كاتب: غياب السلطة عن بروقين جريمة وأمنها جدار صد عن “إسرائيل”
رام الله-الشاهد| قال الكاتب السياسي إسماعيل الريماوي إن غياب السلطة الفلسطينية بكل أذرعها ومؤسساتها عن اعتداءات جيش الاحتلال ومستوطنيه في بلدة بروقين غربي مدينة سلفيت شمالي الضفة الغربية المحتلة جريمة أشد.
وأوضح الريماوي في مقال أن غياب السلطة يصرخ في وجهنا أكثر من صراخ الأطفال المذعورين، غياب لا يبرره عجز ولا تُغسله بيانات التنديد، غياب مرٌّ كالمحتل، بل أشد.
وبين أنه وفي عتمة الليل، كانت بروقين ككثير من قرى الضفة تغفو على جراحها، تتنفس الخوف بصمت، لكنها لم تكن تعلم أن فجرها سيُولد من لهب، اقتحم المستوطنون البلدة كقطعان مسعورة، مدججين بالحقد، محصنين بجنود الاحتلال، مدفوعين بعقيدة الحرق والإبادة، لم يطرقوا بابًا، بل كسروا النوافذ، سكبوا البنزين، وأشعلوا النار بالبيوت والمركبات والأشجار والذاكرة والكرامة.
وأوضح أن بروقين التي أنهكها اقتحام متواصل تجاوز 9 أيام، لم تكن سوى حلقة جديدة في سلسلة النار التي تمدها “إسرائيل” فوق الأرض الفلسطينية، لكن هذه المرة، لم تكن النيران وحدها الجريمة، بل كان الغياب أيضًا جريمة.
وتساءل الريماوي: “متى أصبح الوطن بلا حارس؟ متى صار الفلسطيني مطاردًا من كل الجهات؟ من مستوطن يسعى لقتله، وجندي يحرس القاتل، وسلطة تلاحقه إذا حاول الدفاع عن نفسه؟ من هاجموا بروقين ليسوا خارجين عن القانون”.
وبين أن القانون ذاته غائب في أرض يهيمن عليها الاحتلال، بل هم أداة تنفيذ لمشروع استيطاني يريد تهجير شعب بأكمله، لا عبر مجازر جماعية كالنكبة الأولى، بل بحرق البيوت، والرعب الليلي، والزحف التدريجي الذي يفرّغ الأرض من أصحابها.
ولفت إلى أن بروقين لم تُحرق وحدها، بل احترق معها وهم الأمان، وبقايا الثقة، والاعتقاد أن هناك من سيحمي الفلسطيني حين يصرخ. ننظر حولنا فلا نجد سوى غياب مدوٍ لمن يفترض أنهم الحماة.
وأشار الريماوي إلى أن أجهزة أمنية تملأ المدن، تراقب الأنفاس، وتعتقل الكلمة، لكنها تتوارى حين يُحرق بيت في بروقين، أو يُهاجم مزارع في بورين، أو يُضرب طفل في حوارة. إنها ليست أجهزة أمن، بل جدران صمت تمنع الفلسطيني من الدفاع عن نفسه وتتركه يواجه الموت عاريًا.
وأكد أن المقاومة التي تطاردها السلطة، وتريد نزع سلاحها، هي ما تبقى للفلسطيني من كرامته، ذلك الشاب الذي يُعتقل لأنه رفع صوته أو حمل حجرًا أو كتب منشورًا، ليس مجرمًا، بل ابن هذا الحريق، حارس الأرض التي تُحرق كل ليلة، ودرع القرى في وجه الطوفان القادم.
ونوه إلى أنه إذا لم توقظ حرائق حوارة وبروقين الضمير الرسمي، فمتى؟ هل ننتظر احتراق نابلس ورام الله؟ هل ننتظر طرد الفلاح الأخير من أرضه؟ هل نصبح كلنا نازحين في وطن يُباع بتنسيق أمني وصفقات لا ترى النار إلا حين تشتعل في كراسيها؟
ورأى أن بروقين اليوم ليست مجرد قرية تحترق، إنها مرآة لفلسطين كلها: بيت يتهاوى، وطفل يبكي، وأب ينبش الركام بحثًا عن الأمل ، وكل من لا يتحرك، لا يصرخ، لا يغضب، هو شريك في الجريمة، ولو بصمته ، لأن الصمت أمام الحريق خيانة، ولأن الخوف زمن الإبادة خيانة أكبر.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=88788