كتب خالد بطراوي: رويدك لا يخدعنك الربيع

كتب خالد بطراوي: رويدك لا يخدعنك الربيع

رام الله – الشاهد| كتب خالد بطراوي: على نحو متواصل تشهد القطاعات المهنية الفلسطينية حراكا وفعاليات تشمل تعطيل الدوام والإضراب وذلك للمطالبة بتحقيق جزء من حقوقها المنصوص عليها في القوانين ذات العلاقة، فنشهد إضرابا و/او تصعيدا للمعلمين وللممرضين وللأطباء وللمهندسين ولغيرهم.

 

وللحقيقة، فإن اللجوء الى التصعيد مرده ليس حبا بالتصعيد، وإنما تعبيرا عن الاستياء من مواصلة تنكر الجهات الرسمية الفلسطينية أولا للحقوق وثانيا للوعودات التي أطلقتها مرارا وتكرارا للاستجابة لبعض المطالب وتحديد الأسقف الزمنية التي لم يتم الالتزام بها.

 

ولا أحد من بين المنضمين لهذه الحراكات يرغب على الإطلاق في التصعيد بل وعلى استعداد للانتظار والتنازل عن جزء من هذه الحقوق، لو لمس استجابة لهذا التوجه وسقفا زمنيا تلتزم به الجهات الرسمية الفلسطينية وتطبيقا للوعود.

 

وبالطبع، فإن المطالبة بالحقوق ليست ترفا أو رغبة في تكديس الأموال بل هي استجابة للمصاريف الباهظة التي يتكبدها المواطن، إذ لم تأت المطالبة برفع الأجور من فراغ، والمواطن يلمس على الدوام ارتفاعا في الأسعار وبضمنها السلع الرئيسية وارتفاعا في فواتير الخدمات وبشكل خاص الكهرباء والمياه والاتصالات، وارتفاعا في أسعار الوقود والمحروقات وتكاليف العلاج، فكيف للمواطن أن يغطي ذلك كله؟

 

ولم تعد تقنع على الإطلاق تبريرات الجهات الرسمية إزاء الضائقة المالية التي يعاني منها الكيان الوطني الفلسطيني، إذ أن ذلك ليست مسؤولية المواطن … بل مسؤولية كل شخص يتبوأ موقعا رسميا …. وإلا لماذا نصبّ نفسه أو عينه غيره في موقع المسؤولية؟.

 

ولا يعني المواطن لا من قريب أو بعيد أن إجمالي نفقات الحكومة العامة بلغ في العام 2020 مبلغ  5,064.4 مليون دولار أمريكي وأنه في العام 2020 فقد بلغت إيرادات الحكومة العامة 4,444.6 مليون دولار أمريكي، منها 90.9% إيرادات الحكومة المركزية التي توزعت بشكل رئيسي على إيرادات الضرائب بنسبة 80.2%، المنح والمساعدات بنسبة 12.6%، والإيرادات الأخرى بنسبة 7.2%، وأن صافي رصيد التشغيل لمالية الحكومة العامة قد سجل عجزا مقداره 449.8 مليون دولار امريكي، مع ملاحظة أن ما نسبته حوالى 80% هي من إيرادات الضرائب أي كما يقول المثل " من دهنو … قليلو".

 

فكل ذلك لا يعني المواطن الفلسطيني العادي، فالذي يعنيه أن يؤمن مقومات الحد الأدنى للحياة الكريمة له ولعائلته … لذلك نراه يلجأ الى ما لا يرغب به …. ألا وهو التصعيد … بعرقلة العمل أو الإضراب.

 

أوتدرون … والحديث هنا موجه للمسؤولين … لا أحد يريد منكم البته رفعا للأجور … لو قمتم بتخفيض الأسعار والضرائب … أما أن ترفعوا ذلك كله بقصد زيادة الإيرادات ولا تقوموا برفع الرواتب … فذلك أمر لا يستقيم مطلقا … وبإمكانكم ضبط النفقات الكبيرة التي تقومون بصرفها على كبار المسؤولين من بينكم وعلى الأجهزة المختلفة والمصاريف الجارية في الوزارات – على قلتها نسبيا – وغيرها من المصاريف.

 

لذلك كله، ما لم تسعى الحكومة الى التجاوب الجدي والمبرمج والمسقوف بوقت زمني مع كافة القطاعات المهنية وممثليها فإن عرقلة العمل والإضرابات سوف تستمر وربما تتصاعد وتيرتها مع إستمرار إرتفاع الأسعار، وبطبيعة الحال فإن ذلك لا يصب في خدمة الشعب الفلسطيني الذي يحتاج الى خلق مقومات تنموية لأجل صموده المقاوم.

 

وصدق الشاعر أبو القاسم الشابي عندما قال

رويدك لا يخدعنك الربيع    وصحو الفضاء وضوء الصباح

ففي الأفق الرحب هول الظلام   وقصف الرعود وعصف الرياح

إغلاق