“رايتس ووتش” و”محامون من أجل العدالة” تكشفان تفاصيل صادمة للتعذيب بسجون السلطة

“رايتس ووتش” و”محامون من أجل العدالة” تكشفان تفاصيل صادمة للتعذيب بسجون السلطة

رام الله – الشاهد| أعلنت مؤسسة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، عن رفعها مذكرة دولية بالاشتراك مع مجموعة محامون من اجل العدالة، إلى "لجنة مناهضة التعذيب"، تكشف فيها تفاصيل صادمة عن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون السياسيون في سجون السلطة.

 

وقالت هيومان في تصريح لها على موقعها الالكتروني، إن هذه المذكرة تعطي لمحة عامة عن العديد من بواعث القلق الرئيسية لدي المجموعتين الحقوقيتين فيما يتعلق بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة والإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات الجسيمة من قبل السلطات.

 

مذكرة دولية

وأشارت الى أنها مُقدَمة إلى لجنة مناهضة التعذيب قبيل استعراضها الأول لدولة فلسطين في يوليو/تموز 2022، منوهة الى أنها اعتمدت على سنوات من البحث والتوثيق من قبل رايتس ووتش ومحامون من أجل العدالة.

 

وأعرب رايتس ووتش عن أملها في أن تفيد المذكرة لجنة مناهضة التعذيب في تقييم الامتثال لـ "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (اتفاقية مناهضة التعذيب) في فلسطين.

 

وطالبت المؤسسة الجهات الرسمية في السلطة بالإعلان بوضوح أن اتفاقية مناهضة التعذيب، كما صادقت عليها دولة فلسطين دون تحفظات، والتعهد علنا بإنهاء الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإفلات من العقاب من قبل قوات الأمن.

 

كما طالبتها بالكف عن استخدام "الشبِح" والتعهد علنا بعدم استخدام هذا الأسلوب، وغيره من ضروب سوء المعاملة والتعذيب المحظورة، ومحاكمة أي عنصر أمن يمارسه، وأمر المدعين بعدم استخدام الاعترافات والأدلة الأخرى التي ربما حصلوا عليها بالتعذيب، باستثناء استخدامه كدليل ضد التعذيب المزعوم؛

 

وشددت على ضرورة أن يتم التحقيق، بطريقة شاملة، وحيادية وفي الوقت المناسب، في جميع المزاعم الموثوقة بالتعذيب وسوء المعاملة المحظور على أيدي عناصر وضباط الأمن، بغض النظر عن الرتبة أو الانتماء السياسي.

 

محاكمة زبانية التعذيب

وأكدت على وجوب مقاضاة عناصر وضباط الأمن الذين توجد ضدهم أدلة على المسؤولية الجنائية عن التعذيب أو سوء المعاملة المحظور، بما فيها مسؤولية إصدار الأمر، وضمان تقديم جميع مرتكبي الانتهاكات الحقوقية الجسيمة إلى العدالة بغض النظر عن الرتبة أو الانتماء السياسي.

 

كما طالبت بنشر بيانات عن عدد التحقيقات المفتوحة، والقضايا المحالة إلى الملاحقة، وعدد الإدانات على الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن والنتائج الأخرى.

 

وأكدت على أهمية إلغاء مرسوم إنشاء الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب وطرح قانون جديد ينشئ هيئة مستقلة تماما، بما يتماشى مع البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، وأن يعمل فيها موظفون قادرون على العمل بشكل مستقل عن الحكومة.

 

كما طالبت بالقيام بعمليات تفتيش مفاجئة لمواقع الاحتجاز المعروفة والمشتبه بها، الرسمية وغير الرسمية، والتحقيق في شكاوى انتهاكات الأجهزة الأمنية، ومتابعة هذه الشكاوى في المحاكم المدنية، والاحتفاظ بسجل علني للشكاوى الواردة، والتحقيقات، والنتائج.

 

وشددت على ضرورة وقف تسليم الفلسطينيين للجيش الإسرائيلي طالما يوجد تهديد حقيقي بالتعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة المحظور للمحتجزين، ووقف وقف كل أشكال التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال التي تساهم في تسهيل التعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة.

 

وأوضحت أن التعذيب منتشر على نطاق واسع في مراكز الاحتجاز ويشمل أساليب الإساءة اللفظية، والتهديد بالعنف، واستخدام الحبس الانفرادي، والضرب، بما في ذلك الجَلد و"الفَلقة" على باطن أقدام المعتقلين، وإجبارهم على اتخاذ أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، بما في ذلك استخدام الأسلاك أو الحبال لرفع الذراعين خلف الظهر.

 

مسلخ أريحا

ولفتت الى أن قوات الأمن تسيء معاملة المنتقدين والمعارضين وتعذبهم، بما يشمل المحتجزين بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو العمل الصحفي الناقد، أو العضوية في حركة سياسية أو مجموعات طلابية منافسة، وكذلك لانتزاع الاعترافات من أشخاص منهم محتجزون بتهم المخدرات أو غيرها من التهم الجنائية العادية.

 

ونوهت الى أن أجهزة السلطة المتمثلة في المخابرات، والأمن الوقائي، واللجنة الأمنية المشتركة يستخدمون وضعية الشبِح في مراكز الاحتجاز التي تديرها في أريحا، حيث ترسل المحتجزين السياسيين الى هناك بشكل منتظم.

 

ونقلت شهادة عن المعتقل السياسي علاء زعاقيق، التي كشف فيها عن أن المخابرات أجبروه على الوقوف لفترات زمنية طويلة مع فتح ساقيه في وضعية شبه القرفصاء، وفي وقت لاحق، على أصابع قدميه، مع حبل يشد يديه إلى الخلف وتهديده بإطلاق سارحه على كرسي مشلول.

 

كما نقلت شهادة الصحفي سامي الساعي إن عناصر الأمن ربطوا يديه بحبل معلق في سقف غرفة التحقيق وبدأوا بسحب الحبل تدريجيا للضغط على يديه، ما تسبب له بالكثير من الألم لدرجة أنه اضطر أن يطلب من أحد العناصر أن يرفع له بنطاله بعد استعمال الحمام لأنه لم يتمكن من فعل ذلك بنفسه.

 

وأوضحت المؤسسة الدولية إن أصعب عمليات التعذيب تحصل في مركز الاحتجاز التابع للجنة الأمنية المشتركة في أريحا، حيث يُجبر العناصر المحتجزين على الخضوع لوضعية الشبح بشكل منتظم ويضعونهم لفترات طويلة في زنازين انفرادية صغيرة معزولين عن الآخرين.

 

التعذيب بالكهرباء

ونقلت شهادة لأحد المواطنين من مخيم بلاطة، قال فيها إن العناصر الأمنية عرّضوه مرتين للصدمات الكهربائية وفي مرة ربطوا سلك حول قضيبه، وإنه شاهد العناصر يخلعون كتف محتجز آخر، بينما كانت يدا هذا المحتجز مربوطتين خلف ظهره، أثناء ضربه بكرسي، وهي رواية أكدتها أسرة المحتجز الآخر بعد أن زارته في مقر الاعتقال.

 

كما نقت شهادة الصحفي المصور حازم عماد ناصر، حيث قال إن العناصر عرّضوه مرارا إلى الشبح. كما قال إن العناصر ربطوا ذراعيه خلف ظهره عدة مرات وعلقوه على باب الحمام، بما في ذلك مرة لأكثر من ساعة. كما أجبروه على الوقوف وساقاه مفتوحتان ويداه مرفوعتان لدقائق في كل مرة، وضربوه بخرطوم بلاستيكي. أمضى كل أيام احتجازه، باستثناء ثلاثة أيام، في الحبس الانفرادي.

 

وتطرقت المؤسسة في مذكرتها الى ما حصل مع الشهيد المغدور نزار بنات، حيث أشارت الى أنه تعرض للاعتقال والضرب حتى الموت أثناء احتجازه، موضحة أن بنات هو ناقد بارز للسلطة كان قد اعتقل سابقا بسبب نشاطه وكان ينوي الترشح في قائمة مستقلة خلال الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2021 قبل تأجيلها.

 

وأشارت الى أن أجهزة السلطة قمعت التظاهرات التي خرجت رفضا لجريمة اغتيال نزار ينات، حيث فرّقت السلطة بعنف الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالعدالة لمقتل بنات واعتقلت العشرات بسبب تظاهرهم سلميا، وأساءت معاملة هؤلاء المحتجزين.

 

تعذيب متصاعد

أكدت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" أن هناك شكاوى متصاعدة عن التعذيب في سجون أجهزة السلطة، مشيرةً إلى أن القانون الدولي يجرم ممارسات التعذيب، من خلال اتفاقية مناهضة التعذيب التي تحظر ذلك، وأيضًا من خلال قواعد القانون الدولي الإنساني، وكل معايير حقوق الإنسان، التي تجعل من التعذيب جريمة ينبغي محاكمة مقترفيها وإنصاف ضحاياها.

وقال رئيس الهيئة صلاح عبد العاطي في تصريحات صحفية: "تصاعد شكاوى التعذيب في سجون السلطة ناجم عن زيادة الاعتقال السياسي التي تشهده مدن الضفة الغربية".

 

وشدد على أن هناك ارتفاعًا في أعداد المعتقلين على خلفية حرية الرأي والتعبير، فضلًا عن استمرار التعذيب بحق المعتقلين وحرية الرأي بالذات في سجن أريحا.

 

وأوضح أن ذلك كله يتطلب ضغطًا من المجتمع الفلسطيني وكل المؤسسات لوقف الاعتقال على خلفية سياسية، والمساءلة عن جرائم التعذيب بهدف منعها والحد منها.

إغلاق