تحقيق صحفي: السلطة تجسست بشكل واسع على هواتف المواطنين وانتهكت خصوصيتهم

تحقيق صحفي: السلطة تجسست بشكل واسع على هواتف المواطنين وانتهكت خصوصيتهم

رام الله – الشاهد| كشف تحقيق صحافي، عن أن الجهات الرسمية في السلطة تجسست بشكل واسع على هواتف المواطنين وقامت بجمع معلومات بطريقة غير قانونية بالاشتراك مع شركات الهاتف المحمول العاملة في الأراضي الفلسطينية.

 

وأظهر التحقيق الذي أعدّه الصحافيان فراس الطويل وبثينة سفاريني، أن النيابة العامّة التابعة للسلطة طلبت من شركات الاتصال العامة والإنترنت الحصول على معلومات تخصّ مشتركين في قضايا تحقيقية مختلفة، بواقع 26 ألف مرة خلال عام 2021.

 

وأشار التحقيق الى ما حدث خلال الاحتجاجات الشعبية، التي أعقبت اغتيال الناشط السياسي نزار بنات، العام الماضي، من سرقة هواتف المتظاهرين والصحافيين على نطاق واسع، وقد جرى التركيز على سرقة هواتف الصحافيّات والمتظاهرات النساء بشكل خاص.

 

وأفاد أنه تمّ في وقت لاحق نشر صور خاصّة جدًّا لهن محفوظة في هواتفهنّ وتعميمها على بعض مواقع التواصل الاجتماعي وتعرّضت بعضهنّ للابتزاز والتّهديد لثنيهنّ عن الخروج في الاحتجاجات أو تغطيتها.

 

ملاحقة النشطاء

وذكر التحقيق أنه رغم ملاحقة النيابة العامة العسكريّة لأحد المتّهمين بسرقة هاتف إحدى المتظاهرات وبيعه، إلا أنّ محدوديّة إجراءات المساءلة في هذا الملف بقيت واضحة، ما يتطلّب من أجهزة إنفاذ القانون، وعلى رأسها النيابة العامة، اتّخاذ إجراءات جدّية لملاحقة المتورطين.

 

ونقل التحقيق عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، تأكيدهم أن الخلل يكمن في نصوص القوانين الفلسطينية، الناظمة لحالات التّدخل في الخصوصيّة، بإسقاطها لشرط الأمر القضائي المسبِّب للتّفتيش أو الضّبط، واكتفائها فقط بمذكّرة التّفتيش والضّبط، الصّادرة عن النّيابة العامّة، أو عن النّائب العام، أو أحد مساعديه، بحسب الأحوال.

 

وكشف التحقيق عن وجود قرار في قانون الجرائم الإلكترونية أعطى النيابة العامة صلاحية ضبط الأجهزة الإلكترونية، وصلاحية تفتيشها لمدّة غير محدّدة، وصلاحية بضبط كامل نظام المعلومات، أو جزء منه، والوسيلة التي تحتويه.

 

كما أكد التحقيق أن الشركات التي تقدم الخدمة للمواطنين لا تستطيع رفض طلبات الجهات الرسمية بالتجسس على الهواتف، رغم أن بعض الطلبات تمت بشكل شخصي ودون مسوغات قانونية.

 

وكشف التحقيق عن قيام رئيس هيئة مكافحة الفساد السّابق أحمد براك طلب الشّركات المزوّدة للخدمة معلومات عن مشتركين، رغم عدم وجود صلاحيّة له بطلب ذلك، وتمكن براك من الحصول على تلك المعلومات التي اتضح أنها تخصّ موظفين في الهيئة التي يرأسها.

 

إشكالات قانونية

ونقل التحقيق عن منسّق أعمال مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، محمود الإفرنجي، أن هناك إشكالية فيما منحته بعض النصوص القانونية، من صلاحيات للأجهزة الأمنية، في التّدخل في الحياة المدنية.

 

وذكر على لسان الافرنجي أنه يوجد قرار يعطي لكل الأجهزة الأمنية صلاحية إنشاء وحدات متخصّصة تسمى "وحدة الجرائم الإلكترونية" بشرط ان يتم مراقبتها من النيابة العامة، لكن تلك الرقابة تغيب تماما وتفعل تلك الأجهزة ما يحلوا لها.

 

وأشار التحقيق الى ما أعلنت عنه شركة فيسبوك العام الماضي، من أن قسم اعتراض التّهديدات التابع لها أحبط أنشطة تجسس منفصلة على مستخدمين للموقع، إحداها تابعة لجهاز الأمن الوقائي، والأخرى تعرف باسم الأفعى القاحلة، واستهدفت معارضين وصحافيين وحقوقيين وموظّفين رسميين فلسطينيين وعربًا مدنيّين وعسكريين وأعضاء في حركة فتح.

 

كما نقل التحقيق عن الباحث في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار جاموس، قوله إن شركات الاتّصال والإنترنت الفلسطينيّة تفتقر للشّفافية، بملف خصوصيّة المشتركين وبياناتهم، وبالدرجة نفسها تبدو الشفافية غائبة لدى الجهات الحكومية والأجهزة الرسمية في فلسطين.

 

وكشف جاموس عن أن الهيئة استقبلت مئات الشكاوى، من مواطنين حول خضوعهم لتدخّلٍ غير قانوني، في خصوصيّتهم من خلال التّفتيش الشّخصي، وتفتيش المساكن والأجهزة الإلكترونية من دون أن تكون هنالك مذكرة قانونيّة، صادرة عن النّيابة العامّة تأذن بالتفتيش.

 

وحدات أمنية

وتنشط وحدات تعمل بوتير عالية داخل جهازي الامن الوقائي والمخابرات العامة، برعاية واحتضان من قادة تلك الاجهزة ومن خلفهم كل المنظومة الأمنية، بل إن سباقا خفيا يدور بينهما حول من لديه القدر الأكبر على جمع المعلومات عن المواطنين وابتزازاهم.

 

وكان عدد من النشطاء اشتكوا في وقت سابق من قيام أجهزة السلطة باختراق هواتفهم وحساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً أولئك الذين تم اعتقالهم سياسياً لدى تلك الأجهزة ومصادرة هواتفهم والعبث بمحتوياتها.

 

وأكد الأسير المحرر سفيان جمجوم من مدينة الخليل، الجهة التي نفذت الاختراق لهاتفه قامت بتغيير الرقم السري، وهو الأمر الذي تكرر معه أكثر من مرة وأثر على عمله وحياته الشخصية.

 

من جانبها قالت الناشطة الحراكية الناشطة الحراكية إسلام الفايز من مدينة رام الله أن مجهولين قاموا بإنشاء حساب على تطبيق تلغرام برقم هاتفها الشخصي، وهو ما دفعها للنشر عبر صفحتها على موقع الفيسبوك أن جهة مجهولة استخدمت رقم هاتفها الشخصي في إنشاء حساب على أنه يتبع لها، ولا تدري حتى اللحظة ما هي مهمته وما المراسلات التي تجري من خلاله.

 

سرقة للبيانات

وكان موقع فيسوك كشف في أبريل من العام الماضي، عن قيام مجموعات تابعة لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية بعمليات قرصنة واختراق استهدفت شخصيات معارضة للسلطة الفلسطينية في الضفة، وكذلك شخصيات في العديد من الدول وتحديداً في سوريا وتركيا ولبنان.

وقال فيسبوك في تقرير معلوماتي نشره، إن المجموعات المكتشفة تعمل من الضفة الغربية واستخدموا برمجيات خبيثة منخفضة التطور ومتخفية بشكل تطبيقات دردشة آمنة للتسلل إلى أجهزة أندرويد وجمع المعلومات منها، بما بذلك سجلات المكالمات والموقع وجهات الاتصال والرسائل النصية.

 

وأوضح الموقع أن المخترقين استخدم روايات كاذبة تنتحل في المقام الأول شخصيات لفتيات من أنصار حماس وفتح ومختلف الفصائل والصحفيين والناشطين من أجل بناء الثقة مع الأشخاص الذين استهدفتهم وخداعهم لتثبيت برامج ضارة.

 

وأشار التقرير إلى ما أسماه عمليات التجسس السيبراني التي ترعاها السلطة التي يعتقد أن دوافعها سياسية من قبل ما يسمى مجموعة "Arid Viper".

 

من جانبه، قال مايك دفيليانسكي، رئيس إدارة تحقيقات التجسس الإلكتروني في فيسبوك، لوكالة رويترز قبل نشر التقرير إن أساليب الحملة كانت بسيطة، مضيفاً: جهاز الأمن الوقائي كثف أنشطته خلال الأشهر الستة الماضية ونشر حوالي 300 حساب مزيف أو مخترق لاستهداف ما يقرب من 800 شخص بشكل عام.

 

وقالت فيسبوك إنها أصدرت تحذيرات فردية للمستخدمين المعنيين عبر منصتها وأزالت الحسابات المزيفة، فيما قامت بإرسال برمجيات لتدمير الروابط والبرامج الخبيثة التي روجتها المجموعات المرتبطة بجهاز الأمن الوقائي.

 

التقرير ذكر أن المجموعات استخدمت أكثر من 100 موقع ويب لاستضافة برامج ضارة لنظامي التشغيل iOS وAndroid، أو محاولة سرقة بيانات الاعتماد بالتصيد الاحتيالي أو تعمل كخوادم قيادة وتحكم.

 

 

إغلاق