وماذا بعد؟!

وماذا بعد؟!

رام الله – الشاهد| كتب ابراهيم نصر الله: قد تقتل إنساناً ولكنك لن تستطيع أن تدفن ظله معه، فماذا بعد؟.

كل هذه الجدران التي تختبئ خلفها، من واشنطن إلى لندن إلى برلين، وكل هذه الأنظمة التي كلما تذكَّرتْ أنها لم تُبِدْ شعبًا ما في أطراف الأرض منذ زمن، منحتْكَ كل ما تحتاج لتبيدنا، كي لا ينسى الجنرالات ومنظّرو التطهير كيف تكون الإبادات، فماذا بعد؟.

عرب لا عروبة فيهم.. كلّهم لكَ، وأهلَّةٌ لا إسلام فيها، وصلبان لمليوني مسيح، كلهم يُقبّلون يديك الملطخة بدمائنا، ويمحون بصماتك عن ساحات المذابح وأسلحة القتل، ومنشدون مفتونون بـ «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة»، يزرعون مجد وحشيتك على الأرض ويضعون الحرب في يدك سيفاً لتكون المسرّة لك وحدك، والسلام على الأرض ليس لنا.

لذا نقول لك كما قلنا لك قبل ثلاثين عاماً: وماذا بعد؟.

جرَاءٌ مضبوعةٌ، تنهش ظلالنا في رام الله، و(رجال) من قشٍّ اكتشفوا خفّة دمهم فجأة وهم يقولون: هل يعود المنتصر إلى بيته ماشياً؟! ويتضاحكون أمام الشاشات المضيئة بمسيرات غزة، هم الذين يتناسون بكل ما فيهم من نباح أنهم يعودون كلّ مساء إلى ذُلِّهم في ضواحي رام الله على أربعٍ لاعقين آثار جنودك، فماذا بعد؟.

سبعة جدران في وجهِ جهاتِ الله الأربعِ؛ لا جنوب هنا، ولا شمال، ولا شرق ولا غرب.

احرصْ جيدًا أن تكون الجدران التي تشرق من خلفها الشمس أعلى كي تُنسينا أنها هنا، ولكي تتأكد أكثر أن النور لم يُخلق إلّا لك وحدك.

وجدران أخرى تحت الأرض، كي تُطبِق بأسمنتها على أعناق المياه، وتحطّم أصابع أولئك الذي يتسللون في عتمة الليل للقاء الحرية وهم يحلمون بدفء حبيباتهم، فماذا بعد؟.

في كل مكان نحن: من تشيلي حتى اليابان، ومن لاهاي إلى جوهانسبرغ، وفي الماء نحن وفي الصحراء، في الجبل والسهل وفي الدم والنفط والسخط، وفي كوابيس الأمراء ورعونة الرؤساء والبليدين في الثلاجات العملاقة التي تسمى أوطانًا، المُدَّخرين مع الثيران بكل ألوانها ليكونوا جاهزين وليمةً لك..

لذا نقول لك كما قلنا قبل 471 يوماً من الموت: وماذا بعد:

ألف مذبحة، ثلاثون حرباً، مئات آلاف القتلى

عشرون ألف عين مفقوءة

مئة ألف يد مقطوعة تكشّ العتمة عن هذا الليل

ومئة ألف قدم مبتورة

وملايين الظهور المحنية تحت ثقل العمر وجراحات الروح

كل هذه وهذه وتلك تقول لكَ الآن، كما قالت لكَ دائماً:

إنكَ لن تستطيع الوقوف اليوم..

ولن تستطيع الوقوف غداً في طريق عودتنا.

إغلاق