قرار العفو عن المفصولين يكشف المزيد من تيارات فتح المتصارعة وخلافاتها المتصاعدة

قرار العفو عن المفصولين يكشف المزيد من تيارات فتح المتصارعة وخلافاتها المتصاعدة

رام الله – الشاهد| فجر إعلان رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس استحداث منصب لنائب الرئيس والعفو عن المفصولين من الحركة، حالة الخلافات والتجاذبات داخل حركة فتح وتياراتها المتصارعة.

وتجلت أبرز تلك الصراعات في رفض تيارات حركة فتح شمال الضفة الغربية لما أسموه بـ”تفرد” عباس والزمرة المحيطة به بالقرارات المصيرية المتعلقة بالحركة، مطالبين بضرورة اتخاذ تلك القرارات بمشاركة الجميع، وتحديداً الأطر المنتخبة.

ولعل من أبرز تلك التيارات التي تنشط شمال الضفة الغربية حالياً تيارات في الأساس مشكلة من عناصر مسلحة رافضة لنهج عباس تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، وإدارته لشؤون الحركة، وتحديداً في ظل تعيين شخصيات بعينها في مراكز مهمة بالحركة ومنظمة التحرير والسلطة.

أبرز تيارات فتح

تيارات فتح شمال الضفة ليست الأولى على الساحة، بل سبقها تيارات أخرى لها أرضية واسعة في قواعد فتح التنظيمية، ومن أبرز تلك التيارات.

تيار محمد دحلان

بعد أن قام محمود عباس بطرد محمد دحلان من حركة فتح، عام 2011، ووجه له العديد من التهم، ورفعه العديد من القضايا أمام القضاء بحقه، اضطر الأخير إلى مغادرة الأراضي الفلسطينية ولجأ إلى الإمارات.

فتح دحلان جبهة إعلامية على محمود عباس والشخصيات المحيطة به، وكشف العديد من الوثائق والأسرار التي تكشف تورطه في العديد من قضايا الفساد والجرائم، والتي كان أبرزها اتهامه المباشر باغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.

بدأ دحلان التنقل بين مصر والإمارات وقام باستقطاب الكثير من قيادات وعناصر التنظيم التي قام عباس بطردهم بتهمة التجنح والولاء لدحلان، وشكل ما أسماه بـ”التيار الإصلاحي لحركة فتح”.

أقنع دحلان حكام الإمارات وتحديداً محمد بن زايد به كشخص يمكن الاعتماد عليه ليكون للإمارات نفوذ في الساحة الفلسطينية، فتلاقت مصالح الأطراف وقدمت الدعم السخي المالي والسياسي لدحلان.

وقفت الإمارات موقفاً حازماً ضد عباس في العديد من المحافل وأوقفت الدعم المالي والسياسي عن السلطة في العديد من المحطات والمحافل بهدف إضعاف عباس وإفساح المجال لدحلان للعودة للساحة الفلسطينية.

حاول عباس استدراك الأمر، ورأى أن العداء مع الإمارات والدول التي تدور في فلكها كالسعودية ومصر والأردن، سيؤدي إلى خسرانه الكثير من الامتيازات كرئيس لحركة فتح والسلطة، حاول الخداع وأرسل موفديه لمصالحة دحلان.

لكن كل تلك المحاولات لم تنجح في ظل قناعة تلك الأطراف أن عباس يحاول التذاكي وشراء والوقت، إلا أن جاءت القمة العربية في القاهرة، وخضع عباس للضغوط وأعلن العفو عن المفصولين وفي مقدمتهم دحلان وعناصر تياره.

تيار ناصر القدوة

وبعد سنوات من طرد دحلان، وتحديداً في العام 2021، طرد عباس ناصر القدوة من مركزية حركة فتح، وذلك بد أن أعلن القدوة نيته خوض الانتخابات التشريعية التي كان المقرر عقدها في 22 مايو 2021، عبر قائمة منفصلة عن الحركة، أطلق عليها اسم “الملتقى الوطني الديمقراطي”.

وقال بيان صادر عن اللجنة المركزية للحركة، حمل توقيع عباس، إن قرار الفصل يأتي بعد انتهاء مهلة تم منحها للقدوة، مدتها 48 ساعة للتراجع عن مواقفه المعلنة “المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها”.

وعلى خطى دحلان استقطب القدوة العديد من قيادات الحركة الغاضبة على عباس وفريقه، وكان من أبرزهم مروان البرغوثي، الذي يمتلك الشعبية الأوسع في حركة فتح، والشخصية الأبرز لخلافة عباس حال أطلق سراحه في صفقة التبادل مع حركة حماس.

فضح القدوة عباس في العديد من ملفات الفساد، ولمز في مرات عدة بأنه شارك في تصفية الرئيس الراحل ياسر عرفات.

شخصيات متصارعة

حالة التشظي في حركة فتح لم تتوقف عن تلك التيارات بل تضرب أعمق في الحركة، وتحديداً بين قياداتها في اللجنة المركزية الذين يتصارعون فيما بينهم على النفوذ والمناصب وتحديداً منصب نائب الرئيس ومن أبرزهم.

حسين الشيخ

يعد حسين الشيخ صاحب النفوذ الأول لدى عباس، إذ استطاع إقناعه بمنحه منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهو المنصب الأهم بعد منصب رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير.

منح عباس للشيخ النفوذ الكامل داخل حركة فتح والسلطة والمنظمة، وأصبح ينوب عن عباس في كل صغيرة وكبيرة.

وعلم “الشاهد” من مصادر مقربة من مكتب عباس أن الشيخ الذي كان يعلم بنيته إعلان العفو واستحداث منصب نائب له منذ أسابيع بدا عليه الغضب الشديد ودخل في حالة هستيرية تخللها شتائم على عباس ودحلان وهيكليات فتح.

وأشارت إلى أن الشيخ كان يأمل أن يثمر ضغطه على عباس بإلغاء قرار العفو أو خص مجموعة محدودة لا تشمل دحلان وتياره خشية على نفوذه المتصاعد في السلطة والحركة.

وكشفت المصادر عن أن الشيخ أمر ببدء حملة تشويه للقيادي دحلان ومهاجتمه بقوة والتذكير بالخلافات بينه وبين عباس والاسهاب بعدم إمكانية عودته إلى الحركة كونه يرى قيه منافسا قويا له على كرسي السلطة الذي يتطلع ويعمل لنيله منذ سنوات طويلة.

جبريل الرجوب

فيما يعد جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح ثاني الشخصيات التي لها نفوذ داخل الحركة، ويعمل بكل قوة على حشد وتسليح عناصر التنظيم وتحديداً جنوب الضفة الغربية.

الرجوب والذي يطمع في منصب نائب الرئيس كغيره، انتقد عباس ووقف له عند العديد من المحطات، والتي كان أخرها مرسوم تعيين روحي فتوح في منصب كرئيساً للمجلس الوطني وفي منصب الرئيس حال شغور المنصب.

وقال الرجوب في تصريحات صحفية له: “إننا في حركة فتح لدينا مليون تساؤل حول مرسوم تولي فتوح الرئاسة حال شغور المنصب”.

وأشار إلى أن: “ما حدث مع الرئيس الراحل ياسر عرفات لا يمكن أن يتكرر باستلام 3 مناصب وأكثر(..) هذا لن يتكرر ولن نسمح بتكراره في المستقبل”، مؤكدا أنّهم يمرون في مرحلة مخاض وصياغة جديدة للمشهد السياسي العام.

إغلاق