سنوات من المفاوضات البائسة.. السلطة والمنظمة ورحلة طويلة من التفريط بحقوق الفلسطينيين

سنوات من المفاوضات البائسة.. السلطة والمنظمة ورحلة طويلة من التفريط بحقوق الفلسطينيين

رام الله – الشاهد| رمتني بدائها وانسلت، أو الخائن يرى في الجميع خونة مثله، مقولتان تنطبقان على السلطة الفلسطينية التي أغاظها تواصل الإدارة الأمريكية الجديدة مع حركة حماس من أجل تبادل الأسرى ووقف الحرب بشكل تام في قطاع غزة.

فقد اعتبر السلطة أن اتصالات حماس تلك هي تواصل مع “جهات أجنبية وإجراء مفاوضات دون تفويض وطني”، وذلك بعد أيام من لقاءات قادة الحركة مع آدم بوهلر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الأسرى.

جاء ذلك في بيان لمتحدث باسم رئاسة السلطة، في أعقاب لقاءات عقدها آدم بوهلر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الأسرى مع قادة في “حماس”.

والأسبوع الماضي، التقى بوهلر بمسؤولين كبار من حماس في العاصمة القطرية الدوحة دون علم إسرائيل، لإجراء مباحثات حول إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة وبينهم 5 أمريكيين.

مفاوضات لمصالح شخصية

منذ تسعينات القرن الماضي، شرعت منظمة التحرير بقيادة حركة فتح في مفاوضات سرية مع الإدارة الأمريكية والدول الغربية من أجل التنازل عن غالبية أرض فلسطين، مقابل سلطة وهمية وبعض الامتيازات الشخصية للسلطة وقيادتها.

فقد كشفت العديد من الوثائق أن الوفد المفاوض الفلسطيني خلال اتفاق أوسلو المشؤوم قدم الكثير من التنازلات أملاً في الحصول على الفتات الذي قدم للمنظمة.

وذكرت الوثائق أنه في العاصمة الإسبانية مدريد لم تكن هناك مفاوضات حقيقية، ولا كان واردًا التوصل إلى أية نتائج حتى لو استمرت المفاوضات عشر سنوات، حسبما صرح وقتها إرييل شارون.

وأصرت الحكومة الإسرائيلية أن يكون التمثيل الفلسطيني من ضمن وفد مشترك مع الأردن شرط ألا يكون بينهم من ينتمون إلى المجلس الوطني الفلسطيني.

التزمت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات بحق دولة “إسرائيل” في العيش في سلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات، وأن إعلان المبادئ هذا يبدأ حقبة خالية من العنف، وطبقا لذلك فإن منظمة التحرير تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني للتماشى مع هذا التغيير، كما ستقوم بالأخذ على عاتقها بإلزام كل عناصر أفراد منظمة التحرير بها ومنع إنتهاك هذه الحالة وضبط المنتهكين.

تفريط بالحقوق

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، قال في تصريحات سابقة “إن “إسرائيل” استخدمت هذه الاتفاقية وما تلاها من اتفاقيات بما فيها اتفاق باريس الاقتصادي، كوسيلة من وسائل التخلص من أعباء الاحتلال، ونجحت في ذلك بحيث تحول الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 إلى أرخص احتلال عرفه التاريخ الكولونيالي على الإطلاق.

وبين خالد أن “إسرائيل” تعاملت مع هذه الاتفاقيات وما انبثق عنها من سلطة فلسطينية بإعتبارها أداة لتكريس وتعميق الاحتلال والتوسع في الاستيطان وتحويل السلطة الفلسطينية إلى وكيل ثانوي لمصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية ومنع تحولها إلى محطة انتقالية نحو الاستقلال وبناء دولة فلسطينية مستقلة .

فيما اعتبر البرفسور الراحل عبد الستار قاسم، أن “الكارثة في اتفاق التسوية بين “إسرائيل” وقيادة منظمة التحرير، هي أن الاتفاق تم على الأمور التفصيلية، لكنه لم يحل القضايا الجوهرية، مثل مستقبل القدس واللاجئين والمستوطنات اليهودية والحدود والمياه، ولم يضع سقفاً زمنياً نهائياً لحلها، وبالتالي رُبط مصير القضايا الجوهرية أيضاً بالإرادة الإسرائيلية.

مفاوض عنيد

في المقابل، سرت حالة من الغضب في أوساط الاحتلال والإدارة الأمريكية الجديدة، وذلك في ظل حالة التصلب وعدم التفريط التي اتسم بها المفاوض الفلسطيني بقيادة حركة حماس وقادة المقاومة خلال مفاوضات وقف الحرب وتبادل الأسرى.

واعتبر العديد من السياسيين الإسرائيليين تلك المفاوضات الأكثر تعقيدًا منذ بدء احتلال فلسطين، لا سيما في ظل تدقيق الوفد الفلسطيني المقاوم في كل كلمة وحرف وصيغة يتم التفاوض عليها.

وأشار العديد من المراقبين والمتابعين لمجريات جلسات التفاوض أن المفاوض الإسرائيلي يتلاعب بالكلمات في محاولة لتجاوز العقبات عبر ما يمكن اعتباره “فخاخًا سياسية”، إلا أن المقاومة ووفدها المفاوض يقف بالمرصاد.

الشارع مع المفاوض

وفي ذات السياق، أظهرت نتائج استطلاع للرأي موافقة غالبية الشعب الفلسطيني على المباحثات التي تجريها الإدارة الأمريكية مع حركة حماس من أجل وقف الحرب بشكل تام واستكمال مراحل صفقة تبادل الأسرى.

وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي أجرته صحيفة الرسالة المحلية والذي شارك فيه أكثر من 4 آلاف متابع، فقد أيدت الغالبية العظمى هذه المباحثات، حيث أبدى 83% من المشاركين تأييدهم للفكرة، مقابل 17% فقط عارضوها.

وجاءت الاستطلاع بعد ساعات فقط من مهاجمة السلطة للمباحثات التي تجريها حماس مع الإدارة الأمريكية، وحاولت تشويه حركة حماس عبر اتهامها بالتواصل مع جهات أجنبية.

إغلاق