19:53 pm 13 مايو 2022

الصوت العالي

كتب عمر عساف: من اجل وقف التراجع في العملية التربوية وانصاف المعلمين

كتب عمر عساف: من اجل وقف التراجع في العملية التربوية وانصاف المعلمين

رام الله – الشاهد| كتب عمر عساف: في ظل الاستعصاء الذي يواجه حراك المعلمين المتكرر والدوري كل بضع سنوات من أجل حقوقهم المعيشية وحق التمثيل النقابي المستقل، والحياة الكريمة.

 

هذا الحراك يصل كل مرة إلى اتفاق او تسوية او صفقة سرعان ما يتم الاختلاف على تفسيرها، لأن الاتفاق اكتنفه بعض الغموض او ربط التنفيذ باشتراط معين كتوفر الإمكانيات المالية، الذي يقرره أحد طرفي الاتفاق وهو السلطة وبكل سهولة يمكن ان تدعي ان الامكانيات المالية لا تسمح بالتنفيذ، والامر الاخر هو الجدول الزمني المتعلق بالتنفيذ.

 

هذا الى جانب الغموض المتعمد وتحديدا المتعلق بالتمثيل سرعان ما يصطدم بالمصالح وغياب الارادة لإنجاز حل جذري او على الاقل طويل المدى، ولذلك سرعان ما تستأنف الدورة من خلال العودة الى الفعاليات المطلبية المتعلقة بالأمرين معا ديمقراطية التمثيل والامور المعيشية مجددا وبشكل دوري كل بضع سنوات، هذا بعد ان استثني المحور الثالث في نضال المعلمين وهو المتعلق بالمناهج الذي كان ماثلا خلال الاحتلال وتنحى جانبا بعد اقامة السلطة الفلسطينية.

 

الأمر الآخر الذي يغيب عن الاتفاقات ويقود الى التراجع عنها هو غياب ضمانات التنفيذ، مما يفتح الباب للتراجع امام اية فرصة للتراجع، ولنا في عدم إنشاء النقابة الخاصة بمعلمي المدارس الحكومية مثال واضح على هذا فقد تم الاتفاق قبل أكثر من عقدين من الزمن أكثر من مرة على انشاء مثل هذه النقابة وتم التراجع عن ذلك.

 

اليوم وإذ تتكرر فعاليات حركة المعلمين المطلبية بالامتناع عن العمل والإضراب الواسع الذي يشل العملية التربوية ويحرم الطلبة من احد الحقوق الأساسية، وهو الحق في التعليم خصوصا مع اقتراب نهاية العام الدراسي واستحقاق الثانوية العامة، وهذا الحق تتحمل السلطة مسؤولية ضمانه باعتبارها السلطة الراعية لكل الحقوق، وفي ظل استمرار الامتناع عن العمل وإمكانية اتخاذ إجراءات عقابية وما يقابله من خطوات تصعيدية تفاقم الوضع و تعقد الأزمة وسبل حلها.

 

امام هذا الوضع الذي يهم كل المجتمع الفلسطيني ويعصف ويهدد مستقبل اجيال فلسطينية كاملة لا بد من استخلاص العبر مما حصل سابقا حتى لا يلدغ المعلمون مرات من ذات الجحر.

 

ومع ذلك وفي ظل هذا الوضع وامام التحديات التي تواجه المجتمع والشعب الفلسطيني خصوصا خلال الايام الاخيرة الذي صعد فيها الاحتلال جرائمه والذي كان استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة والطالب ثائر اليازوري آخر ضحاياه مما يفرض على الجميع الارتقاء الى مستوى التحديات.

 

وفي ظل هذا وقبله تقدمت كثير من الاقتراحات والمبادرات التي تنطلق جميعا من الحرص على مصلحة الوطن والشعب والطلبة، وفي تقديري اختلط الحابل بالنابل في هذه المبادرات حتى أصبحنا امام بازار من المبادرات التي تختلط بين الامل والطموح والامنيات والواقع والممكن.

 

ما ينبغي ان يكون واضحا تماما هو ليس هل يستحق المعلمون ما يطالبون به؟ او ما تطرحه هذه المبادرات فالانطلاق من نقاش الامور على هذا الاساس فيه اجحاف بحقوق المعلمين ودورهم وعدالة مطالبهم.

 

لكن المنطلق في تقديري يجب ان يكون بالاستفادة من التجارب السابقة وارساء اي اتفاق على قاعدة تعزيز مكانة ودور المعلمين في المجتمع سواء تعلق الامر بمستوى معيشتهم، او بحقهم الديمقراطي ورسالتهم التربوية نحو المجتمع والشعب.

 

من هنا وفي تقديري ومن معايشتي وتجربتي مع زملائي المعلمين في حراكات مطلبية تمتد لعقود عدة ارى ان مبادرة متوازنة وواقعية ومنطلقة من العمل على شق الطريق نحو حقوق المعلمين بمحاورها المتعددة هو ما يجب التركز عليه والاهتمام به.

 

وحتى لا تبقى الامور في سياق العموميات ارى عددا من القضايا يجب ان تتقدم في اية مبادرة، واولها ضمان حق المعلمين في المدارس الحكومية والعاملين في وزارة التربية في إطار نقابي يتيح المجال للجميع ل الانخراط فيه وعلى قاعدة الانتخاب الحقيقي لا الشكلي، ولا على اسس المحاصصات.

 

وان يكون هذا الإطار مستقلا عن السلطة؛ اية سلطة وان يكون مختصا بهموم جمهوره من المعلمين والعاملين في وزارة التربية وان تكون له قيادته، شانه في ذلك شان القطاعات الاخرى كالجامعات والعاملين في وكالة الغوث، وان تكون علاقته بالاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين كما علاقة هذه القطاعات، اذ يجب الحفاظ على الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين كمؤسسة وطنية ومظلة لكل القطاعات التربوية.

 

والامر الاخر الذي يجب ان تعالجه اية مبادرات او اتفاقات هو الاصرار على مهنة التعليم باعتباره مطلبا تاريخيا للمعلمين كونه يصون المهنة ويرفع مكانة المعلم والتعليم وما يترتب على ذلك من استحقاقات مالية وادارية شانه شان المهن الاخرى كالطب والهندسة والمحاماة والتمريض والصيدلة وغيرها.

 

واعتقد جادا ان تحقيق هذين الامرين ليس معزولا عن الجوانب المعيشية والحياتية للمعلمين، فالمطلوب بكل وضوح ايضا وبالتوازي مع المحورين الاولين تحسين ظروف عمل ورواتب المعلمين وبما يشق الطريق امام توازن وعدالة بين العاملين في القطاعات المهنية المختلفة.

 

وفي تقديري ان المبادرة التي تتبناها مؤسسات تربوية وقانونية ونقابية تنطلق اولا من الاصطفاف الى جانب المعلمين وعدالة مطالبهم، ويحظى القائمون عليها بمصداقية في الاوساط الاجتماعية الى جانب اوساط المعلمين ينبغي ان تشق طريها وهي لا بد تلاقي تفهما من المعلمين، ومن الجهات الرسمية وشبه الرسمية ومن اجل تحويلها الى اداة نضال لا بد من العمل على اوسع اصطفاف اولا من المعلمين حولها لأنها تلبي حقوقهم وثانيا من المجتمع الفلسطيني؛ اولياء الامور والمجتمع المدني والمؤسسات الاهلية والنقابية.

 

واخيرا ومع الاعتقاد الراسخ بان حلولا جذرية لمشاكل الصحة والتعليم ممكنة من خلال نضال مجتمعي ونقابي ومهني لإعادة ترتيب اولويات موارد السلطة على قلتها، وتقديم التعليم والصحة لتحتل راس الاولويات وما يتطلبه ذلك من ترشيد لأبواب الصرف ومحاربة الفساد واعادة النظر في موازنة قطاعات اخرى لصالح التعليم والصحة ممكن بمزيد من الضغط المجتمعي وتنظيم القطاعات لجمهورها للدفاع عن حقوقها ومصالحها على طريق العدالة الاجتماعية.