من الإعلام وحتى الميدان.. السلطة وقفت في صف الاحتلال ضد المقاومة

من الإعلام وحتى الميدان.. السلطة وقفت في صف الاحتلال ضد المقاومة

رام الله – الشاهد| في الوقت الذي تكمن فيه الأولوية الوطنية لكل فلسطيني في إيجاد السبل الأجدى لمواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية، لا سيما في ظل سعي حكومة الاحتلال الحالية إلى “حسم الصراع” وابتلاع ما تبقَّى من أراضٍ فلسطينية.

اختارت السلطة الفلسطينية التركيز على كسب القبول الإسرائيلي لاستمرار بقائها، وهو ما تحقق عبر إثبات قدرتها على أداء الدور المطلوب منها وفقًا للمقاييس الإسرائيلية والدولية.

ودأبت نخب وشخصيات مقربة من السلطة وحركة فتح وأبواقها الإعلامية على ترديد أكاذيب خلال العدوان على غزة، نالوا فيها من المقاومة وقيادتها، ونادوا بالاستسلام للاحتلال، وهو ما أعطى الاحتلال الذريعة لارتكاب مجازر راح ضحيتها الآلاف من المواطنين.

واختارت السلطة استثمار هذا المناخ السياسي والأمني لإعادة تأكيد جدارتها بالثقة الإقليمية والدولية، مسوّقة نفسها على أنها سلطة قادرة على تلبية الدور المطلوب منها بكفاءة.

ومثلت الحملة الاعلامية التي جسَّدت مواجهة مفتوحة مع المقاومة الفلسطينية، نموذجًا لهذه الرسالة، بوصفها تأكيدًا على التزام السلطة بالالتزامات المطلوبة، حتى في أكثر الظروف تعقيدًا.

ومنذ بداية الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، لم تعمل السلطة الفلسطينية، ولا ماكينتها الاجتماعية والجماهيرية، على الحشد وتحريك الشارع نصرة لقطاع غزة وأهله الذين يتعرضون لحرب متواصلة وشلال دماء لم يتوقف منذ أشهر، وإنما استثمرت السلطة بكل قدراتها في شيطنة المقاومة المسلحة.

وروَّجت السلطة لفكرة أن خيار حمل السلاح في مواجهة الاحتلال يجلب الدمار والخراب للشعب الفلسطيني، ويفتح الباب أمام ردود أفعال إسرائيلية لا يستطيع الشعب الفلسطيني تحمّل تكاليفها.

ومن أجل ذلك استخدمت السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية قطاعَ غزة، الذي تخلَّت عنه عمليًّا، كفزاعة، وأبرزت الدمارَ فيه كعامل ردع للجمهور الفلسطيني لمنعه من الالتفاف حول خيار المقاومة المسلحة.

في المقابل، وضعت السلطة كل ثقلها في منع وإجهاض أية تحركات جماهيرية مساندة لقطاع غزة، بينما حرَّكت الثقل ذاته لتحريك الجماهير وقطاعات العمل الحكومي الفلسطينية لخلق شكل وهمي من الالتفاف الشعبي حول خياراتها، لا سيما الحملة الأمنية التي استهدفت مجموعات المقاومة في مخيم جنين.

وتنصلت السلطة الفلسطينية لشهور من معاناة أهالي غزة، ولم تبادر إلى تحريك الضفة الغربية لصالح تخفيف الضغط عن القطاع.

وفي الوقت نفسه لم تتوانَ عن استخدام الدمار والدماء في غزة كأداة دعائية للتحريض ضد المقاومة، متساوقة مع السردية الإسرائيلية التي تحمّل المقاومةَ مسؤوليةَ الجرائم والخراب في القطاع.

وبدلًا من استثمار أوراق القوة التي تملكها في الضغط على الاحتلال أو مواجهة الاستيطان، اختارت السلطة أن تضحي بهذه الأوراق لصالح مكاسب تكتيكية قصيرة الأمد، ومن هذه الأوراق، حشد التأييد الشعبي المقاومة، ودفع الاحتلال والعالم إلى التعامل بجدية مع القضية الفلسطينية.

ويشكل استمرار السلطة في التضحية بهذه الأوراق، مع استمرار الانسجام مع أولويات الاحتلال الإسرائيلي، يعني أن السلطة الفلسطينية لا تخسر استراتيجيتها فقط، بل إنها تساهم إلى جانب ذلك في تقويض مصلحة الشعب الفلسطيني ككل.

 

إغلاق