محاكمة العار.. عشرون عاماً على محاكمة السلطة سعدات ورفاقه لقتلهم زئيفي

محاكمة العار.. عشرون عاماً على محاكمة السلطة سعدات ورفاقه لقتلهم زئيفي

الضفة الغربية – الشاهد| يستذكر الشعب الفلسطيني في هذا اليوم وقبل عشرين عاماً جلسة المحاكمة التي عقدتها محكمة السلطة في رام الله لأمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات ورفاقه بتهمة اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.

ووجهت المحكمة لسعدات ورفاقه في 24 أبريل 2002، تهمة "القتل العمد للوزير زئيفي والإضرار بما أسمته مصالح الشعب".

وحكمت المحكمة على المقاومين بالسجن ما بين 20-8 أعوام مع الأشغال الشاقة، كما وحكمت بالسجن لمدة عام على أحد المواطنين الذي استقبل أفراد الخلية بعد تنفيذ العملية وقام بإخفائهم في بيته.

وكان جهاز المخابرات التابعة للسلطة قد اعتقل أعضاء الخلية الجبهة الشعبية في مدينة نابلس، وذلك تنفيذاً لأوامر إسرائيلية تقضي باعتقال السلطة لهم مقابل رفع الحصار الذي كانت تفرضه قوات الاحتلال على الرئيس الراحل ياسر عرفات بمقر المقاطعة.

وقال رئيس المخابرات العسكرية التابع للسلطة في نابلس طلال دويكات آنذاك إن أعضاء الخلية اعتقلوا فجر الـ 21 فبراير 2002، من مخبئهم في المدينة.

محاكمة للنضال الوطني

ورفضت الجبهة الشعبية المحاكمة وقالت إن ما يجري هو صفقة ضد النضال الوطني، وتساءلت ماذا يمثل زئيفي الذي كان يدعو للترانسفير بالنسبة للشعب الفلسطيني.، معتبرةً أن ما جرى هو محاكمة للنضال الوطني.

وقبل المحاكمة وتحديداً في 22 أكتوبر 2001، أعلنت السلطة الجناح العسكري للجبهة الشعبية "كتائب أبو علي مصطفى" منظمة محظورة واعتبار أنشطتها تضر بالأمن الوطني.

وبعد محاكمة أفراد الخلية في رام الله، نقلت 12 سيارة نوع GMC مصفحة بريطانية وأخرى تابعة للقنصلية الأميركية العناصر المتهمين بقتل زئيفي إلى سجن أريحا، مقابل انسحاب قوات الاحتلال من رام الله والسماح بحرية الحركة للرئيس عرفات.

جريمة تسليم الخلية

بعد 4 أعوام وتحديداً في 14 مارس 2006 نفذت "إسرائيل" عملية ضد سجن أريحا أطلقت عليها اسم "عملية جلب البضائع"، اعتقلت خلالها منفذي العملية، وحولتهم إلى محاكمها التي قضت بدورها بسجن الأسير الريماوي 106 أعوام، والقرعان 125 عامًا، والأسمر 60 عامًا، وسعدات بالسجن لمدة 30 عامًا، بتهمة "رئاسة تنظيم سياسي محظور"، بالإضافة للحكم على أبو غلمة بالسجن 31 عامًا بتهمة "قيادة منظمة عسكرية.

جريمة اعتقال سعدات ورفاقه تورط بها السلطة وأجهزتها الأمنية عبر عملية متدرج من مراحل عدة، والتي رواها أحد المحامين بشكل تفصيلي عن سير الأحداث نقلاً عن الأسير أحمد سعدات.

فقد طلب توفيق الطيراوي المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية آنذاك الاجتماع مع القائد أحمد سعدات للتباحث في بعض المسائل التي تخص الشأن الوطني.

جرى اللقاء في أحد فنادق رام الله يوم 15 يناير 2002، وقبل بدء اللقاء استدعي توفيق الطيراوي إلى مكتب عرفات، وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال أحمد سعدات بتوقيع ياسر عرفات.

اقتيد سعدات إلى مبنى المقاطعة حيث جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف، وبعد أيام تم نقل سعدات إلى مقر قوات الفرقة السابعة، التي تعرف بحرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزا هناك.

أصدر النائب العام خالد القدرة قرار إدانة باعتقال سعدات وطالب بالإفراج الفوري عنه، إلا أن الأمر لم ينفذ، لتجتاح بعدها قوات الاحتلال يوم 29 مارس 2002 مقر المقاطعة وحاصرت مكتب عرفات، لينقل سعدات للحجز في مكتب الرئيس عرفات.

طلبت قوات الاحتلال تسليم سعدات ورفاقه المحتجزين في مقر المقاطعة، والمناضلين الذين التجأوا إلى كنيسة المهد في بيت لحم مقابل الانسحاب من حول المقاطعة.

مساومة سعدات ورفاقه

جرت المفاوضات بتوسط الأشخاص التالية أسماؤهم: أبو مازن، محمد دحلان، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، محمد رشيد، الأمير عبد الله، عمري شارون، توني بلير.

حاولت السلطة الفلسطينية، خوفاً من الشارع الفلسطيني، أن تتفق على تسليم الآخرين باستثناء القائد أحمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي، إلا أن قوات الاحتلال، التي تعرف ما تريد، رفضت.

رضخت السلطة الفلسطينية للقبول بالمقترح الإسرائيلي الذي تقدمت به بريطانيا والولايات المتحدة لحجز المناضلين بشكل دائم نيابة عن السلطة الصهيونية، وتم الاتفاق على ما يلي: (حجز المناضلين في سجن أريحا، يكون الحجز بشكل دائم، يشرف على الحجز سجّانون أميركيون وبريطانيون، تحرير حركة عرفات وإنهاء حصار المقاطعة).

تلاه عرضٌ قدمه محمد دحلان على القائد سعدات احتوى تفاصيل الاتفاق سائلاً رأيه فيه، فرد سعدات بأنه ما دام يعترض على حجزه غير القانوني في الأساس، فكيف سيوافق على استمرار الحجز بموجب الصفقة الجديدة.

نقل سعدات ورفاقه يوم 1 أيار 2002 بواسطة سيارات تابعة للسفارة الأميركية تحت حراسة بريطانية وأميركية إلى سجن أريحا المركزي حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية.

رفع محامو سعدات دعوى أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية، والتي أصدرت قراراً في 3 يونيو 2002 يقضي بالإفراج عنه، إلا أنه لم ينفذ كما حدث في قرار النائب العام قبله.

تبع قرار المحكمة الفلسطينية بالإفراج عن أحمد سعدات تحذير من السجان البريطاني بعدم ترك السجن لأن الاتفاق الموقع بين الأطراف الأربعة لا يجيز ذلك.

دور عباس في الجريمة

كان القنصل البريطاني العام في القـدس قد زار السجن وأبلغ أحمد سعدات رسالة مشابهة، فيما برر أبو مازن لاحقاً، في حديث لإحدى الصحف، قرار حجز أحمد سعدات غير القانوني بقوله إنهم كانوا أمام خيارين إما اقتحام المقاطعة بكل ما ينجم عنه من خسائر، أو توقيع اتفاق الحجز الدائم، واعتبر أبو مازن تلك مساومة مشروعة وناجحة.

ظل سعدات ورفاقه في سجن أريحا أسرى السلطة الفلسطينية والسلطة الصهيونية والسلطة الأميركية والسلطة البريطانية منذ 1 مارس 2002.

سارع الاحتلال بالاتفاق مع الأميركيين والبريطانيين على سحب سجانيهم قبل اقتحامهم السجن، وما حدث بعد ذلك يعرفه الجميع.

وقد تساءل المحامي، وبحث بإلحاح شديد عن سبب أوامر ياسر عرفات يوم 15 يناير 2002 باعتقال أحمد سعدات؟ وهل أن واجب السلطة الفلسطينية مساعدة الصهاينة في تحقيق مشاريعها في استئصال المناضلين الحقيقيين؟

ثم تساءل عن سبب استنكار أبو مازن ما قامت به قوات الاحتلال من اقتحام سجن أريحا واعتقال سعدات ورفاقه؟ في الوقت الذي ساهم هو في اعتقال سعدات دون وجه حق وحجزه لأربع سنوات؟ ألم يقم هو بتسليمه لسلطات للاحتلال من خلال حجزه غير القانوني؟ متسائلا أيضاً لماذا لم يفرج أبو مازن عنه منذ تسلمه الرئاسة، ترى أكان أبو مازن يريد للمناضل سعدات أن يموت في السجن مادام قرار الحجز نص على ديمومته؟.

إغلاق