لماذا تستميت فتح بمطالبة حماس تكرار تجربتها بتسليم سلاح المقاومة؟

رام الله – الشاهد| تستميت حركة فتح وذبابها الالكتروني في الترويج والدعوة لتسليم أسرى الاحتلال دون مقابل، بزعم كف يده عن الغزيين ووقف الجرائم والإبادة الجماعية.
وافتراضاً، كان يمكن التعاطي مع هذه الدعوات لو أنها لم تكن تكراراً لخطيئة سابقة اقترفتها فتح في لبنان، ودفع ثمنها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم صبرا وشاتيلا، وقيادة فتح القديمة التي كانت تؤمن بالمقاومة من دمائهم وأشلاءهم.
ففي العام 1982، كانت إسرائيل تُعد العدّة لغزو لبنان، حيث اتهمت إسرائيل حركة فتح باغتيال دبلوماسي اسرائيلي، وأنه لا بد من غزو لبنان لطرد الفصائل الفلسطينية المقاتلة، وتطهير دول الطوق من أية أعمال عسكرية ضد الإسرائيليين.
بعدها بأيام، قصفت إسرائيل العاصمة اللبنانية قصفًا مروعًا لم يسبق أن شاهده العرب.. قطعت المياه والكهرباء ومنعت دخول الدواء والغذاء.
وكانت إسرائيل تبحث عن ياسر عرفات تحديدًا، ومن بعده صلاح خلف ( أبو إياد ) وخليل الوزير ( أبو جهاد) وكلاهما مسئول لعقود طويلة عن الأمن والتدريب والمخابرات في حركة فتح.
كان عرفات يهرب من منزل لمنزل.. ويسانده في ذلك فصائل لبنانية تحالفت مع الفلسطينيين وخصوصًا الحزب الشيوعي اللبناني، وحركة أمل، والدروز بقيادة وليد جنبلاط.
بدأت الوساطة الأميركية بخروج عرفات ورجاله من بيروت مقابل وقف الحصار وانسحاب إسرائيلي من بيروت.. صفقة تبدو عادلة للوهلة الأولى..لكن أتدري لماذا رفض الفلسطينيون في البداية الانسحاب؟!..
كانت سمعة الوساطة الأميركية في الحضيض..وعلم الفلسطينيون أن الاستسلام بالشروط الأميركية يعني سحقًا كاملًا.. وبالتالي استمرت المقاومة.. لمدة تزيد عن ال 70 يوم صمد عرفات ورجاله.
لكن حلفاء عرفات وبعد سقوط أكثر من 18 ألف قتيل مدني في بيروت.. لم يعودوا يحتملوا الأمر، فكان أن قبل عرفات بالصفقة للخروج من بيروت صوب تونس رفقة ألفي مقاتل فلسطيني بسلاح خفيف.
استسلمت منظمة التحرير وخرجت من بيروت، وبعد 16 يوماً فقط من خروج عرفات إلى تونس.. وتحديدًا بتاريخ 16 سبتمبر 1982.. اتفق وزير الجيش المجرم أرئيل شارون، ورئيس أركانه رافائيل إيتان مع قادة ميلشيا القوات المارونية اللبنانية على سحق المدنيين الفلسطينيين في صابرا وشاتيلا.
أضاءت قوات شارون سماء المخيم بالقنابل الفسفورية، وتقدّمت الميلشيات المسيحية صوب المخيمات وقتلت في 3 ساعات أكثر من 3000 مدني فلسطيني، بأبشع الطرق، بقر البطون وقطع الأثداء.
ويمكن الان فهم مدى تهافت طرح الذباب الالكتروني الفتحاوي، فياسر عرفات انسحب من بيروت وقتلوا 3 آلاف فلسطيني، بل إن قادة فتح أنفسهم لم ينجوا لاحقًا.
ففي 16 إبريل 1988.. نزلت قوة إسرائيلية إلى الشواطيء التونسية.. كانت تضم 16 من صفوة ضباط الشاباك والموساد يتقدمهم إيهود باراك.. نزل منهم 8 لبيت خليل الوزير.. وأردوه أمام ناظري زوجته ب 76 رصاصة.
وبعد 3 سنوات وتحديدًا 14 يناير 1991.. سيقوم شخص يُعتقد بعمالته للموساد في كثير من الدوائر وهو صبري البنا، بتجنيد أحد أعضاء فريق تأمين القيادي الفتحاوي هايل عبد الحميد (أبو الهول).
وكان العميل الخائن هو حمزة أبو زيد.. دخل أبو زيد غرفة يجتمع فيها صلاح خلف (الرجل رقم 2 في حركة فتح) وفخري العمري وأبو الهول.. وأرداهم جميعًا بالرصاص.
هذا هو ثمن الاستسلام.. تصفية ألوف المدنيين واغتيال قادة المقاومة.. هذا هو ثمن الثقة بالإسرائيليين، هذا هو عين ما ترفضه المقاومة.
لكن ليس لهذه الأسباب فقط، وإنما يتبقى سبب أكبر، وهو أن الخبرة في التعامل مع الاحتلال من معركة حصار بيروت وتبعاتها تقول بأن الاستسلام والتشريد في المنافي كان بوابة كل الرذائل، لأنه فتح الباب أمام قبول حركة فتح بالتطبيع مع إسرائيل.
ومنذ ذلك لم يعد لفتح تأثير عسكري، فباعت كل شيء لأجل السلطة الوهمية.. فكان أن حضرت مؤتمر مدريد ثم وقّعت اتفاق أوسلو الذي قضى على القضية الفلسطينية وحولّها من حلم تحرير الأرض، للقبول بسلطة فلسطينية عميلة للاحتلال الإسرائيلي تقوم – بالوكالة عنه- بمهام قتل واعتقال المقاومين داخل الأراضي الفلسطينية.
وبالتفاصيل اعلاه، يتوضح لماذا لا تستسلم المقاومة؟… لأنها ترى المستقبل بعين التاريخ.. ترى تطهيرا عرقيا سيبدأ على نحو لم يسبق له مثيل، يصاحبه موجات تهجير إجبارية لأهالي القطاع.
وترى المقاومة سلطة عميلة للاحتلال تنتقم من ألوف العوائل الفلسطينية بحجة دعم المقاومة.. والأهم انها ترى أرضًا فلسطينية أُخرست فيها صوت البندقية للأبد.. وحلّ محلها تطبيع، يعيش فيه الفلسطينيون عبيدًا ما تبقّى من أعمارهم للإسرائيليين.
وفي الختام، فإن التجربة أثبتت ان الإسرائيلي والأمريكي لا يؤمن وعده، وان المُلام الوحيد هو الاحتلال، وأنه هو من يتوجب عليه إيقاف الحرب وليس أحدا غيره.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=85506