التائه في وهم الخلود

التائه في وهم الخلود

رام الله – الشاهد| كتب المحامي الدكتور عصام عابدين: الرئيس العتيق، المنتهية ولايته والممتدة ظِلاله، خرج علينا مُدِيناً “التصرفات غير المسؤولة” لكنه لم يُفصح لنا يوماً عن ملامح “المسؤولية” كما يراها. ربما لأنه لم يُصادفها يوماً في رحلته الطويلة، أو لأنه يُدرك أن المسؤولية الحقيقية لا تتعايش مع البقاء الأبدي، وأن الاعتراف بها يعني بالضرورة نهاية سرديته التي حيكت بخيوط الوهم، وتُوّجت بمتاعٍ يزداد بريقه كلما انطفأت أنوار الوطن.

أكد مراراً وتكراراً أنْ “لا انتخابات بدون القدس” لكنه لم يُخبرنا لماذا يبقى هو، بلا انتخابات، بلا شرعية، بلا مساءلة، قرابة ربع قرنٍ من التمديد والهيمنة المطلقة! أهو انتظارٌ لوحيٍ لم يأتِ بعد؟ أم أنه يرى نفسه قدَراً لا يُناقش، وسلطاناً لا يُمس، يَحمل مفاتيح الشرعية الأبدية، شرعية الخلود؟ ردد تعويذته تلك، لكنه لم يُخبرنا عن مصير “شيكل القدس” ذلك الذي اقتُطع من الفواتير باسم المدينة ولم يصل منه للقدس ظلٌ ولا صدى! وكأن الشرعية لا تحتاج إلى صندوق اقتراع، بل إلى ذاكرةٍ مثقلةٍ بالوعود المنسية، وإيقاعٍ ثابتٍ يُكرّس وَهم الخلود.

وهو الذي يُخطط، وهي دميةٌ في يده، كذبةٌ كبرى تُسمى “منظمة التحرير الفلسطينية”، لا تُحرر ولا تُقاوم، بل تُبرر أفعاله وتبصم عليها، وتُستخدم فقط لتقسيم التركة بين الورثة، وتسجيل مملكة الضياع باسم العائلة! توقيعٌ شاحبٌ على ورقٍ بحبرٍ سرّي، يُخرجونه عند الحاجة، ثم يُعاد إلى درج النسيان، فيما تُغلق القصور، ويُوزَّع الميراث، ويبقى العرش وحده خارج القسمة!.

يا مَن تُدين “التصرفات غير المسؤولة” حدّثنا عن مسؤوليتك أنت! عن وطنٍ استُنزف في عهدك، وشعبٍ يختنق تحت قيود حكمك، ومقاومة مع شعبها تحارب الاحتلال الاستعماري، بينما تحارب أنتَ شعبك!.

وإن كنتَ تُراهن على أن الزمن سيمدُّ في وهمك، فاعلم أن جيل الهدم قادم، جيلٌ لا يعرف التعايش مع القيود، ولا يؤمن إلا بحقه في الحرية وتقرير المصير، وإنهاء مملكتك الزائلة.

إغلاق