات السياسة والثقافة والإعلام، بشكل مباشر أو غير مباشر.
ليظهر سرد إعلامي وسياسي وثفافي جديد، محاولاً التأسيس لوعي جديد، وخلاص جديد، وتفكك جديد، في عالم ما بعد الحداثة الافتراضي والاستهلاكي.
“نظام جديد” تردد هذا المصطلح كثيراً خلال اليوم، لدرجة أصبح فيها من البديهي النظر إلى الأمور بشكل غير منفصل.
الإبادة، التتبيع، النظام الجديد، التوازن الاقليمي، عبث نتنياهو المنمق في الأمم المتحدة في استعراض مفهومي النعمة واللعنة، The Blessing and The Curse
ثم اغتيال السيد حسن نصر الله، والاستفادة من سنوات التصهين البائسة والتحشيد الطائفي، من أجل بناء وهندسة ملامح “النظام الجديد”.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=76245